العدد 810 - الثلثاء 23 نوفمبر 2004م الموافق 10 شوال 1425هـ

فيلم كرتوني لا علاقة له بالأطفال

«حكاية قرش» shark Tale

منصورة عبد الأمير mansoora.amir [at] alwasatnews.com

النجاح و«الابهة» اللذان حققتهما دريم ووركس بعد عرضها لفيلم Shrek بجزئيه، وتربع هذا الفيلم بجزئه الثاني خصوصاً - على قمة إيرادات شباك التذاكر في جميع أنحاء العالم، جعل هذه الشركة الوليدة ان قارناها بديزني مثلاً - على القمة بين الشركات المنتجة لبرامج الأطفال، وجعل منها الأولى والأفضل والأقدر على مخاطبة عقول الأطفال في جميع أنحاء العالم وتسليتهم.

ولأن لكل شيء في هذا الكون وجهين، كذلك فإن للنجاح وجهاً إيجابياً مشرقاً وآخر سلبياً حاداً، وفي حالة دريم ووركس هذه فإن الوجه السلبي لنجاحها المذكور هو انها دخلت مرحلة التحدي في ان تكون انتاجاتها التالية بالمستوى نفسه ان لم يكن أفضل، وهي المرحلة التي يدخلها جميع من يقعوا في شرك مثل هذا النجاح الكاسح، ولعل أوضح صور هذا الوجه السلبي بدت لي واضحة يوم أمس أثناء مشاهدتي لآخر أفلام دريم ووركس (حكاية قرش Shark Tale).

حكاية قرش... حكاية إرادات دريم ووركس من خلالها ان تقول لأطفالنا لا تكذبوا لأن حبل الكذب قصير، ولا تنسبوا لأنفسكم بطولات ليست من صنعكم. هذا كلام جميل لا غبار عليه لكن أن ينصح الأطفال بأن يكونوا كرئيس العصابة، فهو على رغم كل أعماله الإجرامية الا انه منصف إلى حد كبير، أو كابنه القرش الصغير «شديد الليونة»! أو كالسمك الصغير الذي يهرب من المدرسة ليقضي وقته في الكتابة على جدران المنازل!

ما الذي يجري؟ الا يفترض بأفلام الكارتون ان تكون هادفة مربية، ثم أليس صحيحاً ان جميع الشعوب والأمم بمختلف ثقافاتها وأديانها ومناهجها تتفق في ضرورة تعليم الأطفال الأخلاق الحسنة والنهج السليم الذي يتوافق مع الفطرة البشرية السليمة وبعض الأعراف الشائعة بين جميع المجتمعات!

فيلم دريم ووركس «حكاية قرش» يتناول حكاية أوسكار (صوت ويل سميث)، السمك الثرثار الذي يعيش في أحد الشعب المرجانية، ويعمل في محطة لغسيل الأحوات، ويتمنى أن يأتي اليوم الذي يتمكن فيه من الوصول إلى أعلى الشعب وإلى السطح حيث الحياة الراقية.

ولكي يفعل أوسكار ذلك، عليه أولاً ان يتخلص من ديونه، لكنه لم يكن يعرف ان الفرصة ستأتيه على طبق من ذهب وذلك حين يعتقد جميع سكان المرج انه «قاتل أسماك قرش». وأوسكار لا يألو جهداً في استثمار هذه الفرصة ليصبح بين ليلة وضحاها بطلاً تدور حوله الحكايات ويتناقل الإعلام أخباره، وتعلق صوره في كل مكان و... تتنافس الفتيات لنيل قلبه، ليجد نفسه أحد أطراف مثلث حب لا يتمكن من الخروج منه بسهولة.

سعادة أوسكار لا تدوم وذلك حين يقع في شر أعماله، ويصبح بسبب أكاذيبه المطلوب الأول من قبل رئيس عصابة القروش لينو (صوت روبرت دنيرو)، وتتطور الحوادث حتى تصل إلى عقدتها حين يحدث اللقاء بين أوسكار ولينو، والتي تؤدي إلى نهاية سعيدة تتصالح فيها القروش مع باقي أسماك البحر.

الفيلم يحمل إشارة واضحة إلى فيلم السبعينات الشهير The Godfather (1972) فزعيم العصابة «لينو» أو روبرت دنيرو هو بكل بساطة مارلون براندو، ولا أعرف حقاً كيف جاءت هذه الفكرة المعتوهة في عقل كتاب قصة الفيلم، إذ كيف تصوروا أن تصل تلميحاتهم تلك لعقول الأطفال، وهي تلميحات يصل عمرها إلى 32 عاماً، مع العلم انها تعتبر أوضح ما جاء في الفيلم، فكيف الحال بالتلميحات الأخرى لأفلام أو لشخصيات أخرى، ثم إذا كان هذا الأمر قد حقق نجاحاً في فيلم شريك فذلك لا يعني إمكان استخدامه واستثماره في اي فيلم آخر!

كذلك كيف تتصور دريم ووركس ان يتفاعل الأطفال مع قضية أوسكار المثقل بالديون الذي يراهن بالمال على جواد سباق خاسر، أو حتى قضية مثلث الحب الذي يشترك فيه أوسكار مع انجي (رينيه زيلويغر) زميلته في العمل التي تحبه بصمت، ولولا (انجلينا جولي) الفاتنة التي تتقرب إليه طمعاً في ماله وحباً في شهرته، ونراها وهي تحاول جاهدة إغراءه وإيقاعه في شباك حبها!

فيلم للأطفال لكنه لا علاقة له بهم، ولا بعالمهم، لم تنجح فيه دريم ووركس هذه المرة، والأدهى من ذلك انها جاءت لتنقل الأطفال إلى عالم سبق ان قامت بيكسار بأخذهم إليه في فيلمها الشهير «العثور على نيمو Finding Nemo»، والأخيرة حين أخذتهم إليه اطلعتهم على عالم ساحر جميل يبهج النظر، وليس عالم من الخيال ومدينة بشرية تمتلئ بالأسماك وتقع وسط الشعب المرجانية.

اقتباس غير موفق، وسيناريو لا علاقة له بالطفولة والأطفال، ويزداد الأمر سوءاً حين نشاهد أداء ويل سميث الصوتي، وحين نلمس مدى التصنع فيه، وهو تصنع ما كان سميث الرائع الكوميدي بحاجة اليه.

الطامة الكبرى تتبدى في أشكال الشخصيات التي تشبه إلى حد كبير مؤديها من الممثلين، فأوسكار يبدو كرسم كارتوني مضحك لويل سميث، ولينو يحمل حبة الخال التي يحملها روبرت دنيرو، أما لولا فتشبه انجلينا جولي إلى حد كبير. اهو فيلم كارتوني موجه للأطفال، أم انه استعراض لوجوه الممثلين وأصواتهم!

برأيي الشخصي، اخفقت دريم ووركس وعليها ان تراجع نفسها في المرات المقبلة، أما فيما يتعلق باستمتاع الأطفال بمشاهدة الفيلم فلم ألمس ذلك خلال زيارتي، أو من جانب أطفالي على الأقل، لكنه على أي حال فيلم مناسب ربما للمراهقين، وحتماً ممتع للبالغين ومحبيThe Godfather .


Shark Tale (2004)

أداء: ويل سميث، روبرت دو نيرو، رينيه زيلويغر، انغلينا جولي، مارتين سكورسيسي، جاك بلاك.

كتابة النص: روب ليترمان، مايكل ويلسون.

إخراج: بيبو بيرغيرون، فيكي جينسون، روب ليترمان

إقرأ أيضا لـ "منصورة عبد الأمير"

العدد 810 - الثلثاء 23 نوفمبر 2004م الموافق 10 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً