العدد 821 - السبت 04 ديسمبر 2004م الموافق 21 شوال 1425هـ

الخبز والحرية والوزارات الفتية

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

يقول المفكر العربي شاكر النابلسي في كتابه «زوايا حرجة في السياسة والثقافة»: «اختلف الباحثون بشأن أيهما يأتي في المقدمة الرغيف ام صندوق الاقتراع؟ والخبز أم الحرية»؟

فالجائع يبحث عن حريته ليشبع، والحر يبحث عن رغيفه حتى لا يجوع ويستعبد! والعلاقة بين الخبز والحرية تظل علاقة جدلية.

طبعاً لا أريد ان ادخل في تفاصيل هذا الجدل، ولكن الذي اعرفه ان الخبز والحرية توأمان ووجهان لعملة واحدة. يبقى الخبز مهم جداً للمواطن الجائع والمثقل بهموم العمل والحياة وضغط الديون وقساوة المسئول. ولاشك في أنه يبحث عن خلاص، وخلاصه لا يكون بتكدس المقالات الجميلة على مائدة بلا إدام، ولا بشعارات ثورية تُعزف له ضمن إيقاع ماخوزي يستلذ بالألم وندب الحظ ولا منابر دامعة تستثير العبرات ولا بالدق اليومي المتفائل على طبول الدولة، ذلك لأن المواطن الفقير لا تشبعه كل هذه الخطابات البلاغية، وهي بالعبارة البحرينية «ما تأكّل عيش» وقديماً قيل: «من امتلأ جيبه وعظ الفقراء».

هل معنى ذلك ان ييأس الإنسان... ان ينهزم المواطن من المطالبة بحقوقه بأسلوب سلمي واعٍ وذكي؟ لا طبعاً... التغيير يحتاج إلى إرادة ووعي واللعب على التوازنات وكذلك انتهاز الفرص المناسبة.

أعطيكم أمثلة من الواقع... موظفو وزارة الإعلام كان بإمكانهم الضغط نحو الحصول على كادر وظيفي يليق بعطائهم طيلة هذه السنين، وكان بإمكانهم أن يوصلوا صوتهم إلى الدولة للضعف وللضياع الموجود في الوزارة وكذلك في هيئتي الإذاعة والتلفزيون، ويخبروا الدولة ان الناس «ملّت» من التكرار ومن اجترار البرامج ومن تكرار الشخصيات ومن هبوط الأفق والسقف. الأجهزة قديمة وبعض البرامج قائمة على الله وعلى النسخ واللصق.

وهذا يدخلنا ايضا إلى مشكلتنا مع الإعلام وكذلك مع الصحافة، فالصحافيون اصبحوا مثل الطبيب المريض... «طبيب يداوي الناس وهو عليل». فهم بلا نقابة، وسمعنا ان هناك جمعية صحافيين... هذه الجمعية لم نرها وحتى في وقت المؤتمرات العربية تختطف المناسبات هنا وهناك. وعلى ذكر الصحافة والخبز فالصحافة في البحرين موزعة على طريقة الكوتا القديمة وهناك عشرات من الصحافيين وبعضهم من اصحاب الخبرة والتاريخ القديم ليست لهم ناقة في حظ الصحافة ولا جمل، ولا تعجبوا عندما ترون بعضهم يبيع كتبه بسبب مواقف مبدئية هنا أو هناك.

أية نقابة تسأل عن هؤلاء وجمعية الصحافيين تعاني من الشللية ومخطوفة لصالح إيقاعات خاصة تعزف إلى وزير ما أو إلى مسئول ما؟

أقول: يجب ألا نيأس، لكن هذا اليأس لا يبدده شخص بل فرق عمل، فالسكوت قد يسبب قضم حقوق اعضاء النقابات... والمؤسسات والوزارات لن تحد من الفساد او المحسوبية اذا بقيت على حالها بلا نقابة فاعلة أو ضاغطة... عندما يطرد عضو نقابة يجب ان تقام الدنيا ولا تقعد وعلى الجميع ان يتحدثوا، ان يتكلموا، ان يقولوا كلمة... الصحافة يجب الا تبقى مكممة الأفواه ومكبلة الأيدي. بعض المسئولين وصل به الظلم إلى مرحلة لا تطاق، والضغط يسبب الانهيار للموظف... تماما كما حدث لموظفة في القطاع الخاص عندما مارس عليها مسئولها الفاشل الظلم فأغمي عليها ونقلت في سيارة الإسعاف.

عوداً على بدء، أقول: دعونا نفكر في الخبز والحرية... فكروا في حال الموظفين في قسم الصيانة في الصحة وكذلك في التربية... فكروا في العاملات البحرينيات في قطاع المصانع أين هي حقوقهن؟ فكروا في حقوق الصيادين وما يعانونه من «تكويش الهوامير». فكروا في أبنائنا المبتعثين إلى الخارج هل يعانون من شحة الأموال المخصصة لهم أم لا؟ فكروا في «تكويش» الآسيويين على سوق الذهب وكيف انتشروا في كل القطاع ولماذا لا يتعاون البحرينيون مع بعضهم بعضاً على الطريقة ذاتها؟ فكروا في صمت وزارة الكهرباء وصمت الأخ نواف عن الرد على التساؤلات أو التحقيق الذي قام به ديوان الرقابة المالية؟ فكروا في 700 أرض غير مسجلة في الأوقاف الجعفرية؟ فكروا كيف ترسوا بعض مناقصات البناء على مسئول كبير في المجلس الوطني الا يؤدي ذلك إلى تحييد استقلالية هذا المسئول أو ذاك؟ فكروا في وزارة الصحة... اين هي من الأطفال المصابين بالصم والبكم وهم في ازدياد؟ لماذا اصبحنا كل يوم نتوسل المال لهم... واين ذهبت وزارة الصحة عنهم؟ فكروا في بيوت الإسكان والبطالة... وفكروا فستعلمون ان الخبز والحرية توأمان لا ينفصلان

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 821 - السبت 04 ديسمبر 2004م الموافق 21 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً