العدد 2885 - الجمعة 30 يوليو 2010م الموافق 17 شعبان 1431هـ

جوزيف مايتون- بالتعاون مع كومند جراوند

في وسط الكارثة البيئية في غزة... هناك فرصة

بالإضافة إلى المعاناة الواضحة التي يتسبب بها الحصار على قطاع غزة، هناك كارثة بيئية أخرى لا يجري بحثها بشكل شائع، بدأت تأخذ شكلاً قد تكون له تداعيات رهيبة على المدى البعيد. فحسب تقرير أعده برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، يتسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل ومصر على القطاع بنقص شديد في المياه يمنع المزارعين من فلاحة أرضهم، الأمر الذي يؤدي إلى ضرر بيئي يحتاج إلى عقود عديدة لإصلاحه.

يعني الحصار للمزارع يوسف غفار الذي يزرع القمح بالقرب من خان يونس أنه لا يستطيع استبدال معداته القديمة، والأرجح أن تربة حقوله سوف تفسد تحت شمس الصيف لولا مساعدة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وهو يقول إن الآخرين لا يتمتعون بحظه، فالعديد من المزارعين لا يستطيعون بسبب الحصار، الوصول إلى أراضيهم، أو يفتقرون للأدوات لفلاحتها، الأمر الذي يتسبب باستهلاك التربة بشكل هائل.

فُقِد ما يُقدَّر بخمس الأراضي الزراعية في القطاع منذ حرب العام 2008، نتيجة لتفسّخ التربة وانحلالها، حسب تصريح لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وقد وصل تلوّث التربة الآن أعلى درجاته التاريخية، حيث تسببت ملوحتها بتآكل هائل، وتركت المجاري والانسياب الزراعي مساحات شاسعة منها عاقرة غير منتجة، مما يؤدي إلى نتائج بعيدة المدى، بما فيها تسمم الأطفال بالنترات.

إضافة إلى ذلك فقد ازداد شحّ المياه خلال السنوات القليلة الماضية. وورد في تقرير لمجموعة فورسايث الاستراتيجية في بداية السنة أن توافر المياه المتجددة للفرد يتوقع أن يهبط من 750 متراً مكعباً إلى 500 بحلول العام 2025.

كذلك يجري إلقاء مياه المجاري في البحر الأبيض المتوسط قبالة شاطئ غزة، الأمر الذي قد يؤدي إلى نتائج وخيمة على الحياة البحرية حسب جماعات بيئية متعددة، وإلى قطع مصادر رزق الكثيرين من العاملين في صناعة صيد الأسماك، إذا لم تتخذ إجراءات لتلافي هذا الخطر.

إلا أنه رغم التشاؤم السائد بشكل عام حيال الوضع البيئي في غزة، ما زالت هذه فرصة لتحويل مجرى الأمور.

يشكّل إنهاء الحصار الخطوة الأولى، وهناك ما وراء ذلك جهود جديدة على مستوى الجذور، يبذلها ناشطون بيئيون إسرائيليون وفلسطينيون لإبراز البيئة إلى واجهة الجدل السائد. أصبح البيئيون يشكّلون العنصر المشترك الموحِّد في عالم اليوم. أنظر على سبيل المثال إلى سيريلانكا، حيث انضم الأعداء السابقون في دولة ما بعد الحرب معاً لتوفير مياه الشرب النظيفة للسكان في جميع المناطق.

يصبح القاموسان الفلسطيني والإسرائيلي فجأة قاموساً واحداً عند الحديث عن البيئة. تبدو الخلافات السياسية أقل حدة وأهمية عندما يتحول الموضوع إلى الكوارث البيئية، فنقص المياه هو نقص المياه، وموت البحر الميت هو موت البحر الميت. تقوم منظمات دولية غير حكومية مثل أصدقاء الأرض في الشرق الأوسط، التي تضم فلسطينيين وإسرائيليين بإصدار بيانات مشتركة مستخدمة لغة واحدة للتعامل مع المخاطر البيئية مثل مستقبل نهر الأردن. يجب أن يحصل الأمر نفسه فيما يتعلق بغزة. يمكن ولو لمرة واحدة أن يتشارك الأعداء المفترضون بنفس عملية تحليل التهديدات. وهذه إحدى إنجازات الحركة البيئية.

تحدّثت مؤخراً مع آري أديلسمان، وهو ناشط مركزه مدينة نيويورك، ينطوي مشروعه المستقبلي على التشارك مع جماعات يهودية عبر العالم لإنهاء حصار غزة، والجمع بين التكنولوجيا الإسرائيلية والاحتياجات الفلسطينية على الأرض. وهو مشروع يجمع الناشطين معاً دون الوقوع في مستنقع الهياكل التنظيمية في الوقت الحاضر، وإنما يأمل أديلسمان بإيجاد مظلّة للناشطين المستقلين للعمل معاً. ويقول أديلسمان إن إسرائيل تمكنت من تحويل الصحراء إلى «جنة خضراء» من خلال تقدمها التكنولوجي، «لماذا إذاً لا يمكن عمل ذلك لإنقاذ الأرض في غزة؟» ويناقش أديلسمان أن إسرائيل تعترف بكون البيئة عنصراً مهماً في أي جهد سلمي مستدام مع غزة. ويوافق نظيره الفلسطيني عادل حسن على ذلك. «البيئة شيء يتوجب علينا جميعاً الحفاظ عليه لأنها تعبر الحدود وتؤثر على جميع الناس»، مضيفاً أن باستطاعة التقنيات الجديدة والقوى البشرية المساعدة تحويل فكرة أن الإسرائيليين والفلسطينيين لا يستطيعون العمل معاً.

يؤمن أديلسمان وحسن في نهاية المطاف أنه من خلال النقاش البيئي والمفاوضات سوف يتمكن الفلسطينيون والإسرائيليون من بناء أرضية مشتركة بإمكانها أن تصبح قوة دافعة هامة من أجل السلام.

ويقول حسن أن هناك عدد من الإسرائيليين المستعدّين والراغبين بالعمل مع الفلسطينيين على الأمور البيئية، لأن الأمر «يشكل مستقبلنا ومستقبلهم المعرّضان للخطر إذا لم نفعل شيئاً».

إنه وضع يربح فيه الجميع: ننقذ البيئة ونتخذ خطوات نحو السلام الفلسطيني الإسرائيلي

العدد 2885 - الجمعة 30 يوليو 2010م الموافق 17 شعبان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً