العدد 2823 - السبت 29 مايو 2010م الموافق 15 جمادى الآخرة 1431هـ

اسامة انور عكاشة رحل بعد ان حاول اعادة قرأة التاريخ العربي والمصري المعاصر

لا شك في ان الكاتب والمفكر اسامة اسامة انور عكاشة، الذي رحل امس الاول عن عالمنا، كان له تاثير كبير على اجيال مصرية وعربية عاشت وتابعت الدراما التي اثرى بها التلفزيون المصري والعربي لسنوات طويلة.

يبرز اسم عكاشة كواحد من اهم المؤلفين وكتاب السيناريو مقدما اعادة قراءة للتاريخ المصري المعاصر في مسلسلاته التي صنعت العصر الذهبي للدراما المصرية قبل انتشار القنوات الفضائية وما تبعها من زيادة في الانتاج ادت الى ركاكة وهشاشة العديد من المسلسلات.

فمن اهم ما يميزه عن غيره من كتاب الدراما انه صاحب موقف في اعادة قراءة التاريخ المصري بعيدا عن رؤية المؤسسة الرسمية ليقدم جيلا عاش على الهامش وحمل احلاما كبيرة وعاني ايضا من هزائم كبيرة طبعت شخصيته بمزيج من الفرح والمرارة لكنها لم تفقده الرغبة في السعي الى تحسين ظروفه.

يتجلى ذلك في شخصياته الدرامية مثل شخصية "علي البدري" (قدمها على الشاشة ممدوح عبد العليم) في مسلسل "ليالي الحلمية" الشهير حيث تشاهد الاحلام الكبيرة والهزائم القاسية وضياع بوصلة جيل النكسة بين الحلم والهزيمة.

ومن خلال شخصياته المختلفة في هذا المسلسل مثل نازك السلحدار (صفية العمري) وسليم البدري (يحي الفخراني) والعمدة سليمان غانم (صلاح السعدني) يقدم برؤية جديدة تاريخ مصر منذ الملكية وموقف كل طبقة من الطبقات والشرائح الاجتماعية بكل تناقضاتها بطريقة تنصف هذا الماضي الملكي وتقدمه كمرحلة تطور اجتماعي وسياسي.

فهذا المسلسل، الذي قدم على مدار خمس سنوات في شهر رمضان وشكل معلما من معالم الاسرة العربية التي كانت تحدد زياراتها ونشطاتها تبعا لمواعيد عرضه، قدم الانتقالات السياسية منذ الحرب العربية الاسرائيلية الاولى قبل عام 1948 وما اعقبها من اعلان قيام الدولة اليهودية واثرها على تطور المجتمع المصري مرورا بحرب اكتوبر وصعود التيار الديني وسياسة الانفتاح الاقتصادي الذين غيروا نهائيا وجه المجتمع المصري لتفقد اللحظة دفئها وانسانيتها في اطار الجماعة وليصبح الفرد هو المركز حسب الرؤية التي قدمها عكاشة في هذا العمل.

وعكاشة الذي ولد عام 1941 في مدينة طنطا وسط الدلتا لم يكن يحلم ان ياتي يوما يكون فيه من اشهر كتاب الدراما العربية وان يكون من اكثر المؤلفين قدرة على فهم طبيعة الشخصية المصرية كما ظهر في نماذج اعماله.

ومن هذه النماذج شخصية حسن النعماني في مسلسل "ارابيسك" التي قدمها الفنان صلاح السعدني وما حملته ايضا من احلام مذبوحة وهزائم متكررة وكذلك شخصية بشر في "زيزينيا" التي قدمها الفنان يحي الفخراني والتي تطرق من خلالها الى الوضع السياسي والاجتماعي والتعددية الحضارية التي ميزت مجتمع مدينة الاسكندرية في ظل الصراع بين الوطني وبين الاجانب الذين مثل بعضهم بعدا استعماريا فيما اندمج اخرون منهم ولا سيما اليونانيون في المجتمع المصري ليصبحوا جزءا لا يتجزأ منه.

ولم يكتف عكاشة بذلك بل حاول ان يخلق الشخصية الايجابية التي تحارب الشخصية السلبية التي سادت بعد سياسة الانفتاح الساداتية مثل شخصية الفنانة فاتن حمامة في "ضمير ابلة حكمت" ومحاربتها كل مظاهر الفساد التي تبعت سياسة الانفتاح.

ومن اهم اعماله التي لم تكتمل للاسف اعادة كتابة تاريخ مصر في مسلسل "المصراوية" انطلاقا من الريف والصراع بين الحركة الوطنية المصرية مع الاتراك ومع الاستعمار الاجنبي والاندفاع اتجاه استقلال مصر.

وقد بقي الراحل الذي شيعت جنازته ظهر امس الجمعة وفيا لموقفه السياسي المطالب بقيام مصر بدورها على الاساس الاقليمي العربي والعودة الى موقعها الريادي في قيادة المنطقة بعد تراجع دورها الاقليمي بشدة.

فهو لم يهادن اصحاب الفكر الديني الذين يسعون الى ردة تعود بالبلاد الى الوراء مهاجما بلا هوادة اصحاب الفكر الوهابي المستورد من السعودية.

يشار الى ان اسامة انور عكاشة بدأ حياته ككاتب قصص قصيرة بعد تخرجه من جامعة عين شمس عام 1962 وعمله في مناطق مختلفة من الريف الى المدينة كما كتب الرواية والمسرحية والمقال.

ترك عكاشة حوالي اربعين مسلسلا اهمها "ليالي الحملة" "زيزينيا" و"ارابيسك" اضافة الى "الشهد والدموع" و"المشربية" و"الراية البيضا" و"عصفور النار" و"مازال النيل يجري" و"كناريا وشركاه" و"الحب واشياء اخرى" و"رحلة السيد ابو العلا البشري".

اضافة الى سهرات درامية تجاوز عددها ال15 وعدد من الافلام من بينها "كتيبة الاعدام" و"الهجامة" و"تحت الصفر" و"دماء على الاسفلت" و"الطعم والسنارة" و"الاسكندراني".

كذلك كتب عكاشة عددا من المسرحيات اهمها "القانون وسيادته" و"الناس اللي في الثالث" و"البحر بيضحك ليه".

وفي القصة القصيرة كتب عكاشة "خارج الدنيا" و"مقاطع من اغنية قديمة" الى جانب روايات "احلام في برج بابل" و"منخفض الهند الموسمي" و"وهج الصيف" و"اوراق مسافر" و"همس البحر" و"تباريح خريفية".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 3:53 م

      الله يرحمه

      لقد كان فعلا كاتباً فنانا وخاصة في قصه ليالي الحلميه كان خسرنا كاتباً عربيا بالفعل

    • زائر 15 | 6:54 ص

      ليالي الحلمية

      ليالي الحلمية باصگ ولا في أكشن ولا إثارة
      عموما الله يرحمه

    • زائر 14 | 5:38 ص

      ونعم الكاتب ولا للطائفية

      ياجماعة الخير حتى في الموت بدخلون المذاهب بعد ؟ الرجال مات ويستحق الترحم لأنه إنسان وطني وقومي والدراما المصرية قفزت قفزة عظيمة بسبب كتاباته المتزنة وخصوصا مسلسلاته (ليالي الحلمية=ضمير أبلة حكمت=الشهد والدموع وغيرها من المسلسلات المميزة التي جعلت المشاهد العربي يتسمر أمام شاشة التلفاز وهي حتى هذه الساعة في ذاكرة المشاهد العربي)فرحمة الله عليه

    • جمرية تبي تشتغل | 5:37 ص

      الله يرحمه

      مسلسلاته ما زلنا نذكرها لأنها مو مثل ألحين هابطة ومن أروع المسلسلات إللي كتبها (ضمير أبلة حكمت) إللي للحين أذكره بالرغم أني كنت صغيرة

    • زائر 13 | 4:00 ص

      الله يرحمه

      الله يرحمك يا أسامة ويتغمد روحك الجنة ويحشرك مع الاولياء والصالحين

    • زائر 12 | 3:34 ص

      زائر رقم 6

      أتفق معك في الراي
      والله يرحمه ويغمد روحه الجنة

    • زائر 11 | 3:19 ص

      فعلا اديب

      بالاضافة الى مسلسلاته المشهورة والتي جذبت كل العوائل للتلفزيون في ذلك الوقت له بحوث تساند ال البيت وتذم في ال امية وتظهرهم بانهم اولاد حرام..البحث موجود على صفحات النت يمكنكم الاطلاع عليه..
      هذه الخطوة لم يقوم بها اي كاتب وبالذات المصريين
      فالله يرحمه

    • زائر 10 | 3:07 ص

      انور عكاشه

      تم تكفيره من السلطات المصريه لانه قام باصدار بحث من كتاب البخاري ومسلم وابن تيميه يبين فيه الاخطاء الفادحه من الصحابه والتي سببت له صدمه نفسيه وعلى كلامه بتكفروني ليه ده كل البحث الي عملته من كتبنا وبتتباع في مكاتبنه

    • زائر 9 | 2:30 ص

      الله يرحم الجميع

      أحسن مسلسل كان الشهد والدموع على الإطلاق

    • زائر 8 | 2:10 ص

      We lost him

      الله يرحمه ..و ربي يكرمه بواسع رحمته..

    • زائر 7 | 1:57 ص

      الله يرحمه

      ما شاء الله عليه.. كان مؤلفًا راقيا جدا ومسلسلاته في غاية الروعة.. واعتقد ان وفاته خسارة حقيقية على مستوى الفن العربي الراقي أو الفكر كذلك..

    • زائر 6 | 1:46 ص

      الأخطاء الإملائية

      يا صحيفة الوسط .. التفتوا لأخطائكم الإملائية

    • زائر 5 | 1:32 ص

      مبدع.. الله يرحمه

      في نظري خسرت الدراما العربية هذا الكاتب المبدع. فعلاً مسلسلاته جميلة وتبقى في الذاكرةز
      الله يرحمه

    • زائر 4 | 1:20 ص

      الله يرحمه ويغفر له

      مسلسلات أسامة أنور عكاشة من أروع المسلسلات وأقواها درامياً فقد أمتعنا بسلسلاته. وتابع معظمها.

    • زائر 3 | 1:17 ص

      رد على زائر (1)

      ماأعتقد انك جفت مسلسلاته واجد احليوه ومن ضمنها ضمير ابلة حكمت وليالي الحلمية الكل يتابعة وبالذات ضمير ابلة حكمت للحين اتذكره مع اني كنت صغيره. على الاقل مسلسلاته احلى من مسلسلات هالايام
      الله يرحمة ويرحم الجميع

    • زائر 2 | 1:03 ص

      صج

      اكيد البطله بتحب الطل وبعدين بتستمر السخافه مافي شي جديد

    • زائر 1 | 9:30 م

      مالك و مال الوهابية

      ما لك و مال الفكر الوهابي . بعدين ايش دخل الفكر الوهابي و اللي قصدك السني . و هي ملطشة . و خلافك مع الشيخ محمد بن عبد الوهاب . أنه قال وحدوا الله و لا تشركوا به و لا تتوسلوا بالقبور و هل امرنا الله و رسولة بالتوسل بالقبور و نشرك مع الله . أو سبحانة الذي قال ادعوني استجب لكم . و هل قال وسطوا النبي صلى الله علية و آلة و سلم عندما تدعوني . أو لانهم ما قالوا نوحوا و لطموا و طبروا .و التي بدئها البويهيون و هل آل البيت لطموا و طبروا و شتموا

اقرأ ايضاً