العدد 2839 - الإثنين 14 يونيو 2010م الموافق 01 رجب 1431هـ

صناعات كأس العالم

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لم تعد بطولات كأس العالم مجرد مسابقات كروية تبرز مهارات لاعبي هذا الفريق أو ذاك، أو كفاءة مدرب معين دون آخر، أو نقل حي لمبارياتها لضمان متابعة مئات الملايين من المشاهدين لنتائج تلك المباريات، بل تحولت اليوم إلى صناعة متكاملة يشارك في تمويلها واستخدام منتجاتها شريحة واسعة من البشر والمؤسسات والدول الذين ينتشرون في بقاع العالم، ينخرطون، بتفاوت، في تحمل كلفة تلك الصناعة، والاستمتاع بمنتجاتها، بدءاً من منافسات استضافة الدورة كل أربع سنوات مروراً بسير أعمال المباريات، وصولاً إلى تتويج الفرق الفائزة.

يكشف هذا التحول من مجرد مسابقات رياضية إلى صناعة مجموعة من الظواهر، نبدأ بأولها وهو الكلفة التي يتحملها البلد المضيف، لبناء الملاعب أو تطويرها كي يصل مستواها إلى مواصفات الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا»، أو تعزيز البنية التحتية من اتصالات ومواصلات كي تلبي احتياجات وصول الفرق المشاركة ومشجعيها، وتكون أيضاً قادرة على ضمان بث حي جيد لسير المباريات ونتائجها. إضافة إلى كل ذلك هنا أسعار الأندية الرياضية ولاعبيها، وأسعار إصدار بوالص التامين المختلفة للرياضيين وفرقهم والملاعب.

ونبدأ بالأكلاف التي يتحملها البلد المضيف، فوفقاً للتقديرات الأولية، كانت جوهانسبيرغ ستتحمل ما يقارب من 1.5 مليار دولار، لكن التقارير النهائية تحدثت عن زيادة قدرها ما يقارب من 400 مليون دولار، سوف تصرفها دولة جنوب إفريقيا على تجديد ملاعب رياضية قائمة أو إنشاء أخرى جديدة. ومن الأكلاف التي ستتحملها الدولة المضيفة، ننتقل إلى أثمان بوالص التأمين، التي هي الأخرى قدرت في البداية، وقبل شهر من انطلاقة البطولة بنحو 5 مليارات دولار، لكنها وصلت، ونحن على أبواب المونديال، وكما أفصحت عنها شركة لويدز للتامين، إلى ما يربو على 9 مليارات دولار، من بينها 4.6 مليارات دولار فقط «قيمة تغطية التأمين للملاعب وتسهيلات التدريب للمباريات».

هذه المبالغ لا تشمل كما يقول بيتر تومسون من شركة التأمين «بيزلي»، «إعاقة بسبب اللعب للاعب الذي تصل بوليصة تأمينه إلى 58.2 مليون دولار». وهناك سعر خاص، اعلى من هذا الرقم للتأمين على صحة المشاهير من الرياضيين، يصل إلى مئات الملايين من الدولارات. وليس في الأمر هنا أية مبالغات، فقد أمن نادي ريال مدريد الإسباني «على رجل اللاعب البرتقالي كرستيانو رونالدو بمبلغ 100 مليون يورو من شركات التأمين ضد الكسر».

ومن التأمين ننتقل إلى أسعار اللاعبين الذي ترتفع درجة حرارة حمى أسعارهم عندما يقترب موعد انطلاق المباريات، ويتبوأ قمة الأسعار اللاعب رونالدينيو في نادي برشلونة بقيمة تصل إلى 45.9 مليون يورو. ومن برشلونة أيضا هناك ليونيل ميسي الذي وصل سعره إلى نحو 31 مليون دولار، لكن دراسة أخرى تضع ميسي في القمة وتذكر أنه يبلغ نحو 80 مليون يورو (123 مليون دولار)، وهو مبلغ فاق ما عرضه نادي برشلونة على الفريق الإيطالي آيه سي ميلان ، من أجل انتقال اللاعب البرازيلي كاكا إلى صفوفه، والذي بلغ 107 ملايين دولار. ولكي نقرب الصورة من أذهان القراء، فيمكن ان تصل قيمة لاعبي مباراة بين نادي برشلونة، وريال مدريد إلى ما يقارب من نصف مليار دولار، إذا حسب سعر اللاعبين وأسعار بوليصات التأمينات المتعلقة بهم، عند لقائهم في مباراة كروية.

وبين الأمور الأخرى التي دخلت صناعة مباريات كأس العالم، هي المكافآت التي ترصدها النوادي أو البلدان للاعبين في حال فوزهم بالكأس، والتي وصلت مبالغ خيالية، حيث تحدثت بعض المصادر عن أرقام كأس 2006 في ألمانيا، عندما رصد الاتحاد البرتغالي لكرة القدم «مبلغ 275 ألف يورو لكل لاعب في المنتخب في حالة الفوز بالكأس. والمنتخب الإيطالي سيحصل كل لاعب فيه، عند الفوز، على 300 ألف يورو، علماً بأنها كانت في مونديال (كوريا – اليابان ) 175 ألفاً فقط».

ومن اللاعبين والفرق ننتقل إلى النوادي، حيث وصلت أسعار نادي برشلونة، وريال مدريد، وتشلسي ومانشستر يونايتد، إلى 514 يورو، و473 يورو، و 436 يورو ، و360 يورو على التوالي، مما يجعل قمتهم المشتركة تزيد على المليار يورو، أي نحو 2.25 مليار دولار.

هناك أيضا صناعة شراء حقوق البث التلفزيوني الحي للمباريات، والتي تتحدث عنها مجموعة سكرين دايجست للأبحاث الإعلامية، كما ينقل عنها موقع «شبكة النبأ»، التي تؤكد بأن «معدلات المشاهدة المرتفعة للبطولة تشكل إغراء لا يقاوم لمحطات التلفزيون التي دفعت ملياري دولار مقابل حقوق البث بارتفاع بنسبة 50 في المئة عما دفعته في بطولة كأس العالم السابقة في ألمانيا العام 2006».

أما مدير أبحاث الإعلانات في سكرين دايجست فنسينت ليتانج، فهو يلفت إلى أنه على الرغم من أن «بطولة كأس العالم أصبحت الآن أكثر من أي وقت مضى أكبر العروض على وجه الارض... وتباع فيها الاعلانات بأسعار مرتفعة لكن المفارقة انها لا تكون دائما مربحة بالنسبة للكثير من محطات التلفزيون».

ومع البث التلفزيوني تأتي أرقام المشاهدين التي تحدثت تقارير إخبارية، نقلها موقع « شبكة النبأ» أيضا «أن ألف مشجع لكرة القدم في هونغ كونغ يقدمون طلبات يومياً الحصول على الخدمة الخاصة لبث مباريات بطولة كأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا بشكل حصري بالبلاد، التي اشترت شبكة (آي كابل) الحقوق الحصرية لبث جميع مباريات البطولة في هونغ كونغ، ونجحت الشبكة التلفزيونية بالفعل في جمع مليون مشترك في بداية هذا العام بهونغ كونغ التي يقطنها سبعة ملايين نسمة».

المثير في الأمر أن شأنها شأن الصناعة الأخرى، بدأت صناعة المونديال تشكو من تدخل المتطفلين، وتعاني من تزوير اللصوص، وهذا ما أثبته تقرير صادر عن وكالة انباء «رويترز» التي تحدث عن سوق رائجة بدأت تزدهر على هامش المباريات، هي عبارة «قمصان وأعلام وهدايا أخرى، باتت تجد سوقا رائجة مع اقتراب انطلاق نهائيات كأس العالم». وتنقل «رويترز» عن الجمعية الدولية للتحقق من اصل المنتجات أنه رغم كل الجهود من أجل توقف تدفق البضائع المقلدة القادمة أساسا من الصين ومن بلدان آسيوية اخرى، لكن «لاتزال الملابس وغيرها من البضائع المقلدة الخاصة بالمنتخبات تكلف الموردين الرسميين خسارة في العائدات تقدر بملايين الدولارات»

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2839 - الإثنين 14 يونيو 2010م الموافق 01 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً