العدد 788 - الإثنين 01 نوفمبر 2004م الموافق 18 رمضان 1425هـ

الإنسانية في أجمل صورها

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

خلتها قصة تراجيدية أو دراما محزنة قد تموت مع الليل كما تموت الكثير من القصص الانسانية في هذا الزمن البائس. إنها قصة حارس منتخب البحرين علي السعيد، هذا الشاب الجميل الواعد كان ينظر إلى الحياة بعيون ملؤها الأمل وللتو تبسمت له الدنيا لكنه القدر وحكمة الله في خلقه. فقد رزق هذا الشباب وليدته الصغيرة، كانت الفرحة تملأ كيانة لكنه شعر بالحزن والألم لهذه النسمة الصغيرة فهي مصابة بتشوه في عظمة الجمجمة فراح هذا الشباب يطرق كل الأبواب إذ أخبره الطبيب المختص ان الطفلة بحاجة إلى عملية في الخارج. طرق كل الأبواب وكان أولها باب وزارة الصحة وعرض التقارير الطبية على وزارة الصحة لكن لم يحصل على جواب، ذهب هنا وهناك لبعض من المؤسسات الخيرية وكان ينتظر الرد لكن الوقت لم يكن في صالحه، وكانت كلفة السفر مع العملية تقارب 20 ألف دينار. أرسل خطاباً إلى ديوان سمو ولي العهد فأعطي 10 آلاف دينار حمد الله على ذلك وراح يلملم بقية المبلغ... ذهب إلى بعض المحسنين فأعطوه 1500 دينار لكن المبلغ مازال يقصر عن حاجة التكاليف. ولإكمال المبلغ باع سيارته، وباعها بـ 2500 دينار... بقي على اكتمال المبلغ 6000 دينار... جلس علي حزيناً وقلقاً وبين يديه طفلته وهو حائر ماذا يفعل؟

جلس وإذا بالهاتف يرن. الأخ علي سعيد؟ نعم.

- من معي؟

- مواطن إماراتي لا تعرفني لكني من محبي البحرين ومن محبي أهلها.

- تفضل.

- أنا تابعت موضوعك ومشكلة طفلتك التي تحتاج إلى علاج.

- نعم.

- أخ علي أنا على استعداد لسداد بقية تكاليف العلاج... كم تحتاج؟

- المبلغ الآن 14 ألفاً وأحتاج إلى 6 آلاف دينار.

ولا عليك أخي علي سأرسل إليك المبلغ ولا تهتم كلنا معك وان شاء الله تعالج ابنتك وترجع بخير وتقر بها عينك «وإذا قصر عليك أي شي اتصل بي»..

فرح علي بهذه المكالمة الانسانية من شخص لا يعرفه ولم يلتقِ معه في يوم من الأيام ودمعت عيناه. أرسل هذا الإماراتي الانساني المبلغ وفي يوم السبت قبل يومين سافرت ابنة سعيد مع أمها إلى لندن للعلاج والله يرعاها وقلوب المؤمنين والبحرينيين معها تدعو إليها بالرجوع معافاة.

علي سعيد رأيته مصادفة وقص عليّ قصته وكان متأثراً لهذه المواقف الانسانية. ذكر سمو ولي العهد وبعض أهل الخير كذلك موقف هذا الإماراتي النبيل خلف خالد. سألت علياً ما الذي أثر فيك كثيراً من موقف الأخ خلف؟

قال: «يا سيد، الرجل لا يعرفني وعلى رغم ذلك موقفه يفيض انسانية ورحمة وكل يوم يتصل يسأل عن البنت! وكان يصر على عدم ذكر اسمه لولا إلحاحي وإلحاح الصحافة كي يعرف الناس ان الدنيا مازالت بخير وان الانسانية أكبر من كل شي. هنا تكمن الوحدة الحقيقية عندما يكون مسلم بحاجة إلى انقاذ فتمتد إليه الأيدي لإنقاذه.

خلف خالد هو من الطائفة السنية الكريمة. مدّ يده لإنقاذ طفلة رضيعة من الطائفة الشيعية الكريمة ومثل هذه المواقف كثيرة في بيئتنا الاسلامية، لهذا علينا أن نعمل لترسيخ المبدأ الانساني ليسود وعلينا أن نسجل هذه المواقف دائماً فنعلم أبناءنا الشكل الجميل للتسامح والمحبة والسلام في الاسلام. وبقي سؤال مهم: أين هي وزارة الصحة وهل كان علي بحاجة إلى طرق كل هذه الأبواب لينقذ ابنته على رغم وفرة التقارير؟

قبل شهر ونصف الشهر اتصلت أم نورالهدى بعد إجراء عملية زرع القوقعة وكانت في غاية السعادة وتقول: «دعوت لكل المؤمنين الذين وقفوا معي، فابنتي بدأت تسمع دقات عقارب الساعة». قلوبنا مع كل من يساعدون هؤلاء ويصنعون ابتسامة على شفاه من يبتسمون للحياة من موقع الألم وكم هو جميل أن يصبح الألم أملا

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 788 - الإثنين 01 نوفمبر 2004م الموافق 18 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً