العدد 2878 - الجمعة 23 يوليو 2010م الموافق 10 شعبان 1431هـ

السودان يتحدى المحكمة الجنائية بتعزيز علاقاته مع تشاد

تعزز الحفاوة الرسمية التي استقبل بها الرئيس السوداني عمر حسن البشير في تشاد انفراجاً جديداً في العلاقات بين الخصمين السابقين في تحدٍ جريء لاتهام المحكمة الجنائية الدولية للبشير بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب.

وعلى رغم أن رفض تشاد إلقاء القبض على البشير أثناء زيارته لها يشكل ضربة جديدة لصدقية المحكمة الجنائية الدولية إلا أنه من المستبعد أن يكون مستهجناً من قبل الدول الإفريقية التي تعرف متى تنتصر مصالحها الأمنية على اعتبارات حقوق الإنسان.

وقالت المحللة لدى مؤسسة «أوراسيا»، رولاكي أكينولا: «سيؤدي اتخاذ قرار إلقاء القبض عليه إلى نتائج عكسية... الهدوء النسبي على الحدود قد يتعرض للخطر». وكانت أكينولا تشير إلى الهدوء الهش منذ أبرام هدنة في فبراير/ شباط الماضي في حرب بين البلدين تدار بالوكالة منذ أعوام من خلال متمردين على الدولتين.

وزيارة البشير لتشاد التي بدأت يوم الأربعاء الماضي وتستغرق ثلاثة أيام لحضور قمة إقليمية هي أول زيارة يخاطر فيها بالتوجه إلى دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية منذ أن طلبت المحكمة التي تتخذ من لاهاي بهولندا مقراً لها اعتقال البشير في اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية في إقليم دارفور بغرب السودان.

واستقبل الرئيس التشادي إدريس ديبي البشير استقبالاً بحفاوة رسمية كاملة في المطار وأعلنت حكومة ديبي أن البشير سيعود إلى بلاده «آمناً سالماً» رافضة أي إلزام عليها بإلقاء القبض على رئيس دولة وهو يشغل المنصب. وفي بادرة محسوبة لحسن الجوار جاءت في وقتها طرد السودان عشية وصول البشير للعاصمة التشادية أنجمينا كلاً من محمد نوري وتيمان ارديمي وهما من أبرز زعماء التمرد التشاديين.

وجاءت الخطوة على إثر اتفاق وقع هذا العام يقضي بأن يمتنع كل طرف عن تأييد المتمردين على الطرف الآخر الذين تسببوا في الدمار منذ أن حمل متمردو دارفور السلاح في العام 2003 متهمين الخرطوم بإهمال الإقليم القاحل. وينتمي كثير من المتمردين في دارفور إلى قبيلة الزغاوة التي ينتمي إليها الرئيس التشادي.

وكان ديبي من بين زعماء شهدوا أداء البشير اليمين بعد أن أعيد انتخابه رئيساً للسودان في مايو/ أيار الماضي. ويعول ديبي الآن على أن يساعده الهدوء النسبي مع السودان على الفوز هو وحلفاؤه في الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي ستجرى هذا العام والعام المقبل.

وقال مدير مشروع دراسات القرن الإفريقي في المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات، ارنست يان هوجندورن: «كلا الطرفين سيرغبان في أن يظلا على وفاق ومن مصلحتهما أن يفعلا ذلك». ولهذا الرأي صدى يتجاوز حدود الدولتين.

وهناك تحفظات على توقيت صدور أمري الاعتقال ضد البشير حيث يطلب الاتحاد الإفريقي من المحكمة الجنائية الدولية تأجيل أي إجراء ضد رئيس السودان خشية أن يزيد ذلك من حدة التوترات في البلاد في فترة حاسمة في جهوده لإحلال السلام.

كذلك يبدي الذين يؤيدون الاستفتاء على انفصال جنوب السودان في يناير/ كانون الثاني 2011 كفرصة لحسم الصراع بين الشمال والجنوب فتوراً إزاء فكرة عزل البشير. وقال وزير خارجية النرويج يوناس جار شتوري في الشهر الماضي إن مذكرتي اعتقال البشير يجب ألا «تشل» الجهود الدولية لدعم عملية السلام.

ولكن هوجندورن من المجموعة الدولية قال إن ديبي قد يواجه مع هذا انتقاداً من مؤيدي المحكمة الجنائية الدولية مثل جنوب إفريقيا التي حذرت البشير من أنه قد يعتقل إذا ظهر في مباريات نهائيات كأس العالم. ولم يحضر البشير البطولة.

وبينما عدلت أوغندا عن قرارها الأصلي بعدم دعوة البشير لحضور قمة للاتحاد الإفريقي تعقد في كمبالا في مطلع الأسبوع المقبل قال مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إن الرئيس الأوغندي يوويري موسيفيني حذر أيضاً البشير من أنه سيعتقل إذا حضر القمة.

ولكن أكينولا من أوراسيا قالت إنه من الملحوظ أن التضامن بين الزعماء الأفارقة الذين احتل أربعة منهم مكاناً في قائمة أسوأ «عشرة حكام مستبدين» في العالم التي أعدتها مجلة «فورين بوليسي» الأميركية هذا الشهر يحد من الضغوط على البشير.

وقالت «هناك شعور عام بالتضامن بين الأفارقة وإلا سيخرق هذا اتفاقاً ضمنياً غير مكتوب بألا يشي أحد بالآخر».

العدد 2878 - الجمعة 23 يوليو 2010م الموافق 10 شعبان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً