العدد 2863 - الخميس 08 يوليو 2010م الموافق 25 رجب 1431هـ

أيتام فضل الله

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل منتصف الليل، وفي نشرتها الإخبارية الأخيرة يوم الثلثاء الماضي، بثت «المنار» تقريراً عن «أيتام فضل الله». وفي اليوم التالي نشرت «السفير» اللبنانية موضوعاً عن الضاحية الجنوبية يوم دفنه... حيث توقف الباعة عن البيع، واليتيم يختبر معنى اليتم مرةً أخرى.

من مفاخر حضارتنا الإسلامية اهتمامها البالغ باليتيم، ربما لأن نبينا الأكرم (ص) كان يتيماً، فقد تجرّع اليتم منذ عامه الأول بفقد أبيه، وفُجع في السادسة بوفاة أمه، ولم يكمل العاشرة حتى فقد جدّه الحامي أيضاً. فكانت تعاليمه تحثّ كثيراً على رعاية اليتيم، وضمن (ص) لكافل اليتيم الجنّة ما لم يرتكب ذنباً لا يغتفر.

في آخر صفحةٍ من حياة تلميذه عليٍّ (ع)، نراه يوصي أهله ومن بلغه كتابه من الأجيال التالية بقوله: «الله الله في الأيتام، فلا تغبوا أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم»... وفي روايةٍ أخرى: «فلا يجوعن بحضرتكم». وما أصعب الجوع... فكيف إذا أصاب اليتيم؟

في أية مدرسةٍ حضاريةٍ أخرى غير المدرسة القرآنية، نجد حاكماً يُرسل والياً ليحكم بلداً كبيراً مثل مصر، فيوصيه بقوله: «وتعهّد أهل اليُتم وذوي الرقّة في السن ممّن لا حيلة له ولا ينصب للمسألة نفسه»... كما في عهد الإمام لمالكٍ الأشتر؟

إجابات أيتام فضل الله في تغطية «المنار» و»السفير» ليوم رحيله، كانت متشابهةً إلى حدّ التطابق: «اليوم... فقدت والدي. والآن عرفت معنى اليتم مرةً أخرى»... وتغرورق عيونهم بالدموع.

هؤلاء الأطفال والشبان الذين يزيد عددهم على ثلاثة آلاف، ترعرعوا في دور الأيتام التي أنشاها السيد فضل الله، فلم يعرفوا لهم أباً سواه. كانوا يرون في وجهه روح الأبوة وسماحتها، ويقول أحدهم أن النور أصبح ظلاماً. وحين زاره أحد تلامذته في مرضه الأخير، بادره السيد (رحمه الله) بالسؤال عن الشباب، قبل أن يسأله هو عن صحته.

البداية كانت مع تفجّر الحرب الأهلية، فاتفق مع السيد موسى الصدر والشيخ محمد مهدي شمس الدين على إنشاء مؤسسات للأيتام الذين تفرزهم الحرب، بدل تركهم طعمةً للمؤسسات التبشيرية. وبعد اتصالهم بالمرجع الأعلى السيد الخوئي أجاز لهم صرف الحقوق الشرعية فانطلقت تجربة المبرات الخيرية، التي اهتمت بتعليمهم حتى المرحلة الجامعية. وكانت مدارسه التي يصرف عليها من أموال الخمس تحتضن طلاباً من الشيعة والسنة والمسيحيين... أمّا المبرات فكانت تحتضن الأيتام المسلمين فقط لعدم دخول المسيحيين.

من أهم ما خلّف السيد فضل الله تجربته الرائدة في رعاية الأيتام. وهم أكثر الناس تأثراً وهم يرون صورته وتحتها عبارة «أستودعكم الله»، فيشعرون أنه يلوّح لهم بيديه... فتترقرق في أعينهم الدموع.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2863 - الخميس 08 يوليو 2010م الموافق 25 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • هل أنا شمعة | 4:02 م

      هل انا شمعة

      أصف نفسي حقا باليتيمة فلم نعلم ما قدره كعادتنا دوما لا نعرف قيمة العظيم إلا بعد فقده وها نحن الآن نستكشف صفاته بعدما فقدناه
      شكرا لك أستاذي الكريم على هذا المقال

    • زائر 13 | 12:43 م

      الحقيقة والذهب

      الضمير الحي . . عين الله في أرضه (شكسيبر)
      عدت حقائق يمكن للمرء ان يراها بما من الله عليه منها. فمن المشاهد العديدة التي حفل بها هذا الإنسان العبد لله توحي بالكثير. فالعديد منها لم يخفى والآخر ظاهر للعيان.
      فهو لم يورث للناس قصور كي تزار من بعد موته ، لكن ورث علما غزيرا وأعمال تشهد بمعدن قل مثيله.
      فمهما طلية المعادن كي تظهر بلون الذهب يبقى الذهب ذهبا، ويرجع ذلك إلى أمرين رئيسين للأصل الذي انحدر منه هذا الإنسان بالإضافة إلى ما زكى به نفسه. و الأمر الثاني هو الأهم في إظهار الأول.

    • زائر 12 | 8:58 ص

      مدرس ثانوي

      جزاك الله ألف خير يا سيد على هذا الرثاء في مقالك .
      و أنا أقرأ مقالك خنقتني العبره و سقطت دموعي من عيني لا إرادياً ، إن كنت أنا الشاب لا أستطيع التحكم بعواطفي فما بالك بالأيتام الصغار الذين لم يعرفوا إلا السيد أباً لهم و مربياً و معلماً ، الله يكون في عونهم على هذا المصاب الجلل و يصبرهم على فراق السيد رحمة الله عليه .

    • زائر 10 | 6:06 ص

      نعم العالم

      السيد رضوان الله علية حسسني بالامان لما كنت اساله ويرد على استفساراتي اشعر الان باليتم فعلا كان لي الامان في اموري الخاصة كلما شعرت باني ارتكبت خطا راسلته ورجع لي بالامان والان سافقدة كثيرا نعم الاب كان نعم السيد نعم الرجا العظيم واحسنت اخي الكاتب على هذا المقال الرائع

    • زائر 9 | 4:36 ص

      أبكيتني مع الايتام

      فأنا يتيمة ايضا و أحس أني فقدت والدي ووالدتي للمرة الثانية فرحمك الله يا سيد فضل الله كنت احتار في مسائلي فاراسله فيجيب لي وافرح عندما ارى رسالته مختومة بختمه فاحسه بقربي ينصحني وداعا ابنا الروحي وداعا والى جنان الخلد

    • زائر 8 | 4:26 ص

      تفعيل اموال 20%

      الرجاء عدم الاساءة للنية والمقصود هو الانصاف وقول الحق وعدم ابخاس الناس حقوقهم والذي اريد اشير اليه هو ما قامت به بعض الجمعيات الخيرية يكتب انشأ الله في ميزان حسناتها مثل جمعية الزهراء للايتام مشكورة بتزويج 250 شابا في ليلة واحدة من الشيعة والسنة .
      السؤال الا نسطيع عمل مثل ذلك باموال الخمس وكذلك للدراسة والسكن لو فعلت هذه الاموال لكنا في احسن حال ؟؟
      الرجاء مرة ثانية تفسير الكلام بحسن نية و للتذكير فقط والاشارة لعمل الخير والحث عليه وتشجيعه.
      (فذكر ان الذكرى تنفع المؤمنين)

    • زائر 7 | 4:04 ص

      استخدام( 20% )واقصد الخمس

      فاتفق السيد فضل الله مع السيد موسى الصدر والشيخ محمد مهدي شمس الدين على إنشاء مؤسسات للأيتام الذين تفرزهم الحرب، بدل تركهم . وبعد اتصالهم بالمرجع الأعلى السيد الخوئي أجاز لهم صرف الحقوق الشرعية فانطلقت تجربة المبرات الخيرية، التي اهتمت بتعليمهم حتى المرحلة الجامعية. وكانت مدارسه التي يصرف عليها من أموال الخمس ...
      سؤال اين الحقوق الشرعية في البحرين ؟
      الا ينطبق العنوان نفسه علينا في البحرين ؟
      نحن اغنى طائفة في العالم كما يقول (الفضلي) لو احسن استخدام( 20% )ويقصد الخمس؟

    • زائر 6 | 2:48 ص

      ]dairawi

      تترقرق دموعي كلما أتذكر وأتخيل أننا فقدنا السيد الكبير

    • زائر 5 | 2:38 ص

      ونحن كذلك من عشنا مع فكر فضل الله

      حين يتحث السيد فضل الله في الدين فانه يتحدث عن دين حي غير جامد لذلك حبوه الشباب وهو شيخ كبير حبوه الشباب و كانه من احكم اقرانهم و نحن امام هذه الهوة الواسعة التي خلفها رحيله نشعر بحالة من الضياع النفسي تشابه احساس اليتيم.

    • زائر 4 | 2:31 ص

      انتقاد وعتب لك يا سيد قاسم

      رحم الله السيد فضل الله ..
      عتب وانتقاد للكاتب المحترم والذي اكن له كل التقدير : لماذا لا تكتب عن الفعاليات التي تقيمها حركات وتيارات من المعارضة كمسيرة معا لرفض الشعب المستورد اليوم الجمعة.
      اليست هذه فعاليات سلمية جدا وتوصل الرسالة للمعنيين ،؟؟ لماذا لا نرى منكم الدعم والمؤازرة ام ان فعاليات المعارضة (خاص وحصري) لجهة معين تكتب عنها فقط.
      ارجوا ان تكون كاتبا يدعم اي فعالية سلمية من اي طرف هدفها المطالبة بالحقوق وتعزيز الوعي بالمطالب الحقه.
      شكرا لك

    • زائر 3 | 2:21 ص

      رجل من القليل هو السيد فضل الله

      و ما زالت الايام تكشف لنا عن عظمة هذا السيد سليل الحسن المثنى ابن الامام الحسن بن علي بن ابي طالب رضوان الله عليهم . ونرى في سيرة السيد انه اقتدى بجده الامام الحسن في دفع اولوية الاعتصام بحبل الله جميعا على سائر الامور. فجدة ضحى بكرسي السلطة ليجتمع امر المسلمين على قلب رجل واحد وها هو السيد في زماننا يعيد الكرة فيعلن بالفتوى يلي الفتوى بتحريم اللعن والطعن في صحابة الرسول وفي ازواجة امهات المؤمنين اسوة بسيرة اجدادة ولم يبالي في الحق لومة لائم ما سيفسح للمذاهب الطريق للتقريب.
      عشت ومت كريما

    • زائر 2 | 12:20 ص

      بفقدكـ عرفنا اليتم يا والدنا

      تترقرق في أعيننا الدموع نحن أيضاَ فنحن أيتامه كذلك فقد كان نعم الأب والمربي .. فنقول كذلك اليوم عرفنا معنى اليتم يا والدنا وسيدنا ومربينا ، رحمك الله وشفّعك فينا وسقاك الله من حوض الكوثر وجمعك مع من تحب محمداً وآله الطيبين الطاهرين.

    • زائر 1 | 12:04 ص

      بهلول

      بسم الله الرحمن الرحيم ، " وأما اليتيم فلا تقهر " ، " ولا تقربوا مال اليتيم ... " و عن أحد الأئمة عليهم السلام " الله الله في الأيتام " ..............بوركت أيها السيد الفاضل على مقالاتك الرائعة ... و لكني لم أستطع تلفظ كلمة "وتغرورق" رغم محاولتي عدة مرات .

اقرأ ايضاً