العدد 2872 - السبت 17 يوليو 2010م الموافق 04 شعبان 1431هـ

السباق الانتخابي والأحصنة الهرمة

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

هنري فورد مؤسس شركة فورد العملاقة للسيارات والمتوفى في العام 1947 قال مرة «لو أنني كنت قد سألت زبائني عما يحتاجونه، لقالوا إننا نحتاج أحصنة أكثر سرعة». وعلى نفس المنوال نقول في البحرين لو أن كل جمعية سياسية سألت المحيطين بها عما يحتاجونه في المجلس المقبل، لقالوا نريد نواباً أكثر شراسة!

المهندس فورد الذي ينسب إليه اختراع تقنية خطوط التجميع التي سهلت كثيراً صناعة السيارات وبالتالي قللت من تكلفتها بالنسبة لمئات الملايين حول العالم، يختصر لنا بجملته تلك مبدأ مهماً يمكن تطبيقه على الواقع السياسي البحريني بجدارة يقول: «لكي تحدث تغييراً ما عليك أن تفكر خارج إطار ما يقوله المحيطون بك». وبالمقاربة فإن برلماننا البحريني أحوج ما يكون إلى اختراع سيارات سريعة على طريقة فورد تتنقل بين ملفاته، من حاجته إلى انتظار طويل وتجارب متكررة حتى يتم تعديل أحصنته المنهكة جينياً كي تصبح أسرع. هذا الاختراع سيدفع الجمهور دفعاً لكي يكتشف أن زمن الأحصنة لم يعد مقبولاً، بحيث لن ترضي طموحه غير السيارات السريعة.

ولكن مع الأسف لا تفكر الجمعيات السياسية في البحرين بعقلية فورد، فمازالت تعيش في زمن الأحصنة، يبحث كل منها عن حصان سريع يسابق باقي الأحصنة الموجودة في الساحة، لكي يستطيع أن يصل بها إلى أكبر عدد ممكن من مقاعد البرلمان، ولكن بعد أن تنهك قواه وقواها معاً في تلك الرحلة. ومن الواضح أن كثيراً من الأحصنة الهرمة والمخضرمة ستدخل السباق من جديد.

لا شيء يجعلنا نفكر في أن السباق الانتخابي الذي يطل علينا في البحرين قريباً سيكون مختلفاً عن سابقه. فعلى الرغم من تشابه الاستراتيجيات والأهداف العامة لم تنجح لا التيارات المحسوبة على الموالاة، ولا التيارات المحسوبة على المعارضة في اختزال أحصنتها لصنع سيارة سريعة تقتحم البرلمان. فمشاريع التحالف بين جمعيتي المنبر الإسلامي والأصالة لم تنجح بعد في توليد قائمة موحدة، مثلما لم تنجح جمعيات المعارضة في تحقيق الهدف نفسه. والمثير في الموضوع أنه وفقاً لهذه التشكيلة فإن مجمل التنافس الانتخابي سيكون كما تعودنا بين الجمعيات المحسوبة على المعارضة وبعضها البعض، أو بين الجمعيات المحسوبة على الموالاة وبعضها البعض، إلا فيما ندر من الدوائر التي يتواجه فيها المعسكران.

القائمة الانتخابية الموحدة كانت على الدوام حلماً داعب قوى المعارضة، لكن أوان تحقيقه لم يحن بعد على ما يبدو. فقد بررت جمعية الوفاق مثلاً موقفها على لسان نائبها جواد فيروز في الندوة الأخيرة التي عقدتها جمعية العمل الوطني الديمقراطي، والذي قال إن الاستفتاء الذي أجرته الجمعية في دوائرها الانتخابية أثبت جملة من الأمور، على رأسها أن الجمهور لم يؤكد أنه سينتخب مرشح الوفاق أياً يكن، وأن قائمة أسماء المرشحين التي قدمها الجمهور لجمعية الوفاق خلت من أي اسم ليبرالي معارض أو نسائي.

المشكلة إذاً بحسب هذا المنطق هي في وعي الجماهير التي يجب أن تعمل الجمعيات على رفعه ليكون مستعداً لتقبل فكرة القائمة الموحدة وتقبل فكرة المرأة كنائب. وانتظاراً لكي يتحقق هذا الوعي لتبقى الجمعيات على أحصنتها القديمة نفسها وتحاول جاهدة حثها على السرعة، وهذا أضعف الإيمان.

لن تنتقل التيارات السياسية في البحرين من عصر الأحصنة إلى عصر السيارات حتى تبتعد عن أنانيتها في حصد أكبر عدد يمكن تحقيقه من مقاعد البرلمان، وتفكر بنظرة شمولية في عقد تحالفات استراتيجية تنقلها لعصر سياسي جديد. وحتى ذلك الحين سيبقى وعي الجماهير هو الشماعة التي يعلق عليها الجميع القصور في أي تغيير سياسي. الشماعة التي لو استسلم لها فورد لما حصلنا لا على سيارات ولا على أحصنة أسرع.

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 2872 - السبت 17 يوليو 2010م الموافق 04 شعبان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 9:17 ص

      مقال ممتاز

      عزيزتي ندى يسلم قلمك.. مقال ممتاز
      ولكن.. لا يستقيم السير والطريق اعوج.

    • زائر 1 | 5:10 ص

      حسين

      لازالت القوى تتنافس وتدخل الانتخابات بعقلية الكتلة والجمعية وهذي حدود ضيقه في العمل البرلماني انت في عملية ديمقراطية وليس كل الناس يميلون لان ينتخبو وجه ايماني لايفقه في السياسه ويكون وجوده ديني ويماني اكثر من ان يكون عقلية سياسية هذا المأخد علي جمعية الوفاق وباقي الجمعيات ستفرض عليها الانانية الحزبية في ان ترشح اعضائها لابد من رؤية مشتركة لعمل وطني يتخطى مرحلة الايمان والحزب والجمعية ويعتمد على الكفائة لنستطيع ان نطور العمل البرلماني ونستطيع ان نقرأ واقعنا السياسي بعيد عن المهاترات

اقرأ ايضاً