العدد 827 - الجمعة 10 ديسمبر 2004م الموافق 27 شوال 1425هـ

القدوة على مذبح نايف صقر

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

اللقاء الذي أجرته قناة دبي الفضائية في برنامج «جواهر» مع الشاعر السعودي نايف صقر، لم يخل من ارتجال ومهازل معاً!. ارتجال بقوله :اننا جيل ـ ويعني نفسه وسليمان المانع ومساعد الرشيدي وضيدان بن قضعان وفهد عافت- جيل لم تتوفر له أساتذة، أو رموز أو قدوة يمكن أن ينطلقوا في مشروعهم الشعري من خلالهم، وفي ذلك غياب وغيبوبة، غياب يدفعنا لأن نعتقد أنْ لا شعراء البتة قبل الشعراء الخمسة المذكورين، وغيبوبة سببها حال من تورم الذات التي لا ترى أحدا في عافيته طالما هي بمنأى عن تلك العافية.

قبل سنوات قلت ولا أزال أصر على مقولتي: من الأفضل لك أن تستمع الى نايف صقر وهو يقرأ قصائده، ومن الأفضل لك أيضا أن تطفأ التلفاز حين يكون طرفا في حوار تلفزيوني. وليست تلك مشكلة نايف صقر وحده، انها مشكلة عشرات من الشعراء الشعبيين الذين تتمنى انك لم تقرأ لهم لمجرد أن يتم استدراجهم الى «حوار» تلفزيوني يتحول مع الدقائق الأولى الى «خوار»، اذ تتبدى السطحية والارتجال والتنظير الرخيص والتعالي المَرَضي وتورم الذات.

في برنامج «جواهر» قرأ نايف صقر عددا من القصائد، تختلف اختلافا كليا في حمولاتها اللغوية والرؤيوية عن كم الثرثرة والتورط في أحكام لا يعي ماوراءها ... بقدر ما يعي أنه أمام امتحان يجب أن يخرج منه على مستوى الحوار ولو بدرجة مقبول... طالما أنه سيقوم بدور ترقيعي لحضوره ذاك من خلال قراءته لقصائده التي لا يختلف اثنان أنها من أجمل ما تبقى من نصوصنا الراهنة.

يسقط الشاعر حين يتورط في حال من المجاملة الرخيصة، اذ ثمة مجاملة تعمل عملها على تكريس الخلل والضعف والشذوذ والوهن والسطحية، وخصوصا اذا ما جاءت المجاملة على لسان شاعر بحجم نايف صقر.

مقدمة البرنامج التي هي بمثابة مشروع عارضة أزياء أو وجه إعلاني لأحد المساحيق، حفظت الدور/اللقاء جيدا، اذ لم تنس أن تسأله السؤال اللازمة: لمن تقرأ من شعراء الامارات؟. بعض الأسماء التي أوردها صقر لا علاقة لها بالشعر، وهو يعلم تمام العلم انه تجاوز المجاملة حين أسبغ عليها صفات ونعوتا هي بعيدة كل البعد عنها، وهو بذلك تجاوز مرحلة المجاملة وصولا الى مرحلة الكذب!. أو ربما حشر في زاوية الضيافة وما أدراك ما الضيافة، اذ ذكر اسمين من أصل اربعة لا علاقة لهما بالمسار الإبداعي للشعر الشعبي في الامارات... اسمين هما في النهاية القصوى من اللا إنجاز، سوى انجاز سطحيتهما وتطفلهما وأساليبهما غير المشروعة في الحضور!.

المفارقة التي يجب التوقف عندها تتحدد في اقحامه لاسم الشاعر العربي محمود درويش في الحوار ... اذ أصبح هو وأدونيس وفيروز الوصفة الجاهزة التي يمررها الشاعر الشعبي لإيصال رسالة الى الآخر مفادها: انه يقرأ ... وأنه يسعى ما أوتي من الوقت للإرتقاء بذوقه الفني وخياراته في القراءة والحياة!. اقحام اسم درويش جاء على خلفية توزيع صقر لديوانه المسموع الأول والذي حسب روايته وزع ما يقارب 200000 نسخة، فيما درويش بكل بهائه وحضوره لا يوزع الا 5000 نسخة. ما الذي يعنيه ذلك؟ لو أن الكلام ذهب باتجاه توصيف حال استقبال النص في المنطقة العربية من حيث كونه عاميا أو فصيحا ، وانشداد جزء كبير من الوطن العربي الى الشعر في جانبه العامي على اعتباره انعكاسا لحال من الشفهية على أكثر من مستوى ... مستوى القرار والتعاطي مع المشكلات... والنظر الى الآخر ... وبالتالي تعبر تلك الثقافة في جانب منها عن حال عريضة وسلوك قائم في تلك المجتمعات وبالتالي ليس فتحا علميا الاشارة الى أن الشاعر العامي في بعض البلدان العربية أكثر حضورا وتوزيعا لنتاجاته من شاعر الفصحى ... لو تناول صقر مثل ذلك الطرح لتم قبول اقحام اسم درويش في تلك الثرثرة المؤسفة التي جلدتنا من خلالها فضائية دبي لأكثر من ساعة

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 827 - الجمعة 10 ديسمبر 2004م الموافق 27 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً