العدد 2840 - الثلثاء 15 يونيو 2010م الموافق 02 رجب 1431هـ

العراق يقترب من تصنيع الغاز بدلاً من حرقه

العراق قادر على إنتاج أكثر من 6 مليارات قدم مكعب من الغاز المصاحب
العراق قادر على إنتاج أكثر من 6 مليارات قدم مكعب من الغاز المصاحب

تنظر دوائر صناعة النفط والغاز في منطقة الخليج باهتمام إلى تصريحات وزير النفط العراقي، حسين الشهرستاني، بأن اتفاقاً نهائياً لمشروع مشترك للغاز مع «رويال داتش شل» سيحال إلى مجلس الوزراء العراقي للموافقة عليه في غضون الأيام القليلة المقبلة بعد أن أقرته لجنة الطاقة في مجلس الوزراء وخاصة لأهمية هذا المشروع لخطة الكهرباء لتزويد الغاز الجاف للمحطات الجديدة.

في حين أكدت مصادر مطلعة بأن كلاً من وزارة النفط العراقية و«شل» اقتربتا من توقيع الاتفاق.

ويتساءل المراقبون عن أسباب اختيار الحكومة العراقية لشركة شل للمضي قدماً في مشروعات تصنيع الغاز، فيما يؤكد الخبراء أن من الصعوبة وضع هذا المشروع في مناقصة واحدة جعل الحكومة العراقية تتطلع إلى «شل» ربما لعدم اهتمام الشركات الأخرى، وذلك بالشراكة مع شركة غاز الجنوب لتأهيل المنشآت الموجودة وتطويرها.

ويشير الخبراء أيضاً إلى أن إنتاج برميل واحد من النفط مقابل برميل واحد من الغاز يتطلب استثمارات أكبر، كما أن الطلب والسوق يجب أن تكون متوافرة في الوقت نفسه لمنتج الغاز عكس النفط الذي يتم تخزينه، وهذا يعني أن المخاطر التجارية أكبر بكثير في صناعة الغاز منها في صناعة النفط.

وبحسب مسئول بارز في وزارة النفط العراقية فإن قانون 21 لسنة 1997 يعطي الصلاحيات كاملة لشركة غاز الجنوب العراقية الحكومية الدخول في شراكة مع شركات أجنبية للعمل في تصنيع الغاز وبناء على هذا القانون ستتم هذه الشراكة بين شركة وطنية عراقية هي شركة غاز الجنوب مع شركات خاصة هي شل وميتسوبيشي.

وستدخل شركة غاز الجنوب مشروع الشراكة هذه بالمنشآت الموجودة حالياً والتي تم تقييمها عبر طرف محايد دولي تم اختياره من قبل وزارة النفط العراقية و«شل».

واللافت أن شركة غاز الجنوب الحكومية و»شل» بدأتا مؤخراً بتأسيس شركة غاز البصرة وتم الحصول على موافقة غرفة تجارة وصناعة البصرة لتسجيل الشركة الجديدة وتحديد رأس مالها الذي لم يفصح عنه بعد إضافة إلى هيكلها الإداري لكن مصادر وزارة النفط العراقية تؤكد أن موافقة مجلس الوزراء على هذه الشركة باتت وشيكة.


وجود «شل» في العراق

ويؤكد الخبراء أن هناك أسباباً عدة لاختيار «شل» أبرزها أن الحكومة العراقية تدرك أن «شل» أكبر شركة في العالم في مجال صناعة الغاز ولها وجود فعلي في العراق منذ العام 2005 وهي أقدر الشركات العالمية على بناء صناعة غازية متطورة في العراق.

إضافة إلى أن الحكومة العراقية تعلم أن «شل» لديها شراكات قوية في الدول العربية المنتجة للغاز والنفط إضافة إلى أن الشركة كانت أول شركة عالمية تدخل إلى ميدان صناعة النفط والغاز في العراق.

ويشير الخبراء إلى أن صعوبة المشروع وتعقيداته جعلت «شل» الوحيدة في الميدان لكي تواصل العمل فيه في ظل وجود 30 محطة معالجة متفرقة في منطقة البصرة وكل واحدة منها بحاجة إلى معاينة هندسية معقده وتطوير المعدات بها الذي يحتاج إلى خبرات فنية عالية واستشارات كبيرة. ويكون الهدف الأساسي لهذه الشراكة هو تطوير الغاز وتجنب حرقه تماماً الشيء الذي يتطلب وقتاً وفي الوقت نفسه وجود الأسواق المناسبة. ويتوقع الخبراء في غضون السنوات المقبلة بين 2016 و 2018 أن يتوصل إنتاج الغاز المصاحب في منطقة البصرة وحدها قرابة ما يكفي لتزويد أكثر من 20 إلى 30 فيفاوات من الكهرباء، في حين أن هناك إنتاج غاز في بقية المناطق الأخرى في العراق. ولهذا يكاد الخبراء من الوصول إلى حلول تصديرية في الوقت نفسه، وإلا فأن نهاية المطاف هو حرق الفائض لأن هذا الغاز لا يمكن تخزينه. وعلى سبيل المقارنة فإن بلداً كمصر يحتاج إلى 22 فيفاوات في حين أن السعودية تحتاج إلى 33 فيفاوات من الكهرباء.

في الوقت نفسه يذكر مسئولو وزارة النفط العراقية أن شركة شل هي أول شركة عالمية اتخذت قراراً بالعمل في صناعة الغاز في العراق؛ إذ افتتحت الشركة الهولندية البريطانية العملاقة أول مكتب لها في البصرة في أكتوبر/ تشرين الأول 2008 وأوفدت فرق عمل ومهندسين لمباشرة العمل هناك.

وتتعاون شل مع الحكومة العراقية منذ العام 2005، لإعداد دراسة لحصر قدرة إنتاج الغاز، وإمكان استغلاله وتكريره، وسبل الاستفادة منه وتمكنت من توقيع عقد مبادئ مع الحكومة لتأسيس الشراكة مع شركة غاز الجنوب.

وفي حال التوصل إلى العقود النهائية ستستعد شركة شل تحت إطار الشركة العراقية الجديدة شركة «غاز البصرة» لإعادة تأهيل موظفي شركة غاز الجنوب من العراقيين، للمساعدة في تطوير صناعة الغاز في العراق من دون أن تستغني عن أحد من هؤلاء الموظفين.

وكانت وزارة النفط العراقية قد أبرمت اتفاقية مبادئ مع شركة شل في سبتمبر/ أيلول 2008 والتي وضعت بموجبها الأسس والمبادئ التجارية لتأسيس الشركة المشتركة والتي ستمتلك شركة غاز الجنوب 51 في المئة من أسهم الشركة في حين تمتلك شركة شل 44 في المئة وشركة ميتسوبيشي 5 في المئة بهدف مساعدة العراق في تجميع وتصنيع وتسويق الغاز الطبيعي في البصرة.

وصادق مجلس الوزراء العراقي على هذا العقد آنذاك وسيعمل المشروع المشترك فور تأسيسه على جمع ومعالجة الغاز الخام في البصرة، ثم بيع الغاز الطبيعي المعالج والمنتجات ذات الصلة، مثل: غاز النفط المكثف والمسال، إلى الأسواق المحلية والخارجية.

وقد يلجأ المشروع المشترك مستقبلاً إلى بناء منشأة لإنتاج الغاز الطبيعي المسال من أجل تصديره؛ الأمر الذي من شأنه أن يعود بمزيد من النفع على الاقتصاد العراقي، والذي سيُدخل العراق في مصاف البلدان المُصدرة لهذه المادة كالجزائر وقطر ومصر وعمان؛ إذ شُكلت شراكات مماثلة بين الشركات الوطنية والشركات العالمية.


طن من غاز النفط المسال يحرق يومياً

وبحسب مصادر وزارة النفط العراقية في بغداد فقد بدأت شركة شل وغاز الجنوب في العمل على عدد من المشاريع المبكرة لتحقيق إنتاج المزيد من الغاز الجاف المتوافر لتوليد الطاقة الكهربائية؛ ما يؤدي إلى خفض كمية الطاقة المستمدة من الشبكة إضافة إلى استخراج المزيد من غاز النفط المسال؛ إذ يستورد العراق حالياً 1200 طن يومياً من غاز النفط المسال فيما يحرق 4000 طن يومياً.

وفي ظل هذه التطورات يرى الخبراء أن مشروعات الغاز باتت مطروحة بقوة على أولويات الحكومة العراقية للاستفادة من الثروة الغازية الضخمة التي يتربع عليها العراق والتي لا تقل أهمية عن ثروته النفطية.

ويقدر احتياطي العراق من الغاز بنحو 112 تريليون قدم مكعب يضعه في مصافي أهم 10 دول منتجة في العالم، في وقت يتزايد الطلب على الغاز عالمياً لتوليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه.


العراق قادر على إنتاج 6 مليارات قدم من الغاز

وبحسب خبراء يعملون في صناعة الغاز هناك، فإن العراق قادر على إنتاج أكثر من 6 مليارات قدم مكعب من الغاز المصاحب، تكفي لتغطية الاستهلاك المحلي والتصدير لكن حالياً لا يتعدى الإنتاج مليار قدم مكعب قياسي ومنها قرابة 700 مليون قدم مكعب تُحرق يومياً في حقول البصرة.

ويواجه العراق مشكلة حقيقة في الوقت الراهن بسبب حرق الغاز العراقي، الذي يتسبب في تراكم 20 مليون طن سنوياً من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، ما يساوي انبعاثات عوادم 3 ملايين سيارة. في حين لايزال العراق يستورد غاز الطبخ من الخارج وغير قادر على توليد الطاقة الكهربائية من الغاز لاعتماده على البدائل التقليدية مثل الديزل.

إلا أن المشروعات الغازية الجديدة في حال إقرارها والتوصل إلى اتفاقيات نهائية بشأنها تؤهل العراق لتصدير الغاز المُسال إلى الأسواق العالمية، أو دمجه مع خط الغاز العربي أو خط الغاز الخليجي.

العدد 2840 - الثلثاء 15 يونيو 2010م الموافق 02 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:02 ص

      البخار الذهبي

      الغاز هو البخار الذهبي وسيكون الرافد الاول للاقتصاد العراقي اذا احسن استثماره

    • بوحيدر | 1:41 ص

      الفال للبحرين

      كلما اشوفه يحترق يحترق قلبي وياه

اقرأ ايضاً