عمتي الغالية... لقد رحلت سيدتي الطاهرة وخلفت وراءك دموعا تأبى أن تجف، فكلما تذكرك الأحباب سالت دموعهم مدرارا حزنا لفراقك وألما لرحيلك عن هذه الحياة. صدقيني حبيبتي ليس بإرادتهم ولكن من فيض حبك وحنانك ونبع هواك الدافئ.

حبيبي... لقد رحلت ولكننا مازلنا نرى طيفك يظللنا... نراك تجلسين في زوايا بيتك الهادئ بتلك الابتسامة الساحرة، تستقبلين الأحباب الذين يتقاطرون عليك صغارا وكبارا ومن كل مكان ترحبين بهذا وتحتضنين تلك... ترددين عباراتك الحلوة وتنثرين الضحكات ورودا بين الحاضرين.

عمتي... ما أجمل تلك الأيام ليتها تعود، نحن نشتاق إليك كثيرا ونشتاق لشم عطرك الفواح، نحتاج إلى دعواتك المباركة، فكلنا يعتقد أنها صادقة وطاهرة وليس بينها وبين الإله حجاب.

عمتي... لقد رحلت عنا وغيّبك سفر الموت الطويل، نعلم جيدا أنها إرادة الله فقد اختارك أن تكوني إلى جواره... فكم جلسنا إلى جوار سريرك ساعات طوال... نذرف الدموع... نهز أكتافك... ونتلو عليك الآيات المباركة، كم راح أبناؤك وبناتك يحصنونك بالدعاء ويقرأون على جسدك الهادئ كل أنواع التعاويذ لعلهم ولعلنا نحظى بنظرة خاطفة من ابتساماتك الجميلة أو بنظرة من نظراتك المشعة بالنور.

ولكن إرادة الله كانت أقوى من أمنياتنا... فقد اختارك وهو يعرف جيدا كيف ينتقي الأحباب وكيف يمهد لهم الطريق للولوج إلى جناته...

ما أسعدك عمتي الغالية... فقد كنت حبيبة من الله وحبيبة من الناس، هؤلاء البشر الذين تحلقوا حول جسدك في موكب مهيب

جاؤوا إلينا من كل مكان، تزفهم نفحات روحك العطرة، نرى دموعهم تسبق خطوات أرجلهم، ونسمع نحيبهم يغطي إرجاء المكان

أناس لا نعرفهم ولكن روحك زفتهم إلينا... أناس محبون جاؤوا لوداع العمة الغالية.

غاليتي... رحلت عنا إنها مشيئة الخالق... ولكن الفراق أليم... يعصر القلب، ويبكي العين رحلت عمتي ولكن عزاءنا أن روحك ستبقى بيننا... تزور الأحباب أينما كانوا... تفرح لفرحهم وتحزن لأحزانهم.

حبيبي... الكلام إليك لا ينقطع وحده الله يعلم ما في القلوب ولكن علينا أن نقول وداعا لجسدك المسجى تحت التراب ومرحبا لروحك المحلقة بيننا...

أودعناك لؤلؤة نورانية بين يدي الله... يلبسك السندس والياقوت والزمرد ويطعمك من طعام الجنة ويسقيك العذب الفرات من أنهارها.

ابنة أخيك التي لن تنساك أبدا

نوال عبدالله منصور