العدد 817 - الثلثاء 30 نوفمبر 2004م الموافق 17 شوال 1425هـ

طنجرة بخار في وزارة التربية

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

كما أن هولندا محكومة بالبحر واستراليا بالقمح وكوبا بقصب السكر وإفريقيا بالنمور والزرافات فإن وزارة التربية والتعليم في البحرين محكومة بعدم الشفافية والوضوح وخصوصاً في القضايا المتعلقة بالامتيازات والمصالح سواء كان ذلك على مستوى التوظيف أو الترقيات أو منح الرتب. ليس ذلك غريباً فالايقاع الغامض يُعزف يومياً عبر مؤسساتنا الرسمية، وهناك نظام مصالح فكأن الوزارات ملك خاص للجمعية الفلانية وللتجمع العلاني. يكفي ان تلقي نظرة على واقع موظفي قسم الصيانة في إدارة الخدمات بوزارة التربية والتعليم لتصاب بالغثيان، فالموظفون تحولوا إلى طنجرة بخار لا تتحمل مزيداً من الضغط. وقبل يومين كاد الوضع أن ينزلق إلى ما لا تحمد عقباه، ذلك لأن العلاقات العامة حاضرة وبالمرصاد لنثر التبريرات عبر الصحافة لأية مطالبة حقوقية من قبل الموظفين.

دعوني أصارحكم بحقيقة وزارتنا «الفتية» فأكثر جمعياتنا التوعوية تسعى لاستقطاب ودسّ أعضائها في الوزارات. لو ذهبتم للأمانة العامة في مجلس النواب فستلحظون المشهد، وإذا ذهبتم إلى التربية فسترون ذلك، وإذا ذهبتم إلى وزارة العدل... وهكذا هي العملية. يضحكني بعض الاسلاميين من هذه الجمعيات حين يسمعون الناس على المنابر دروس العدالة وأهمية العدل في الاسلام، وتحت الطاولة يتفننون في دسّ جماعاتهم في كل مكان وكأن الوزارات ملك لهم، سامحهم الله.

المشهد غير الجميل يشترك فيه الجميع بما فيهم ديوان الخدمة المدنية، فهو يخشى من كتابة أسماء المرشحين للوظائف عبر الصحافة أو أسماء الوظائف المطلوبة، والقضية لا تحتاج إلى عمق ذكاء لمعرفة الخيط الأبيض من الأحمر، من الأسود لوجه الحقيقة والمراد من ذلك.

هناك من الموظفين في وزارتنا «الاسلاموية» عفواً أقصد الرسمية من أكل الجزرة، وهناك من لايزال يأكل العصا، ويراد للموظفين أن يقبلوا بالخط القديم «اسمع لمديرك وأطعه وان أخذ حقك وجلد ظهرك»، فهو «لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون» وعادة ما يكون المسئول عضو لجنة التظلم!

تمر القضايا هكذا وما من رقيب... لشيء بسيط ان غالبية النواب رشحوا أنفسهم للمزايدات لا لحل القضايا، وهذا جزء من اشكالية غباء الانتخاب القائم على المنطق الدعائي لا على منطق الكفاءة. أضرب لكم مثالاً، طباعة الكتب الدراسية هذا العام في غاية السوء فهي تسلمك الروح إذا ما أردت مسكها، ولا أحد طالب بمعرفة السر وراء ذلك وكيف أرسيت المناقصة؟

أبناؤنا يدرسون 9 سنوات اللغة الانجليزية ويتخرج غالبيتهم بلا لغة وتكون الطامة الكبرى، وهنا تأتي أهمية اصلاح التعليم ليتماشى مع الاصلاحات الأخرى. للأسف نحن مشغولون بالخيال السياسي الفنتازي: لهذا نرى ان اصلاح الوزارات ضرب من الأعمال التي تأتي في نهاية المطالب. أدخل في الموضوع مباشرة فأقول: موظفو وزارة التربية - قسم الصيانة لا يطلبون شيئا، انهم فقط يطالبون بالتحقيق في آليات صرف ساعات الدوام الاضافية، والتحقيق في الآليات المتبعة للسلامة المهنية والاسعافات الأولية... مطالبهم ليست أصعب من «قضية فلسطين» قضية الشرق الأوسط! يطالبون بإعادة النظر في هيكلهم الوظيفي بما يكفل تحقيق الانصاف والعدالة مع مراعاة المساواة بين الفنيين في الدرجة، وصرف علاوات بدل لباس أو صرف بدلات وحذاء وبعض المطالب.

التهديد بالفصل يجب أن يدفع هؤلاء إلى الجأر بالصوت، وأن يذهبوا إلى الجمعيات السياسية، وان يتصلوا ببعض النواب، وأن يوصلوا أصواتهم إلى منابر الصلوات. لن يسمع أحد قضاياكم ما لم تحرجوا الجميع بإيقاع الحجة وإيصال الصوت

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 817 - الثلثاء 30 نوفمبر 2004م الموافق 17 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً