العدد 2844 - السبت 19 يونيو 2010م الموافق 06 رجب 1431هـ

الأموال المهربة من إفريقيا أكبر من ديونها

كشف أحدث تقرير أصدرته هيئة «السلامة المالية العالمية»(غلوبال فاينانشال إنتيغريتيي) الأميركية غير الحكومية، أن حجم الأموال التي تم تهريبها للخارج من أربع دول إفريقية، خلال العقود الأربعة الماضية، فاق 210 مليارات دولار، وأكثر من نصفها تم تهريبه من ثلاث دول عربية.

وبحسب تقرير منظمة السلامة العالمية فإن التلاعب بفواتير السلع المصدرة أو المستوردة يشكل الوسيلة الأكثر استخداماً لتهريب الأموال وخاصة في الدول العربية كما يؤكد الخبير المالي في المعهد الأميركي لتدقيق الحسابات، حسن دبشي، في حوار مع «دويتشه فيله». من جهته اعتبر رئيس جمعية الاقتصاديين العرب ورئيس تحرير صحيفة» لوموند ديبلوماتيك « الفرنسية (النسخة العربية)، سمير عيطة، في حوار مع «دويتشه فيله»، أن الغرض من استخدام طريقة التلاعب بفواتير السلع هو التهرب الضريبي، وهو ما يكلف تلك الدول خسائر مالية كبيرة.

وقال التقرير الذي أعد استناداً إلى دراسة أنجزتها الهيئة الأميركية بعنوان «استيعاب التدفقات المالية غير المشروعة من البلدان النامية»، إن تهريب السلع والرشوة وغسل الأموال وهشاشة الأنظمة المصرفية، تشكل الثغرات التي تتسبب في نزيف مالي للدول الإفريقية، بيد أن التقرير سلط الأضواء أيضاً على دور بنوك الدول المتقدمة في عمليات تهريب الأموال من دول القارة السمراء الأكثر فقراً في العالم.

وكشفت دراسة منظمة السلامة المالية العالمية، أن القارة السمراء فقدت في الفترة بين 1970 و2008 نحو 854 مليار دولار، وتأتي نيجيريا في المرتبة الأولى بـ 89،5 مليارات دولار وتليها مصر بـ 70،5 مليارات دولار، ليكون هذان البلدان بالإضافة إلى المغرب والجزائر من أسوأ الدول الإفريقية من حيث تهريب الأموال، وبلغ حجم الأموال المهربة من الجزائر 25.7 مليار دولار من ومن المغرب 25 مليار دولار، خلال الفترة نفسها.

ويرى الخبير المالي المغربي في المعهد الأميركي لتدقيق الحسابات، حسن دبشي، أن تصدر هذه الدول لقائمة ترتيب أسوأ الدول الإفريقية من حيث تهريب الأموال مرده أولاً إلى أن هذه الدول من أغنى دول القارة، وثانياً لأن ثغرات النظام المالي والقانوني في هذه الدول يسمح بخروج الأموال وتفاقم الظاهرة التي تتزايد بمعدل 11.5 في المئة سنوياً، بحسب التقرير.

وبحسب تقرير منظمة السلامة المالية العالمية فإن نحو 56 في المئة من الأموال المهربة يتم عبر التلاعب بفواتير السلع سواء المصدرة أو المستوردة منها، وبصدد هذه النقطة لاحظ دبشي أنه «يتم تسجيل رقم متفق عليه بين تاجرين من دولتين مختلفتين في الفواتير مع الاحتفاظ بهامش من المبلغ خارج الفاتورة يودع في حسابات خارجية».

التقرير الذي صدر حديثاً، تضمن انتقادات لأرقام وإحصاءات نشرها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بشأن تهريب الأموال من القارة الإفريقية، وكشف أن حجم الأموال المهربة يفوق حجم المساعدات المالية المرصودة لتنمية القارة السمراء بل يفوق أيضاً حجم مديونية القارة. كما أشار التقرير إلى أن الفرد الواحد في إفريقيا يفقد سنويا قرابة 989 دولار منذ العام 1970، وأن الأموال المهربة العام 2008 زادت عن إجمالي الناتج المحلي للقارة بـ7 في المئة.

ويعتقد أن تقرير المنظمة الأميركية هو أكثر دقة لأنه اعتمد في تقديراته على أرقام بنك التسويات الدولي، وأضاف «هذه الأرقام صادمة، فحجم الأموال المهربة يصل إلى 1000 مليار دولار سنوياً حول العالم»، وأضاف «أن يكون حجم المبالغ المهربة من مصر مثلا سبعة مليارات سنوياً وفي المغرب والجزائر نحو أربعة مليارات هو أمر خطير لأنها تفوق حجم ناتجها المحلي».

في حين يرى دبشي أن الأرقام التي وردت في التقرير هي مجرد تقديرات؛ إذ لا يمكن إعطاء أرقام دقيقة عن تهريب الأموال لأن معظم الطرق المعتمدة في التهريب غير قانونية، بالتالي فالمنظمة اعتمدت على أرقام رسمية بعيدة عن الواقع، في حين تظل الأرقام الحقيقية «أكبر بكثير». ولاحظ أن نيجيريا مثلاً التي تتصدر الترتيب، تعرف العديد من الاختلالات في نظامها البنكي، فمعظم الأموال التي يتم تحصيلها من النفط الذي يشكل المصدر الأول للاقتصاد النيجري ، يتم تحويل جزء منها إلى حسابات خارجية «بالتواطؤ مع الحكومة التي تعين رؤساء البنوك».

أما عن حال المغرب فيقول خبير قضايا تهريب الأموال إن بنك المغرب (البنك المركزي)، يضع قوانين صارمة للبنوك، لذلك فالأموال المهربة يتم إخراجها بالأساس عن طريق التلاعب بفواتير المبادلات التجارية وكذلك السلع المهربة عبر حدود المغرب مع الجزائر وإسبانيا

العدد 2844 - السبت 19 يونيو 2010م الموافق 06 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً