العدد 2883 - الأربعاء 28 يوليو 2010م الموافق 15 شعبان 1431هـ

قدسنا

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

يُنظَر إلى مدينة القدس بوقار وتبجيل في أنحاء العالم كافة على أنها مهد الديانات التوحيدية الثلاث. ينظر إليها المسلمون والمسيحيون واليهود على أنها أرض مقدسة. لذا فإن الاحترام الكامل لحقوق الديانات الثلاثة، الذي يرتكز على التفاهم والاعتراف المتبادلين، هو متطلب لا مناص منه على طريق السلام.

وإلى أن يصل كل من الأطراف إلى إدراك أن المدينة لا يمكن أن تكون «له» فقط، فسوف يبقى النزاع الإسرائيلي الفلسطيني غير قابل للحل.

لقد أثبت لنا الماضي أنه ليس باستطاعة أمة واحدة أو دين واحد الادعاء بملكية القدس والحصول على اعتراف دولي بذلك.

فشل الأردن بالحصول على هذا الاعتراف عندما حكم القدس الشرقية والمدينة القديمة بين العامين 1948 و1967. وتواجه إسرائيل اليوم رداً مماثلاً. بمعنى آخر لن يكون هناك اعتراف دولي لجانب واحد على حساب الجانب الآخر، ولن يتم ذلك إلا ضمن ترتيب تتفق بموجبه الأطراف المحلية على التشارك بهذه المدينة المقدسة.

ابتكر الراحل فيصل الحسيني، وهو أهم زعيم فلسطيني في عهدنا على الأرجح، سليل أسرة الحسيني المسلمة في القدس، تعبير «قدسنا». «سوف يأتي اليوم الذي يعني فيه يهودي يتحدث عن «قدسنا» الإسرائيليين والفلسطينيين، ويعني فيه عربي يتكلم عن «قدسنا» الفلسطينيين والإسرائيليين»، حسب قوله. سعى الحسيني لأن يخبر الفلسطينيين والإسرائيليين أن ادعاءات الأمتين يجب أن يُعتَرَف بها بشكل كامل في هذه المدينة المقدسة حتى يتسنى الوصول إلى حل للنزاع.

ورغم التمييز المفرِط بين اليهود والعرب في المدينة وثلاث وأربعين سنة من جهود حكومات إسرائيلية متعاقبة لإيجاد غالبية يهودية، مازال هناك مجال للسيادة الفلسطينية على القدس الشرقية. ولكن بوجود إسرائيل مستمرة بإيجاد حقائق على الأرض تستبق احتمالات أن تكون القدس عاصمة للدولتين، فإن الوقت يمر بسرعة. وهذا هو سبب إصرار السلطة الفلسطينية على تجميد بناء المستوطنات الإسرائيلية في القدس الشرقية أثناء محادثات التقارب الحالية.

جرى ضمن سلسلة من نقاشات مغلقة حول مائدة مستديرة نظّمها مركز إسرائيل/ فلسطين للبحوث والمعلومات، جمع عدد من الخبراء الفلسطينيين والإسرائيليين حول القدس، ومنهم العديد من الشخصيات العامة المعروفة، في حوار معمق حول مستقبل المدينة القديمة داخل جدرانها التاريخية. توصلت المجموعة إلى النتائج التالية: يتوجب على الإسرائيليين الاعتراف بالسيادة الفلسطينية على الجزئين المسلم والمسيحي، ويتوجب على الفلسطينيين الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجزء اليهودي. كانت النقطة الخلافية الوحيدة داخل أسوار المدينة القديمة هي مصير الحي الأرمني. نظراً إلى سكان هذا الجزء، الذين يتمتعون بوضع فريد، وموقعه الحساس قرب الحي اليهودي، يطالب الطرفان بحق السلطة عليه.

تشكل المطالبات المتنافسة على الحي الأرمني برأيي تحدياً هو في الوقت نفسه فرصة. وقد يكون الحل الوسط له هو السيادة المشتركة. وحيث أن بقية المدينة سوف تقسم بين الحكم الإسرائيلي والحكم الفلسطيني، فسوف يحكم الحي الأرمني كيان إسرائيلي فلسطيني بحيث يكون لكل من الدولتين حقوق متساوية في هذا الحي. يمكن للسيادة المشتركة على الحي الأرمني أن تيسّر الفرص لكل من الجانبين ليتعلم كيف يبني الثقة والتعاون، وهي مكونات أساسية لعلاقة مستقبلية مستقرة.

ومن الاستنتاجات الأخرى التي توصل إليها الخبراء الإسرائيليون والفلسطينيون استنتاجات تتعلق بالحفاظ على الوضع الراهن فيما يتعلق بالأماكن الإسلامية واليهودية، وهذا يعني الحرم الشريف، المسمى «تلة الهيكل» في العالم اليهودي، والذي سيكون تحت سيادة الأمم العربية والإدارة الفلسطينية. يقع الحرم الشريف حتى هذه اللحظة تحت إدارة دائرة الأوقاف الإسلامية التابعة للحكومة الأردنية، وهذا أمر تعترف به إسرائيل. كما يقع الحائط الغربي («الكوتل» بالعبرية) والساحة المواجهة له تحت السيادة الإسرائيلية لمجلس حاخامات الكوتل الذي يقوم بإدارته. وقد ساد هذا الوضع خلال السنوات الثلاث والأربعين الماضية، وهو ملتزم بتعاليم الحلاشا اليهودية في التيار الرئيس. وربما لا تُغيّر سوى مشيئة الله أو قدوم المخلص هذا الترتيب القائم.

أما بالنسبة إلى ما وراء أسوار المدينة القديمة، فقد اتفقت لجنة الخبراء أن المستوطنات حول القدس الشرقية، مثل غيلو وبسغات زئيف والنبي يعقوب وغيرها يمكن أن تكون جزءاً من عملية تبادل الأراضي المتفق عليها والتي ستعوض السلطة الفلسطينية بأرض ذات حجم ونوعية مماثلين في منطقة القدس.

ورغم السيادة المقسّمة على المدينة، يجب أن تبقى القدس ككل مدينة مفتوحة غير مقسّمة لجميع مواطنيها. يجب أن تكون نقاط التفتيش، إذا كانت هناك حاجة لها، على أطراف المدينة وليس ضمن حدودها.

شعر الراحل فيصل الحسيني وبقوة بوجوب الاعتراف بحقوق الأمّتين في القدس. يحمل تعبيره «قدسنا» توجهه العادل والإنساني الفريد. «قدسنا» مدينة واحدة مقسمة بين سيادتين، غير مقسّمة جغرافياً، ذات حدود مفتوحة.

الوقت يمر بسرعة أمام جعل هذه الرؤية احتمالاً حقيقياً. يتوجب على القيادة الإسرائيلية التوقف عن الاستسلام لضغوطات جماعات المستوطنين وإدراك أن حل الدولتين مع سيادة مشتركة في القدس هو الأمر المفضل والمرغوب لكل من الشعبين والمجتمع الدولي.

* ناشر في صحيفة «الجيروساليم تايمز» ورئيس غرفة التجارة الأوروبية الفلسطينية والمدير التنفيذي العام المشارك لمركز إسرائيل/ فلسطين للبحوث والمعلومات، والمقال يُنشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2883 - الأربعاء 28 يوليو 2010م الموافق 15 شعبان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 10:55 ص

      إلى متى؟

      إلى متى ستبث في أوساطنا هذه اللهجة (الإسرائيلية المقنعة) وجعل القدس وكأنها حق من حقوق الصهاينة ويجب علينا تقبل هذه الحقيقة بنفس مؤمنه؟
      القدس لنا وستثبت الأيام طهارة قضيتنا..، والصبح قريب إن شاء الله..

اقرأ ايضاً