العدد 2836 - الجمعة 11 يونيو 2010م الموافق 28 جمادى الآخرة 1431هـ

مونديال نيلسون مانديلا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

افتتحت جنوب إفريقيا أمس أول بطولة لكأس العالم في كرة القدم في القارة الإفريقية بمباراة جمعت منتخبها مع نظيره المكسيكي، وتعادلا بهدف واحد لكل منهما، إلا أن الخبر الذي التصق بافتتاح البطولة هو عدم حضور الزعيم التاريخي نيلسون مانديلا حفل الافتتاح بسبب مصرع حفيدة ابنته في حادث سير قبل يوم من انطلاق الدورة العالمية.

مانديلا أصبح عمره 92 عاماً، ولكنه مازال الشخصية السياسية الأبرز التي أعطت معنى آخر للسياسة في القرن الماضي، عندما خرج من سجنه في 1990 (بعد سجن دام 27 عاماً) ولكنه خرج من تلك المعاناة ليؤسس بلداً قائماً على التسامح وليتحول أعداء الأمس إلى زملاء في أداء الواجب تجاه الوطن. تسلم مانديلا رئاسة الوزراء ما بين 1994 و1999... وفي العام 1995 كانت بطولة العالم للرجبي، وهي لعبة يتخصص فيها البيض بجنوب إفريقيا، بينما يتجه الفقراء إلى لعب كرة القدم في ملاعب رثة. ولكن مانديلا بصفته بطلاً تاريخياً كانت له مهمة أخرى، إذ حوّل دورة الرجبي في ذلك العام من لعبة يهتم بها البيض في جنوب إفريقيا فقط إلى «لعبة وطنية» يهتم بها البيض والسود وكل الإثنيات الأخرى في جنوب إفريقيا... وبدلاً من أن يفرح السود في جنوب إفريقيا عندما يخسر فريق البيض، استطاع مانديلا أن يحوّل الفريق الأبيض (المكروه سابقاً من قبل السود) إلى معشوق الجماهير، وتمكن من إقناع الفريق الأبيض من ترديد النشيد الوطني باللغة الإفريقية التي لم يكن أفراد الفريق يفهمها (Nkosi sikelel iAfrika، أي اللهم بارك في إفريقيا)، وردّد معهم الملايين، لتفوز جنوب إفريقيا بكأس العالم للرجبي في 1995.

مانديلا اعتبر أن أحد المداخل الاستراتيجية للترابط والتلاحم المجتمعي في أمة جنوب إفريقيا (التي يسميها «أمة قوس قزح» تعبيراً عن ألوان وأصول أفراد مجتمعها العديدة) يكمن في الرياضة التي تبعث على الحماس الوطني وتفسح المجال لكل من يحب وطنه أن يخدمه من خلال اللعب لتحقيق النصر، أو التشجيع والمساندة، والوقوف مع الفريق اللاعب عندما يواجه الصعاب.

قصة مانديلا في تحويل دورة الرجبي في العام 1995 إلى وسيلة استراتيجية في عمله السياسي تحولت إلى فيلم حمل اسم Invictus، وهي كلمة لاتينية معناها أن الشخص لا يقبل الهزيمة، وهي مأخوذة من عنوان لقصيدة شاعر إنجليزي كتبت العام 1875، وكان مانديلا يردد القصيدة في سجنه الانفرادي وأثناء الأشغال الشاقة، وفي العام 1995 التقى برئيس فريق جنوب إفريقيا للرجبي (ولونه أبيض) وقال له إنه يريده أن يفوز بكأس العالم، وأعطاه القصيدة ليقرأها ويتزود من معانيها... القصيدة تتحدى الليل المظلم وقساوة الظروف ومن ثم تتقدم بالشكر لله لأنه ساعد روح الشخص على الصمود وعدم الانهزام... وهكذا كان مانديلا بروحية لم يقهرها الظلم ولم يسمح للحقد أن يتسرب إليه على أي شخص حتى أعدائه الذين ظلموه، بل خرج منتصراً وشيَّد أمة تشكلت بألوان قوس القزح.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2836 - الجمعة 11 يونيو 2010م الموافق 28 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 2:37 م

      حبا في افريقيه

      لماذا لايتم تبادل السلع والتجاره بيننا حتى يتحسن مستوى معيشتهم ومااجمل التحف الافريقيه

    • زائر 7 | 7:39 ص

      سواد الليل

      كبير يا مانديلا
      لم ينصفك الزمن
      لكن التاريخ سيخلدك كأسطوره
      الظالم طال الزمان او قصر يموت ويلعنه التاريخ
      والمجاهد اللذي يسعى لنشر التسامح والخير
      سيذكره التاريخ بطلا ولن ينسى عبر الاجيال

    • زائر 6 | 6:49 ص

      كيف نفكر وكيف يفكر هؤلاء ؟؟

      لا ادري ماهي العلاقة بين كلمة مونديال ومانديلا وهل لعبت الصدف في ذلك ثم ان ماذكرته يادكتور بحاجة الى كتابته بحروف من ذهب وأن جميع ماكتبته من مواضيع متنوعة هي التنبيه بطريقة التطرق لشخصيات نموذجية ولكن انا لك ذلك فما هو موجود عندنا هو لحالات مخلوطة بطرق شتى من ضمنها الطريقة الميكافيلية الرعناء والتي سبقها احد مدريسها المدفون في الشام وعنوان تعليقي هو هدية لكم ارجوا استخدامه فيما يتعلق به في موضوعكم القادم

    • زائر 5 | 4:29 ص

      صـــدق وحـــسن ... النوايــــــــــا

      العجز عن درك الإدراك إدراك ، والبحث عن سرّ ذات السر إشراك .. في سرائر همّات الورى هممٌٌ ، عن دركها عجزت جن وأملاك . مهما تضاعفت مساحة العين الباصرة وامتد بها الزمان ، أي أن النهاية البرهان يحتكرها المؤمن والمصلح والمظلوم ، فبحسن وصدق النوايا يحيط بهم التوفيق ، هنيئاً لمن أدرك هذه الحقيقة السامية ( والذين اهتدوا زادهم هدى وأتاهم تقواهم ) كل الشكر للوسط ... نهوض

    • زائر 4 | 3:35 ص

      الامل والتفاءل

      وهكذا كان مانديلا بروحية لم يقهرها الظلم ولم يسمح للحقد أن يتسرب إليه على أي شخص حتى أعدائه الذين ظلموه، بل خرج منتصراً وشيَّد أمة تشكلت بألوان قوس القزح.وانت بعقلك وفهمك تحول الحدث التاريخي الرياضي الى أمــــــــــــــل وتفــــــــائل دائمين ومستقبل واعد في نفوس الناس وعدم الاحباط واليأس والاستسلام للزمن الردىء الظالم كما ابوك احيا الامة وزرع الروح الابية من جديد دمتم بهذه الروحيه املا ومستبقلا للوطن .

    • زائر 3 | 2:04 ص

      الفرق بين الحب والكره

      هناك فرق شاسع بين من يحب الوطن والمواطنين وبين من يحب نفسه فقط والأدهى والأمر يحارب المواطن الأصلي في كل شيء.. يبقي المحب ويذهب الحاقد تلحقة اللعنات الى أبد الأبدين..

    • زائر 2 | 1:27 ص

      good to know.

      i learn something evrytime i read to you.

    • زائر 1 | 1:05 ص

      مسكين مانديلا

      مسكين هذا الرجل توفيت حفيدته في يوم الحلم الذي سعى لتحقيقه فانقلب فرحه الى حزن .

اقرأ ايضاً