العدد 2815 - الجمعة 21 مايو 2010م الموافق 07 جمادى الآخرة 1431هـ

عندما يفقد المواطن أمنه

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أصدر العام الماضي تقرير «التنمية الإنسانية العربية للعام 2009» وناقش من خلاله «تحديات أمن الإنسان في البلدان العربية»، وذلك ضمن سلسلة من التقارير التي رعاها، ومجموعها خمسة، صدرت في 2002، 2003، 2004، 2005 و2009، واستخدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في إعدادها وتدوينها نخبة من المفكرين والباحثين العرب، وأفسح لهم المجال للتعبير بحرية عن آرائهم، وذلك على خلفية أن هذه التقارير التي تتبناها الأمم المتحدة ليست ملزمة لأي دولة عربية، وإنما الهدف منها إثارة النقاش حول القضايا المهمة التي يمر بها الواقع العربي.

وكما هو الحال مع جميع التقارير فإنها تصف واقعاً مخيباً للآمال، والتقرير الأخير الذي صدر في 2009 أوضح أن أمن الإنسان (المواطن) معدوم، وهذا أدى إلى عرقلة مسيرة التقدم في البلدان العربية، بل أن تصبح الدول العربية مصدراً أساسياً لتهديد أمن الإنسان، ولم تنجح غالبية الدول العربية في تطوير الحكم الصالح (الرشيد)، كما أن مؤسسات التمثيل المتوافرة لم تعد قادرة على ضمان المشاركة المتوازنة لكل الفئات المجتمعية بشكل يرقى إلى المستويات المطروحة على الساحة الدولية.

وبهدف ضمان استقلالية الحوار حول التقرير الأخير، نظم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سلسلة من الحوارات، بدأت بحوار في «حوار بيروت» في يوليو/ تموز 2009، ومن ثم «حوار الاسكندرية» في نهاية مارس/ آذار 2010، ثم «حوار الدوحة» الذي بدأ أمس 21 مايو/ أيار 2010، ويستمر حتى اليوم (22 مايو). ولعل واحدة من أهم ما يجده المرء عند المشاركة في مثل هذه الحوارات هو أن الهموم العربية أصبحت واحدة، وأن المفكرين الذين تعترف بمكانتهم الأمم المتحدة يتوصلون إلى نتائج متماسكة فيما يتعلق بتشخيص المعوقات التي تمنع البلدان العربية من اللحاق بالعصر الذي يعيشون فيه.

المفكرون والباحثون العرب توصلوا إلى أن انعدام أمن الإنسان - المواطن يتسبب في انعدام الأمن الوطني، وأن انعدام أمن المواطن يعود إلى عدة أسباب منها أن الدساتير العربية لا تلتزم بالمعايير الدولية المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها الدول المعنية، وأن كل السلطات القضائية العربية تعاني من انتهاك استقلالها بصورة أو بأخرى جراء هيمنة السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية، وأن الأمن الشخصي للمواطنين في البلدان العربية مشوب بالثغرات القانونية، وتراقبه وتتولى تنظيمه مؤسسات ذات سلطة إكراهية قائمة على مصادرة الحريات.

وإذا أضفنا إلى الإخفاقات الدستورية مجمل الصراعات المتصلة بالهوية نجد أن الدول العربية تتكبد خسائر كبيرة في الأرواح والإمكانات، إضافة إلى انتشار استخدام العنف وسيلة لحسم الأمور في المجتمع وحتى في البيوت، هذا في الوقت الذي تعطي الثروة النفطية صورة مضللة عن نمو اقتصادي يفتقر إلى الأسس البنيوية، إضافة إلى قضايا المياه والبيئة والتلوث والتصحر وانخفاض معدلات الإنتاج الزراعي، كلها قضايا كبيرة جداً لايزال كثير من صناع القرار في البلدان العربية لا يعرفون عنها شئياً لأنهم قد يكونون غارقين في هموهم الذاتية بدلاً من هموم الوطن.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2815 - الجمعة 21 مايو 2010م الموافق 07 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 7:59 ص

      مشكور دكتور

      لقد وضعت يدك على الجرح

    • زائر 13 | 6:45 ص

      المواطن لم يفقد الأمن فقط بل فقد أشياء كثيرة منها الحرية والصفاء النفسي فلقد أصبحنا غرباء وأذلاء في وطننا العزيز _ ام محمود

      الشعارات الجميلة والقيم والمبادئ التي ندرسها للأجيال أصبحت جوفاء دون معنى لأنهم يعيشون في وطن متناقض ينادي بأشياء عالية المعاني والواقع شيء ثاني مختلف ومؤلم في نظرهم لأنهم يعلمون إن الفرص والسكن والوظائف المحترمة ستكون من نصيب الأجانب .. عندما تذهب لمجمع اللولو ستنصدم عندما ترى الشباب البحريني يقوم بتنظيف السيارات وبينهم رجل كبير في السن بالإضافة إلى هذه المهنة الغير مناسبة لعمره الستيني فانه يتسول ويطلب المال من السواق.. لنتساءل لماذا فقدنا نعمة الأمن والسلام والرخاء المادي والراحة النفسية ؟

    • زائر 12 | 6:33 ص

      صناعنا لا يصنعون

      من ضمن الأسباب أن صانع القرار العربي لا يصنع قرار وإن صنع فإنه لا يصنع قرار عربي وإن صنع قرار عربي فيخرج هذا القرار للتنذر والسخرية
      والدساتير لوحدها لا تفيد لأنها كلام في قرقرطاش هذا لو لم تكن دساتيرهم مكتوبة كبريطانيا ماذا وكيف عسى أن يكون أمن المواطن ؟!!

    • زائر 11 | 6:05 ص

      والله حاااله عايشين في وين احنا

      شوزن ورصاص وميليشيااات كل هذا ليش

    • زائر 10 | 6:02 ص

      أمـــــــــة ... ترى العدم ولا ترى الوجود

      سكنات ، ملامح ضيق الأفق ،حواجز ، تقوقع ، تتواتر النواقص نتيجة النظرة المعكوسة السلبية ،لسلوكيات مولعة بالاستعداد المعاكس ( ام لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا ) بينما نرى تطلعات أمم حضارية تقدمية رسالية تفسر كل نعمة تنموية وحدث بواقعية وتسير بموازاة بناء الإنسانية .كل الشكر للوسط ... نهوض

    • زائر 9 | 5:14 ص

      هد ما يريدونه

      عندما يسيطر الخوف ينشل العقل و يتوقف الابداع و تستسلم الذات للهوان و يسهل السيطره عليها و بدلك ضمان لعروشهم انها سياساتهم منذ قدم الازل فالعقل و المال و الحريه هم مفاتيح التغيير لدا يعملون علي تجفيفها

    • فيلسوف | 4:30 ص

      موضوع مهم وشيق

      شكرا لك يادكتور على هذا الموضوع المهم والممتاز . والامن والامان مهم في كل وطن . واذا فقدنا الامن والامان . كيف تغمض عيووننا في كل ليله . الامن والامان مهم في الحياة . ونشكر الدكتور منصور على هذا الموضوع . تحياتي وتقديري لك ولجميع الاخوة المعلقين . يعطيكم العافية

    • زائر 5 | 3:23 ص

      عبد علي عباس البصري

      وهناك سبب آخر هو ثقافه الشعوب العربيه المتدهوره
      فلو سألت اي انسان ، اي مصدر تصدق؟ يقول كل ما أسمع . أو هل تتفكر فيما تسمع ؟ نعم بالنزعه القبليه والمذهبيه والدينيه ؟ والسياسيه . فلو سألته ولو كان ذلك على حساب الجنه والنار يقول نعم ؟ انا مع حزبي ولو في النار . اطيع عالم الدين صاحب النزعه القبليه ، وأطيع رأيس القبيله وان كان جبارا منتهكا لحرمات الله . . حشر مع اناس عيد حتى لو في النار.

    • زائر 4 | 2:30 ص

      دكتورنا العزيز

      اذا غالبية العاملين في السلك العسكري مرتزقة اجانب اين الامن والامان .. يجب طرد العاملين في خدمة السلك العسكري وتوظيف مواطنين بحرينين كفاءة يعرفون يتعاملون مع غالبية المواطنين البحرينين الاصليين .. بحترام وتعامل طيب ..

    • زائر 3 | 1:51 ص

      موفق دائما

      بوركت وسلمت يداك دائما تصيب

    • زائر 2 | 1:39 ص

      العدل

      الاستقلالية تكون دايما حافرا للتطوير والتقدم والنظر الى الاكفى ووضع الشخص المناسب فى المكان المناسب.استقلالية الموسسات الحكومية عن الحكم يصب دايما فى مصلحة الشعب والحكومة فى تيسير عجلة التقدم والنمو الاقتصادى.القانون يجب ان يكون فى خدمة الشعوب ويكون عونن لهم ولتزام اى كلهم سواسى امام القانون الحاكم والمحكوم.لبناء اى دولة عصرية يجب ان تكون جميع الموسسات مستقلة وتلتزم وتخدم المواطن والوطن.
      ابو السادة

    • محب البحرين | 1:22 ص

      حسافه يالبحرين

      نحن الغارقون في الهموم, وفي الشعور بعدم الأمن, أما هم فالحال "ميه ميه", أرصدتهم وأملاكهم في أصقاع الدنيا هي الضامن لهم ولأجيالهم. صرنا نعيش, وبالذات في البحرين, على الأمل في أن ينصلح الحال, نكدح وندرس ونعلم أبناءنا, فقط بالأمل, لكن في داخل أكثرنا خوف, وأسبابه كثيره, منها اواقع الحالي ومنها أن بلدنا بدل ما يحتضنا صار يطردنا,

    • زائر 1 | 10:22 م

      ابو حسين

      قد يكونون غارقين في هم عبادة الشيطان الاكبر وسرقة الوطن والمواطن رحم الله الشيخ الجمري دكتور يحفضك الله لقد اصبت مربط الفرس

اقرأ ايضاً