العدد 2813 - الأربعاء 19 مايو 2010م الموافق 05 جمادى الآخرة 1431هـ

مرحمة: الترجمة تستدعي خصوصية النص الشعري وطابعه السيميائي

في برنامج «مسامرات ثقافية» الذي يبث على «الوسط أون لاين» اليوم

«الترجمة تستدعي خصوصية النص الشعري وطابعه السيميائي. فلكل نص طابعه السيميائي الذي يميزه عن غيره ويكون حاضراً في الترجمة؛ إذ من الطبيعي أن يحتوي النص المترجم على علامات تختلف عن النص الأصلي. وإن الكثير من اللغويين والنقاد يميزون النص الشعري عن بقية النصوص لوجود الانحرافات اللغوية من المجاز والرمز والأهم الطابع السيميائي للنص» هذا ما ذهب إليه الأكاديمي بجامعة البحرين أستاذ اللغة الإنجليزية، حسن مرحمة في برنامج «مسامرات ثقافية» وذلك على هامش صدور كتابه «انثولوجيا الشعر البحريني المعاصر» باللغة الإنجليزية.

هل لك أن تعطي قراء «الوسط» تعريفاً موجزاً عن الكتاب كبطاقة تعريفية - من العنوان مروراً بالطبعة والناشر وعدد الصفحات وموضوع الكتاب؟

- عنوان الكتاب باللغة العربية هو «الأصوات: الانثولوجيا التعليقية للشعر البحريني المعاصر» ويكتب باللغة الانجليزية:

Voices: An Annotated Anthology of Contemporary Bahraini Poetry

ويقصد بالتعليقية الحاشية التفسيرية وذلك نظرا لوجود ملاحظات على شكل حواشٍ كثيره في الكتاب. وهذا بالطبع يعني أن الكتاب لا يحتوي فقط على الأشعار المترجمة، بل أيضاً تعليقات أدبية ونقدية، وكذلك تاريخية وثقافية.

وينقسم الكتاب إلى الأجزاء التالية:

أولا: مقدمة للمترجم، وقد حاولت في هذا الجزء أن أشرح للقارئ الصعوبات التي تواجه المترجم وخاصة عند ترجمة النصوص الشعرية والميزات الأدبية التي يتميز بها النص الشعري مقارنة بالنصوص الأخرى وكذلك دور القارئ في تفسير النص. وأيضا تطرقت إلى المسارات المختلفة التي حدثت للشعر البحريني نتيجة عوامل سياسية وفكرية.

ثانيا: مقدمة لعلوى الهاشمي.

ثالثا: قائمة الشعراء وتشمل 31 شاعرا وشاعرة بحرينية منذ الحرب العالمية الثانية.

رابعا: السيرة الذاتية المختصرة لكل شاعر وشاعرة.

ويحتوى الكتاب على 155 صفحة وتم نشره في الولايات المتحدة الأميركية وهو متوافر الآن عبر الانترنت فيwww.amazon.com ومحلياً في محلات جشنمال.

ما أهم الموضوعات التي عالجتها في فصول الكتاب وأهم الشعراء الذين ترجمت لهم؟

- حاولت أولا أن أقسم الكتاب زمنيا ومن ثم موضوعياً ليلائم التحليل النقدي الذي قام به الناقد علوي الهاشمي. فبدأت بالشعراء الرومانسيين ثم الواقعيين وما بعد الرومانسيين وهذا التقسيم يعكس بالفعل الموضوعات المتعددة التي يعالجها الشاعر البحريني مثل حب الوطن والحنين للماضي وحب الطبيعة والغضب والظلم ودور المرأة والموت والنصر وغيرها من الموضوعات. وطبعا قمت باختيار الشعراء حسب الفترات الزمنية وبدأت برائد الشعر البحريني المعاصر ابراهيم العريض وذلك لوجود ملامح رومانسية واضحة في أشعاره تذكر القارئ الناطق بالإنجليزية بالشعراء الرومانسيين الإنجليز مثل وليم وردزورث. وبعده كل من: أحمد محمد الخليفة، وعبدالرحمن رفيع، وأحمد الشملان، ويوسف حسن، وعلي عبدالله خليفة، وعلوي الهاشمي، وحمدة خميس، وعبدالحميد القائد، وعلي الشرقاوي، وإبراهيم بوهندي، وقاسم حداد، وسعيد العويناتي، ويعقوب المحرقي، وإيمان أسيري، وسلمان الحايكي، وفتحية العجلان، ونبيلة زباري، وأحمد مدن، وفوزية السندي، أحمد العجمي، وكريم رضي، وجعفر الجمري، وفاطمة التيتون، وإبراهيم شعبان، وحسين السماهيجي، وليلى السيد، وبروين حبيب، أحمد الستراوي، علي الجلاوي وسوسن دهنيم.

ما أهم المراحل التي اجتزتها منذ كان الكتاب فكرة إلى أن تم إنجازه ووصوله إلى القارئ؟

- لقد بدأت فكرة كتابة هذا الكتاب قبل سنوات عديدة وبالتحديد في نهاية الثمانينيات عندما دعاني الهاشمي الذي كان رئيسا لجمعية أسرة الأدباء والكتاب وكان مقرهم في العدلية آنذاك بإلقاء محاضرة حول ترجمة الشعر البحريني إلى الإنجليزية، وفعلاً ذهبت أنا وبيتر امري أستاذ الترجمة من جامعة هال في إنجلترا والذي كان يعمل معي في جامعة البحرين في ذلك الوقت وتطرّقت في هذه المحاضرة إلى أهمية العامل السيميائي في ترجمة النصوص الشعرية وذكرت على سبيل المثال أشعار على عبدالله خليفة وكيف أن كلمة «البحر» في أشعاره تأخذ معاني سيميائية. وكانت هذه نقطة البداية، وبعد ذلك طلب مني علوي الهاشمي ترجمة كتابه «شعراء البحرين المعاصرون» وأيضا مقاله حول الشعر البحريني المعاصر والذي نشر في معجم البابطين وبسبب انشغالي في إدارة قسم اللغة الإنجليزية، وبعد ذلك قسم اللغات الأجنبية لم أتمكن من القيام بهذه المهمة حتى اضطررت في العام 2008 إلى ترك عملي في الجامعة نتيجة تفاقم الأوضاع الأكاديمية هناك، وبعد ذلك تفرغت بشكل كامل إلى إكمال الترجمات المتبقية. في البدء قمت بتغييرات شكلية على الكتاب بحيث حذفت عدداً من الشعراء الذين شملهم علوي في كتابه مثل إبراهيم الخليفة، وسلمان التاجر، ومحمد بن عيسى الخليفة وعبدالله الزائد وقاسم الشيراوي وعبدالرحمن المعاودة ورضي الموسوي وكذلك غازي القصيبي وبدلاً أضفت عدداً من الشعراء المعاصرين ومن بينهم الأصوات النسائية والشبابية.

لكل دراسة بحثية منهج تتبعه يحدد لها الكثير من الأطر ويحسم الكثير من الخيارات، فما طبيعة المنهج الذي استخدمته في الكتاب؟

- لقد كان هدفي الأول والرئيسي من هذا الكتاب هو نقل النصوص الشعرية البحرينية إلى اللغة الإنجليزية بشكل يلائم ذوق القارئ الناطق بالانجليزية وينسجم شكلاً ومضموناً مع نمط الشعر الإنجليزي. لقد عشت في بريطانيا سنوات عديدة لدراسة الماجستير والدكتوراه وكانت رسالتي الدكتوراه حول شاعر بريطاني معاصر ولذا ساعدني بقائي ودراستي في بريطانيا على التعرف على ذوق القارئ الإنجليزي في الشعر، ومن جانب آخر كنت أدرِّس الأدب الإنجليزي الحديث في جامعة البحرين لأكثر من خمسة وعشرين عاماً وهذه السنوات من الخبرةا الأكاديمية عرَّفتني على الاتجاهات والمدارس الشعرية المختلفة في الأدب الإنجليزي والأميركي وكذلك في أدب دول العالم الثالث الناطقة بالإنجليزية. ومن جانب آخر كنت مسيطراً على العناصر الرئيسية في الشعر الإنجليزي كالشكل والمضمون والوزن والقافية واللغة وغيرها ولهذا حاولت أن يكون الكتاب مبنيا على منهج انتقائي وطبقا للموضوعات المحببة لدى القارئ الناطق باللغة الانجليزية، وثانياً أن يكون منهجاً شموليا ولا يقتصر على الأشعار المترجمة فقط وإنما يحتوي على حواشٍ وملاحظات على شكل تعليقات نقدية أدبية تاريخية عن النصوص المترجمة. بالاختصار حاولت أن يكون المنهج مثيراً للقارئ الإنجليزي بحيث لا يكون الكتاب مرتكزاً على الشعر وإنما على الحياة الأدبية والجوانب التاريخية والسياسية للمملكة.

اتسمت الدراسات السابقة باختيار مجموعة من الشعراء الذين تم ترجمتهم بحسب شروط معينة يضعها الباحث، فما المعايير التي تم على أساسها اختيار الشعراء الذين ترجمت لهم في الكتاب؟

- من المعايير المهمة التي على أساسها اخترت الشعراء هو معيار الترتيب الزمني أي اختيار الشاعر وفقا للمرحلة أو الفترة الزمنية التي عاش بها. ولهذا بدأت بشعراء ما بعد الحرب العالمية الثانية ثم انتقلت إلى شعراء الخمسينيات والستينيات وهكذا حتى «الألفينيات».

أما المعيار الثاني الذي اتبعته في الكتاب فهو إدراج الشعراء في إطار مفهوم المعاصرة. والمعاصرة هو أن يعيش الشاعر في إطار فترة زمنية محددة أي ما بين الفترة من الحرب العالمية الثانية حتى اليوم أو أن تكون الفكرة التي يثيرها معاصرة ولها علاقة بالحياة اليومية. ولذا تلاحظون أن جميع الشعراء الذين تم اختيارهم ينطبق عليهم هذا التعريف. أما المعيار الثالث فهو الموضوعات التي عالجها الشعراء البحرينيون في دواوينهم والتي هي كما ذكرت سابقاً مثيرة للقارئ الإنجليزي وأقصد بذلك الموضوعات التي لها إيحاءات تاريخية وسياسية والتي تروق لذوق القارئ الإنجليزي إضافة إلى أني اخترت عدداً كبيراً من الأصوات النسائية، وكذلك صوت الجيل الصاعد والذي هو في الواقع الصوت البديل والمتألق والغاضب والأليف. وكان من الضروري إدراج هذه الأصوات التي ظهرت نتيجة التطورات السياسية والاجتماعية. أما المعيار الرابع فهو توافر المعلومات الشخصية عن الشعراء فكما تعلمون هناك جزء خاص في الكتاب عن السيرة الذاتية لكل شاعر وكان من الضروري وضع هذا الجزء لأن القارئ الانجليزي يبحث عن المعلومات الشخصية للشاعر والشاعرة وذلك لأن لدى القارئ الإنجليزي حب الاستطلاع والفضول الأدبي فهو يريد أن يعرف عن الخلفية التعليمية والمهنية لكل شاعر أو شاعرة ولهذا السبب لم أتمكن من الحصول على معلومات شخصية حول عدد من الشعراء في الإنترنت ولذا لم أتمكن وللأسف من ترجمة أشعارهم وإني شخصياً اعتذر لهؤلاء الشعراء وأتمنى أن أضيفهم في قائمة الشعراء في الطبعات القادمة.

لكل كتاب أصداؤه ومن الظريف أن يرصد الكاتب قراءه، فكيف وجدت تلقي الكتاب « وكيف كان تفاعل القراء مع الكتاب؟

- لقد ذكرت في مقدمة الكتاب بأن القراء المعنين والذين كتبتُ هذا الكتاب من أجلهم هم القراء الناطقين بالإنجليزية أولاً ومن ثم القراء الآخرين وذلك لأن الناطق بالعربية لا يحتاج إلى أشعار مترجمة أو إلى معلومات تاريخية وأدبية عن الشعر البحريني باللغة الإنجليزية ولذا حصلت على الكثير من رسائل الشكر والتقدير من الأكاديميين وأساتذة الجامعات والصحافيين وأفراد الجاليات الأجنبية المقيمين في المملكة وخارجها وإنني بدوري اشكرهم جميعاً.

عادة تنتاب المترجم مجموعة من الصعوبات قد توقفه عن إنجاز ترجمته أو تؤخره، ما أهم الصعوبات التي واجهتك في تأليف الكتاب والترجمة وكيف تجاوزتها؟

- في مقدمة الكتاب تطرّقت إلى الإشارة إلى الاتجاهين التقليديين والمعمول بهما في مجال الترجمة وهما أولاً إما أن يقوم المترجم بترجمة أحاسيس ومشاعر الشاعر المنعكسة والمتمثلة في كلماته والصور الشعرية، والاتجاه الثاني يقيد المترجم باتباع التركيبات اللغوية والعناصر الشعرية. ولكن مع ظهور النظريات الحديثة وخاصة نظريات تحليل الخطاب واستجابة القارئ والسيميائيه كان من الضروري وضع هذين الاتجاهين جانباً والتركيز على دور القارئ في فهم وتأويل النص الأدبي وخاصة النص المترجم ولم يكن الأمر سهلاً وإنما كان علىّ التوغل في بطن القارئ للقبض على أحاسيسه ومواقفه السياسية والاجتماعية ولكن ولله الحمد تجاوزت هذه العقبة وذلك لمعرفتي بالنظريات الحديثة حيث كنت أدرَّس النقد المعاصر في جامعة البحرين. أما الصعوبة الثانية فكانت تتعلق بالنص المترجم وكيفية نقله إلى اللغة الانجليزية. نحن نعلم اليوم أن النص لا يحتوى كما يظنه البعض على معانٍ ثابتة ومستقرة. النظريات الحديثة وخاصة الاتجاهات النقدية تعلمانا بان النص ليس سوى وحدات من العلامات أوالإشارات كما عبر عنها اللغوي السويسري فردناند دي ساسير بحيث يستطيع القراء تشفيرها طبقا لقدراتهم وكفاءتهم الأدبية.

إذا كان هذا تعريف النص فما هو الحكم بالنسبة للنص المترجم؟

- من الطبيعي أن يحتوى النص المترجم على علامات تختلف عن النص الأصلي. إن الكثير من اللغويين والنقاد يميزون النص الشعري عن بقية النصوص وذلك لوجود الانحرافات اللغوية من المجاز والرمز والأهم الطابع السيميائي للنص. والنظام السيميائي الذي درسه بالتفصيل الناقد والفيلسوف الاميركي شارلز بيرس يكون مخفيا للعيان ولكن له دورا رئيسيا وفعالا في التأويل. مثلا كلمة «البحر» والذي غالبا ما نصادفها في الشعر البحريني وخاصة لدى الشاعر علي عبدالله خليفة لا تشير حتما إلى البحر الهادئ الذي يحلم به السائح الانجليزي وليس هو البحر الذي يتصارع معه صيادو السمك وليس البحر الذي يقضى فيه الأغنياء عطلاتهم وليس البحر الذي يقف أمامه الرومانسيون للتأمل وإنما هو البحر الذي هو مصدرالرزق والشقاء، العيش والموت، وكذلك هو الحال بالنسبة للصور الشعرية الأخرى مثل «النخلة»، «القرية» ،«النورس» وغيرها.

وثمة بعض الصعوبات ومنها جمع المعلومات التاريخية وإدراجها على شكل حواشٍ أو ملاحظات بالنسبة للقصائد المترجمة. كان من الضروري إدراج هذه الحواشي؛ وذلك لأن القارئ الإنجليزي بحاجة إلى من يفك له غموض بعض الصور الشعرية وبالتالي يفهم رسالة الشاعر البحريني وطبعا لم يكن الأمر سهلاً ولذا بدأت في جمع هذه المعلومات وكان اعتمادي في أكثر الأحيان على المصادر الأجنبية وقد استفدت من الإنترنت كثيراً في هذا المجال.

أحيانا تتحكم المصادر السابقة في طبيعة الترجمات الشعرية وللشعر البحرين الكثير من المصادر السابقة التي أطرته بإطارها، ما أهم المصادر التي اعتمدته عليها في إنجاز الكتاب؟

- من أهم المصادر التي اعتمدت عليها كتاب الدكتور علوي الهاشمي «شعراء البحرين المعاصرون» وكذلك دواوين بعض الشعراء والتي احتفظ بها مثل انين الصواري، وفي وداع السيدة الخضراء للشاعر علي عبدالله خليفة، والبشارة للشاعر قاسم حداد وغيرها وكذلك الشبكات الالكترونيه مثل «المعرفة»:«أدب»، «فهرس الشعراء» ،«معتقلات أدبيه» ،«معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين» و«جهة الشعر» وغيرها.

وكيف وجدت «أصداء الكتاب» بين المثقفين والشعراء أنفسهم. وكيف كان تفاعل الشعراء الذين ترجمت لهم قبل صدور الكتاب وبعده؟

- لقد كان عدد من الشعراء على علم بإنشغالى في ترجمة الشعر البحريني المعاصر مثل الدكتور علوي الهاشمي الشاعر علي عبدالله خليفة الشاعر يوسف حسن والدكتورة نبيلة زباري وعند صدور الكتاب سلمت نسخة شخصية كهدية مني إلى أسرة الأدباء والملتقى الأهلي وإني أشكر الجميع وخاصة الشاعر علي عبدالله خليفة والشاعر أحمد العجمي والآخرين على تقديرهم ودعمهم لى.

العدد 2813 - الأربعاء 19 مايو 2010م الموافق 05 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً