العدد 790 - الأربعاء 03 نوفمبر 2004م الموافق 20 رمضان 1425هـ

خلطة عجيبة في مقال بوصفوان

مجيد السيد علي comments [at] alwasatnews.com

.

طالعتنا صحيفة «الوسط» في عددها الصادر يوم السبت الموافق 30 اكتوبر/تشرين الاول الماضي بمقال للكاتب عباس بوصفوان بعنوان «مقاطعات وتعليقات وانسحابات» تناول فيه موضوع استقالة القاضيين في محكمة الاستئناف العليا الشرعية الجعفرية، وإعلان المجلس البلدي الشمالي تعليق جلساته بسبب الحال التي وصلت إليها علاقة المجلس بالجهاز التنفيذي من عدم الانسجام والتعاون.

وقد لوحظ في المقال المذكور الكثير من خلط الأوراق والموضوعات وذلك بسبب رؤية في مخيلة الكاتب لا ندري الأسباب والحيثيات التي استند عليها لبلورتها بحيث جعل من تلك الرؤية ما يشبه النظرية، أو ربما أوصلها إلى درجة الحقيقة المسلّمة والتي وصفها بأنها «ثقافة عامة تسود البلد...». ويواصل الكاتب تأكيد نظريته بربط القضيتين بموضوع مقاطعة الانتخابات النيابية السابقة. ونحن إذ نثمن جهود الأخوة في الصحافة والدور الحيوي الذي يضطلعون به، فإننا لا نفهم هذا الخلط في الأوراق، ومحاولة تطويع كل حدث هنا أو هناك ليصب في مجال تأكيد نظرية يتبناها هذا الكاتب أو ذاك، وفي الوقت الذي نؤكد فيه حرية التعبير واحترام جمـيع الآراء، فإننا نتطلع إلى مقالات موضوعية غير مبتسرة تلامس الحقيقة أو على أقل تقدير تبحث عنها، وهذا ما لم ينله الكاتب من التوفيق في هذا المقال بالذات.

إننا لسنا في صدد شرح الأسباب ودواعي استقالة القاضيين، إذ نعتقد ان ذلك الموضوع يخصهما وهما المعنيان به، إلا اننا نرفض تماماً ما ذهب إليه الكاتب من ربطٍ بين موضوعهما وتعليق المجلس البلدي لجلساته ومحاولة تجميع كل الحوادث والتطورات على الساحة في إطار ما أسماه بثقافة عامة حسبها طابعاً للشارع التشريعي وممثليه في المجالات المختلفة. ولن نستغرب إذا واصل الكاتب في هذه النظرية لنجد أن قرار الأخوين حبيل الذهاب إلى قطر واللعب في أحد أنديتها أيضاً جزء من ثقافة الانسحابات التي وضع أسسها الأخ الكاتب!

لقد دخلنا التجربة البلدية عن قناعة تامة ووعي، رغبة منا في المشاركة في دفع مشروع جلالة الملك الإصلاحي، وكما يعلم الجميع فإن مجال العمل البلدي لا يقدم الامتيازات أو الإغراءات التي تغري الكثير، فيمن شاركوا في هذا المجال أو ذاك من مجالات المشروع. وإصرار أعضاء المجلس البلدي على تفعيل دورهم ما هو إلا انعكاس لرغبتهم الكبيرة في خدمة من انتخبهم ومن لم ينتخبهم ممن يعيش في مناطقهم، وتعليق الجلسات ما هو إلا استخدام إدارة مشروعة للفت نظر المسئولين لمشكلات المجلس البلدي مع الأجهزة التنفيذية المختلفة وعلى رأسها الجهاز التنفيذي في البلدية نفسها.

وفي هذا المجال فإن المجلس البلدي ولجانه ومشاركاته مع كل الجهات الرسمية مستمرة بل وزادت كثافة وذلك من خلال التوجيه العلمي الذي يقضي بأن تستثمر الجهود في المجالات الأكثر عطاءً مع الجهات الأكثر تجاوباً.

إننا باقون في المجالس البلدية نتحمل أعباء تأسيس مرحلة نؤمن بأنها من الأهمية بمكان على رغم العمل في بيئة محتقنة ومحبطة، إلاّ اننا ندرك أن مسئوليتنا الوطنية والشرعية هي دفع العربة للأمام بكل ما أوتينا من قوة، وإذا لم نستطع فإننا بالتأكيد لن نتراجع بها للوراء أبداً، لأن العمل البلدي وخصوصاً في مرحلة التأسيس - التي لنا الشرف في القيام بأعبائها - يحتاج إلى درجة كبيرة من الإخلاص والتفاني لا تتوافر فيمن يتطلع إلى امتيازات وتقاسم غنائم.

لذلك فإننا نرفض ما ذهب إليه الكاتب من ربط لا أساس ولا مبرر له والذي جاء به تأكيداً لنظريته الآنفة الذكر، ونحن إذ لا ننكر على الكاتب العزيز محاولاته المعروفة لتنظير الساحة السياسية وحوادثها، فإننا نحذر من مثل هذه التنظيرات، وخصوصاً إذا ما جاءت في ظروف غير طبيعية تعيشها الساحة، ما يجعل مثل هذه الاجتهادات غير المفهومة عاملاً مساعداً لمزيد من الاحتقانات والحساسيات التي نعتقد جازمين اننا لسنا بحاجة للمزيد منها في زمن كثرت فيه الاجتهادات والتنظيرات غير المحسوبة العواقب...!

إنه الوطن أيها السادة، أمام مصلحته تتوقف كل القناعات والمصالح، وإذا ما كانت هناك من ثقافة نسعى لتفاصيلها فلتكن ثقافة التحلي بالمسئولية على مستوى الكلمة والفعل، المنطلقة من رؤية بعيدة في أجواء هادئة متحررة من كل عوامل التشنج والشحن... التي تعودنا أن نرى اسقاطاتها على ما يطرح هنا وهناك..

إقرأ أيضا لـ "مجيد السيد علي"

العدد 790 - الأربعاء 03 نوفمبر 2004م الموافق 20 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً