العدد 2831 - الأحد 06 يونيو 2010م الموافق 23 جمادى الآخرة 1431هـ

شكراً عقيل... وأهلاً لحوار «سواري» ناضج (1)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لفتت رسالة قصيرة تلقيتها في هاتفي المحمول، إلى تناول الأخ الكريم الزميل عقيل سوار ما ورد في سلسلة مقالات «في انتظار انطلاقة التيار الوطنيالديمقراطي» التي نشرتها صحيفة «الوسط»، في عموده اليومي «هواجس»، في صحيفة «الوطن»، وتحت عنوان « نهضة المزاج الديمقراطي». ما إن انتهيت من قراءة ما جاء في «هواجس»، حتى سيطر عليّ قرار داخلي يدفعني، قبل مناقشة ما ورد فيه من ملاحظات، أن أقف، وبقرار ذاتي اختياري، وقفة احترام للمنهج الرزين الذي تناول به «سوار» تلك المقالات، والذي إن دل على شيء، فإنما يدل على مهنية عالية في القراءة، ورقي ملموس في منهج الإفصاح عن الاختلاف، ومدخل إدارته. أشير إلى هذه المسألة، ليس من أجل كيل المديح للأخ عقيل، فهو أبعد ما يكون عن مثل هذه الصغائر، لكن كي أدعو الجميع، بمن فيهم كاتب تلك السلسلة إلى التحلي بمثل هذه الأخلاقيات عند الاختلاف قبل الاتفاق. فقد شهدت الساحة البحرينية، وعلى امتداد السنوات العشر الماضيات سجالات غير مهنية حكمت مسار الحوارات بين الأطراف المختلفة، سياسية كانت أم ثقافية، وصلت إلى تشويه تاريخ العديد من قيادات العمل الوطني، التي لسنا بحاجة إلى ذكر أسمائها، لكنها لو لا تضحياتها لما ذاقت البحرين طعم الحلاوة السياسية للمشروع الإصلاحي.

بعدها انتقل إلى ما ورد في «هواجس»، والذي يمكن تقسيمه إلى فئتين: الأولى تتوقف عند التعريفات، حيث يرى «سوار» أن صفة «التيار الديمقراطي»، ليست الأنسب كي تطلق على الجمعيات الثلاث، ويقترح عوضاً عن ذلك الأخذ بتعبير «المزاج الديمقراطي»، احتراماً «للعقل»، وتحاشياً «للتهويش وتسييد العصبيات الحزبية»، كما جاء في «هواجس». أتفق مع الأخ عقيل فيما ذهب إليه بعدم دقة إطلاق صفة «الديمقراطي» وحتى «الليبرالي» على أي من التيارات السياسية الفاعلة في البحرين، فكلتا التسميتين مرتبطتان بحركة معينة، ذات سمات محددة، برزت في الغرب في أعقاب ثورات عنيفة، وانتفاضات دموية طويلة ومتكررة، كانت تناضل من أجل أهداف محددة تسعى لتحرير «العقل» الغربي من سيادة الفكر «الأتوقراطي»، وتغذيته بالقيم الديمقراطية من جهة، وفك أسر الحركة الفكرية من ربقة العبودية الغيبية التي كانت تسيطر عليها، وإطلاق العنان لها نحو فكر ليبرالي متحرر، حدوده الحقيقية تصل إلى قدرته الذهنية على فهم الأمور وتعليلها. لم تكن الحركات الديمقراطية والليبرالية محصورة في نطاق العمل السياسي، تماماً، كما أشار «سوار»، فحسب، بل كانت فكراً شمولياً تناول القضايا الاجتماعية والعقائدية، بوضوح أشد، ومنهج أقسى من القضايا السياسية. لذا، وطالما أننا متفقان على عدم دقة التسمية، حتى وإن اختلفنا في درجة تلك الدقة، فليس هناك من داع للدخول في تاريخ تلك الحركة وآليات نهوضها، والمقومات التي وقفت وراء نجاحها هناك، والأسباب التي أدت إلى فشلها، ليس في البحرين، فحسب، وإنما في المنطقة العربية على وجه العموم. لكن، ومن أجل وضع الحقيقة بين يدي القارئ الكريم، فإن ما دفعني إلى استخدام ذلك التعبير ينبع من سببين أساسيين، الأول هو أن أكثر القوى السياسية البحرينية قرباً للتيار الديمقراطي/ الليبرالي الغربي، كما قرأنا تاريخه، هي الجمعيات الثلاث التي أشارت لها تلك المقالات، سواء بحكم تطورها التاريخي، أو ممارستها الحالية، دون إغفال ما يشوب تلك الممارسات، وكما أشار «سوار»، من مسحات تسلطية، ورثتها الجمعيات الثلاث من تركة حضارية لا يتسع المجال هنا للخوض في تفاصيلها. الثاني، بروز ضرورة تمييز ذلك التيار الذي تنتسب له تلك الجمعيات عن القوى السياسية الأخرى إسلامية كانت أم سلطوية.

لذا فالحديث عن «مزاج ديمقراطي»، وحتى في إطار التعريف السياسي الذي اجتهد به الأخ عقيل، وشمل «جوهرياً... كل مقومات هذا المزاج غير المحصورة في السياسة، فضلاً عن حصرها في تيار سياسي بعينه تمثله هذه الجمعيات الثلاث مع احترامنا لتضحياتها،وحدها أو مجتمعة مع غيرها، مما عجز هؤلاء عن إدراجه في هذا المشروع في إشارة بليغة إلى الطبيعة الانتقائية الانعزالية التي ستحرف هذه المحاولة،كما حرفت سابقاتها»، إنما هو نوع من المقاربة التاريخية أكثر من أي شيء آخر. من هنا فأنا أعتقد، وقد أكون مخطئاً، أن «الديمقراطي» هو التصنيف الأقرب الذي يمكن أن نستعيره لوصف ذلك التيار، آخذين بعين الاعتبار «النسبية» في كل شيء، والمسار التاريخي للتيار، كمقياسين للحكم على دقة الاستخدام.

في السياق ذاته، طالبني الأخ عقيل مشكوراً، ومن منطلق الثقة والاحترام الذي أبادله، بأن تبادر الحلقة الثالثة من المقالات «لتقديم الملفات الوطنية، بطرق تؤدي لحلها، وليس بطرق تؤدي لتعقيدها، وفي تصوري أن المدخل لتحقيق هذه المعادلة يبدأ بالبحث في معنى ما يتوافق عليه الجميع من وجود أغلبية صامتة مغيبة، فخلف هذا العنوان العريض تكمن علة إدارة معظم الملفات السياسية إدارة». في البدء لابد من الاعتراف بأني أتفق مع الأخ «سوار» في أن الوقت قد حان للتصدي لمثل هذه المهمة، التي ليس هناك من شك في كونها الأكثر إلحاحاً في هذه المرحلة التي تسودها ذهنية «العصبيات الطائفية». لكن في الوقت ذاته، وبالقدر ذاته أيضاً، لاشك أن التصدي لهذه المهمة الصعبة والمعقدة تحتاج إلى جهود أكثر من شخص، بل وحتى أكثر من تنظيم لوحده، يقوم بكنس ما أطلق عليه الأخ عقيل بـ «التراكمات»، التي أتفق معه أن معالجتها مهمة تنوء بها الجبال.

رغم كل ذلك، وانطلاقاً من شعور بالمسئولية الوطنية، ومن منطلق متواضع أيضاً، حاولت أن أكون موضوعياً، وفي الوقت ذاته عملياً، فطرحت في الحلقة الثالثة مدخلاً أولياً لمعالجة الأزمة، تحاشياً لأبوية سياسية طالما حاربتها، ونظرة فوقية لم تعد قادرة على الصمود في وجه التطورات السياسية التي عصفت بالحراك السياسي العالمي، ولم تكن البحرين بعيدة عنه، وكانت لها اليد الطولى في نسف الكثير من المفاهيم، والإطاحة بالعديد من الايدلوجيات. لذا فلربما نالت دعوة الأخ «عقيل»، وأنا أضم صوتي له، الاهتمام الذي تستحقه، فتنجح في انتزاع الجمعيات الثلاث من تغافلها عن هذه المهمة الوطنية المركزية، التي نعتقد، وربما نكون مخطئين، أنها ينبغي أن تحتل الأولوية قبل أي من المهام الأخرى، التي قد يتوهم البعض أنها تسبقها.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2831 - الأحد 06 يونيو 2010م الموافق 23 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 2:36 م

      شكرا للكاتب القدير

      المرجفون على المملكة اعرفوهم بلحن القول وبصرحه

    • زائر 9 | 1:17 م

      هذا الكاتب

      هذا الكاتب ليس له حسنة تُذكر. أتذكر قبل سنوات عندما عملت معه إحدى الصحافيات المبتدئات، -والتي أصبحت اليوم أشهر من نار على علم في الطائفية والتفريق بين الإخوة في الوطن الواحد-عندما عملت معه المذكورة أخذ يعلمها أسلوبه القبيح في التعامل مع الناس،فمثلاً كان يوصيها أن تتجاهل النقد وتصم آذانها عنه(هذا ما قالته بنفسها)!! وفعلاً إستوعبت التلميذة الدرس من الأستاذ، وهي اليوم تتجاهل منتقديها ولا يهمها كلام الناس ولوكان حقاً، وتتبع سياسة قولوا ماتشاؤون وأفعل ما أشاء!!!

    • زائر 8 | 8:20 ص

      thank you Mr. Obaidly

      with compliments of Nadaly Ahmed

    • زائر 7 | 6:29 ص

      وهل لسوار كلمة

      ان الكاتب عقيل سوار ليس بكاتب منصف بل مجيش على المواطنين وباسلوب عذائي ونستغرب كيف يوضع في جمعية حقوق الانسان وهو مخالف لذلك

    • زائر 4 | 3:34 ص

      عفى عليها الزمن

      جميع الدول العربية حكمها أصحاب الفكر الليبرالي المنفتح المتنور بعد التحرير فماذا كانت النتيجة؟ خسارة على جميع الأصعدة عسكرياً وثقافياً و إجتماعياً ودولياً ومازلت أخي الكاتب تدندن وتطبل لهذه الحركات ثانياً واجد ماعط الجمعيات أكبر من حجمها أي تاريخ مشرف لها الحفلات بالخارج تالي الليل.

    • زائر 3 | 1:18 ص

      هل هذا ديدنه في النقد ...أم ؟

      استاذنا العزيز عبيدلي ... ياترى هل هذا هو ديدنه في النقد ام يختلف من في اسلوبه عندما يكون نقده موجه لأطراف اخرى .... انت تعلم كيف يتعاطى ..... في تعليقاته حول بعض المواضيع التي تخص المعارضة الاسلامية ولاسيما منها الشيعية ...

    • زائر 2 | 10:50 م

      تجمع قصاصات هنا وهناك من المواقع الإلكتروني لتلميع صورتها

      هذه أحد الحالات التي فقدت فن الحوار فلجأت تبحث لها عن موقع بين عمالقة المثقفين ولكي تتبوأ لها مقعدا أرادت ان ثتبت نفسها في عالم أصبح معيار العلم والمعرفة هو ما يقاس به الأشخاص الأسوياء وهناك العديد من المواقع التي تقلم الأخلاق وتهذيبها ولو نظرنا إلى الأنشطة الدعوية فيها لوجدنا السواد الأعظم هن النساء .. نتمنى بعض النساء أن تتخلى عن حبل المكائد وتراجع نفسها

    • زائر 1 | 10:35 م

      تختفى لغة الحوار الحضاري عندما لا يكون هناك بسطه في العلم ولا في الجسد

      تختفى لغة الحوار الحضاري عندما لا يكون هناك بسطه في العلم ولا في الجسد فتنمو الطفيليات وأنصاف المتعلمين والرويبضه أخبرنا عنها الرسول صلى الله عليه وسلم ويتم الإختفاء خلف المظاهر المزيفه الكذابه والظهور بمظهر ولباس إسلامي والأفعال لا تطابق السريرة وهؤلاء وبال على المجتمع

اقرأ ايضاً