العدد 794 - الأحد 07 نوفمبر 2004م الموافق 24 رمضان 1425هـ

الخرطوم دوّلت النزاع والحل ببناء نظام ديمقراطي

«قضية دارفور» موضوع ندوة في الرباط:

المصطفى العسري comments [at] alwasatnews.com

شكّلت الأزمة المشتعلة في إقليم دارفور غربي السودان محور ندوة شهدها مقر نادي الصحافة في الرباط، بمشاركة من وكالة «الأولى» السودانية للخدمات الصحافية وتنظيم الملتقيات، وتم خلالها تسليط الضوء على أسباب هذا النزاع الذي يشهده الغرب السوداني والتطورات التي يعرفها وآثاره المستقبلية على المنطقة العربية.

وفي هذا الإطار قدم سفير السودان في المغرب أحمد المكي في عرضه نظرة موجزة عن الجذور التاريخية للصراع في دارفور، الذي انطلق من نزاع قبلي تقليدي بشأن الزراعة والرعي ليتحول نتيجة عوامل داخلية وخارجية إلى صراع سياسي مسلح بين الحكومة المركزية في الخرطوم وفصائل متمردة تقودها كل من حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة وذلك منذ العام 2003.

وأوضح أن الحركتين معاً شنتا هجمات مشتركة على مراكز الشرطة والقوات الحكومية بلغت أوجها في أبريل/ نيسان من العام 2003 واتهمتا حكومة الخرطوم بممارسة سياسة التطهير العرقي، مشيراً إلى أن الوضع الإنساني في دارفور تفاقم بعد أن خرق المتمردون اتفاق وقف إطلاق النار من أجل الضغط على الحكومة، إلا أن هذه الأخيرة كانت مضطرة إلى تعقب المتمردين وملاحقتهم بهدف احتواء أي تطور سلبي للوضع الإنساني في المنطقة.

وشدد السفير على أن التدخل العسكري في دارفور لم يكن «بهدف تنفيذ خطة ممنهجة للإبادة العرقية بدليل أنه لم يتم لحد الآن العثور على مقابر جماعية»، مشيرا في هذا الصدد إلى أن التقارير التي أعدتها الفرق التابعة للاتحاد الإفريقي أو جامعة الدول العربية التي زارت المنطقة لم تشر إلى أي شيء من هذا القبيل، مضيفاً أن هذا «الادعاء اختلقته وسائل الإعلام الغربية والأميركية على وجه الخصوص لتبرير تدخل الولايات المتحدة في إقليم دارفور الذي يزخر بثروات طبيعية مهمة».

وخلص السفير السوداني في نهاية تدخله إلى القول إن «قضية دارفور يجب حلها في إطار البيتين الإفريقي والعربي، برعاية من منظمة الاتحاد الإفريقي، وجامعة الدول العربية»، مشيراً إلى «أن الدور الدولي ممثلاً في الأمم المتحدة يتعين أن يكون في إطار مساعدة الاتحاد الإفريقي وفي أداء المهمات الإنسانية من خلال تقديم الدعم والمؤازرة إلى اللاجئين فحسب».

من جهته ركز الباحث المغربي الأستاذ في جامعة محمد الخامس ميلود بلقاضي مداخلته بخصوص النزاع في دارفور على قرار مجلس الأمن رقم 1564 الصادر بتاريخ 30 أغسطس/ آب الماضي والذي يهدّد السودان بفرض عقوبات نفطية إذا لم تفِ بتعهداتها المتعلقة بحل «ميليشيات الجنجويد» العربية ونزع سلاحها، منتقداً الصوغ الذي أتى بهذا القرار على اعتبار أنه يضع في كفة واحدة الحكومة السودانية والمتمردين.

وسجل الباحث المغربي أن القرار صدر «بصورة سريعة وبإيعاز من الولايات المتحدة الأميركية من دون المرور بالقنوات السلمية كالتفاوض والتحقيق والاستماع إلى جميع فرقاء النزاع، وبالتالي فإن هذا القرار لا يحترم الفلسفة العامة التي أسس عليها ميثاق الأمم المتحدة»، مبرزاً أن الحكومة السودانية استفادت من المثال العراقي، إذ عمدت إلى «تدويل المشكلة في إطار إفريقي عربي مسلم».

أما الباحث المغربي المتخصص في شئون الجماعات الإسلامية في العالم العربي محمد ظريف فاستنتج في تحليله لقضية دارفور أن هذا النزاع جاء نتيجة ما وصفه بـ «التكالب الدولي» الذي استغل التناقضات الداخلية في السودان «من أجل مصالحه الاستراتيجية والاقتصادية»، مبرزاً أن قضية إقليم دارفور على غرار عدد من بؤر التوتر مرتبطة بسياق دولي يتمثل في وجود أحادية قطبية متوحشة تريد بسط سيطرتها على العالم كله من خلال احتكار صناعة القرار في مجلس الأمن الدولي.

ويرى الباحث ظريف أن حل مشكلة دارفور مرتبط بقضيتين، الأولى تتمثل في تحصين الجبهة الداخلية للسودان من خلال بناء صرح نظام ديمقراطي واحترام الاختلاف والرأي الآخر، والثانية الاستفادة من التنوع الثقافي والعرقي واللغوي لمختلف المناطق السودانية لتحقيق التنمية وإعادة النظر في العلاقة بين الدين والدولة

العدد 794 - الأحد 07 نوفمبر 2004م الموافق 24 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً