العدد 2885 - الجمعة 30 يوليو 2010م الموافق 17 شعبان 1431هـ

مشروع نورانا والتنمية المستدامة

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قد لا يعي معظم أصحاب المشاريع الصناعية وغيرها، كمشروع نورانا أن التنمية المستدامة هي الحق في استغلال الموارد الطبيعية ولكن في المقابل المسئولية عن حماية البيئة والناس، أي يجب أن يكون انسجاماً بين تحقيق الأهداف التنموية من جهة وحماية البيئة واستدامتها من جهة أخرى وعدم التفريط في حفظ حقوق عامة الشعب، فينبغي على من يفكر في مشروع استثماري أن يأخذ في اعتباره حقوق الناس ومصالحهم، فلا يجوز أن يستأثر بالمصلحة الخاصة دون النظر للمصالح العامة للمواطنين.

بناءً على ما تقدم يجب عدم إعطاء التراخيص لمشاريع ضخمة تؤثر في البيئة البحرية وتدمرها من غير جدوى للمواطنين، ونشد يدنا بيد المدير العام لحماية البيئة ورئيس كتلة الوفاق البلدية، ورئيس المجلس البلدي للمحافظة الشمالية، لأن ذلك يعتبر تعدياً صارخاً على البحرين وعلى حقوق الشعب كافة، ونقول نعم الأيادي البيضاء، ونشكرهم على مواقفهم الجريئة وتأديتهم الأمانة بشكل صحيح ومسئول. المشروع أيضاً يهدد الأمن الغذائي لجميع شرائح المجتمع، وكذلك يؤثر في الحياة المعيشية والسياحية (حرمان الناس من الساحل العام) والاجتماعية (التفريط في خدمات الإسكان للأهالي)، والاقتصادية (عندما يقبع العاطلون على نواصي الطرقات من غير عمل).

يبدو أن التنمية المستدامة المعروفة من ضمن السياسة البيئية قد وضعت في تشريعاتنا، كشعار براق نتشدق به في المحافل الدولية وليس كأجندة سياسية معاصرة في حماية البيئة، وإلا كيف يحق لشخص واحد تملك أرض ذات مساحة كبيرة وإغلاق ساحل عام من ضمن المخطط الاستراتيجي للإسكان، والمفترض أن يستفيد منه أصحاب القرى المطلة عليه الذين هم في أمس الحاجة إليه - وهذا جعل كل الحكومات تقريباً تتبنى التنمية المستدامة حتى لو عكست تلك الأجندات التزامات سياسية مختلفة جداً تجاه الاستدامة، حيث تم استخدام المبدأ لدعم وجهات نظر متناقضة كلياً حيال قضايا بيئية مثل التغير المناخي والتدهور البيئي اعتماداً على زاوية التفسير، فالاستدامة يمكن أن تعني أشياء مختلفة، بل متناقضة أحياناً، للاقتصاديين، وأنصار البيئة، والمحامين، والفلاسفة. ولذا يبدو أن التوافق بين وجهات النظر تلك بعيدة المنال.

كذلك وبالنظر إلى أن إنجاز التنمية المستدامة يتطلب أمراً من اثنين، إما تقليص حجم طلب المجتمع على موارد الأرض أو زيادة حجم الموارد حتى يمكن على الأقل تجسير وتضييق الفجوة بين العرض والطلب إلى حد ما.

شهدت مملكة البحرين خلال العقدين الماضيين، خللاً أثر في التنمية المستدامة وبات التأثير واضحاً حيث لم تكن هناك استدامة، بعد أن ارتبطت طريقة استهلاك الإنسان المنبثق عنه بأزمات بيئية خطيرة مثل فقدان التنوع البيئي الناتج من تدمير البيئة البحرية وتهديد حياة الكائنات بها وتدمير حاضنات الأسماك؛ مما أدى إلى نقص في نسبتها وأنواعها أو انقراض بعضها.

من الحلول المناسبة والمقترحات، لإعادة تأهيل البيئة البحرية والعمل على تحقيق استدامتها وزيادة مدخراتها، نقترح بوقف كل مسببات تدمير البيئة البحرية من الصيد بواسطة الشبابيك المختلفة، وتعويض المتضررين ومن في حكمهم براتب شهري مجزٍ لمدة عام. كما يجب وقف الدفان كلياً خلال هذا المدة ليتسنى لكل أنواع الكائنات البحرية بالتوالد والتكاثر وزيادة استزراع الأسماك، وسوف يظهر ما لهذا الاقتراح من نفع عام، ودور أساسي في التنمية المستدامة لاحقاً.

نقترح هذه الحلول ونركز على هذا الاقتراح بسبب ما أشار إليه كل من سوزان وبيتر كالفرت في إحدى دراساتهم إلى أن المجتمعات تواجه في الوقت الحاضر مشكلتين رئيستين، تتمثل الأولى في أن معظم الموارد معرضة للنفاد في المستقبل القريب، أما الثانية تتمثل في زيادة كمية الفضلات التي ننتجها مما أدى إلى زيادة التلوث والسمية في مجتمعاتنا ونتج كل ذلك، من قلة الإدراك والوعي البيئي والسلوك غير المتزن في التعامل مع فضلات الطعام والغذاء.

حدث كل ذلك التدهور البيئي خلال القرن الماضي بسبب أن الدول الصناعية المهيمنة اقتصادياً على العالم (الليبرالية الرأسمالية) المعروفة بأن «اقتصادها استخلاصي» تستنفد معظم الموارد غير المتجددة، ويزيد في استغلال الموارد المتجددة بدرجة كبيرة مما يؤثر في قدرتها على البقاء، ويتسبب ذلك في تغيير كيميائية الأرض وتشويه وتخريب النظم البيئية عليها، متسبباً في حدوث أضرار ومشاكل لا يمكن إصلاحها وإعادة تأهيلها لكل من الهواء والماء واليابسة انظر: (2003b:44-66. Coates) ولذا يمكن القول إن الاستغلال الزائد والمفرط والتدمير المصاحب للتنمية هما نتاج للمجتمع الصناعي الرأسمالي الحديث والتكنولوجيا المتطورة، وبخاصة منظومة قيمه ومعتقداته وبنائه السياسي. فبرغم أن لهذا التطور والنسق الحداثي إنجازات وفوائد كثيرة وعديدة، إلا أن له جانبه المظلم المخيف وآثاره الضارة أيضاً متمثلاً في إفساد البيئة وتدميرها.

مع أن كثيراً من الناس منغمسون جداً في نموذج الحداثة والتطور هذا، إلى درجة أنهم غير مدركين أن «التطورات التكنولوجية والعمليات الصناعية التي تقوم عليها الحياة اليومية هي السبب في الدمار البيئي والفساد الاجتماعي والاقتصادي

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 2885 - الجمعة 30 يوليو 2010م الموافق 17 شعبان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 9:23 ص

      نورانا نورنا

      تبين أن مشروع نورانا مفيد جدا يا أستاذ احمد
      هل تعرف ان نورانا نورنا بكثير من الامور وهي
      1- زيادة مساحة آرضينا وبهذا نخرج من عقدة ان البحرين دولة صغيرة ( جغرافي)
      2- ان ندخل موسوعة جينز للارقام القياسية ( عالمي)
      3- ايقاف مد التوسنامي وارتفاع موجات البحر( مائي)
      4- زيادة مداخيل الجشعين من أهل بلدنا وبالتالي يكونوا على قائمة ورنو السويسرية لأغني حرامية العالم اقصد شخصيات العالم ( تجاري)
      وقد صدق الاسم المسمى فنورنا نورنا بأمور كنا ما نعرفها ولله الحمد

    • زائر 2 | 2:53 ص

      أين حدودالقانون

      للاسف كما تفضلت القانون في البحرين وجد ليحد من مصالح الناس لصالح المتنفذين الذين يرون انهم أعلى منه، وهذا مايحدث عندما يقوم بنك السلام عن طريق مؤسسة المنار للعقار باللف على القانون و اللعب بالسواحل وكأن الموضوع خارج عن رغبة وقرار الكبار اللي فوق. نورانا وجد لينفذ رغم انف الجميع لدى يجب عدم السكوت بل الضغط لأنه يفضح وكما يقول المثل الرصاصةاللي ماتصيب تدوش.

    • زائر 1 | 10:01 م

      نحتاج الى غزو

      اتصور علينا أن نغزو و نجيش الجيوش و نحتل بلاد جديدة كي نشبع نهم المتنفذين لالتهام الارض

اقرأ ايضاً