العدد 855 - الجمعة 07 يناير 2005م الموافق 26 ذي القعدة 1425هـ

لا تقاطعوا فتقطعوا

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

لا أريد ان أعيش الناس في الأوهام، فالبرلمان ليس هو الحل لهموم الناس، لكنه مؤسسة مهمة إن غبنا عنها - باعتبارنا مترافعين عن هموم الناس وملفاتهم - ستستغل لغير صالح الناس، بل ستفعل ماكينتها ضدهم على مستوى التشريع وحتى الرقابة، ولكم ان تتذكروا كيف جير بعض النواب هذه المؤسسة ضد الملفات المهمة والقضايا الخطيرة ابتداء من ملف شارع المعارض الى ملف انقطاع الكهرباء، إلى ملف التأمينات والتقاعد، إلى ملف التجنيس والتمييز. .. إلخ.

حقيقة... لم أكن أتوقع حجم ردة الفعل الايجابية على نشر المقابلة التي أجريتها مع المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله... كنت أتوقع أن تلقى الحجارة على هذه المقابلة وعلى رغم هذا التوقع آثرت ان أدخل المغامرة متحملا كل تبعات الموقف بلا خوف من سلاح التشهير والاقصاء، لأني على ثقة بأن يوما ما سيكتشف الناس ان المشاركة أفضل - كي يكونوا لاعبين في الساحة - من خيار المقاطعة. وهذا الموقف قلته قبل الانتخابات البرلمانية الماضية وفي العلن. شتمت وحاول الكثيرون إقصائي وإقصاء هذا الخطاب عن الساحة عبر وسائل كثيرة لا يعلمها الا الله، وعلى رغم ذلك تحملت مع غيري ضريبة خط الاعتدال.

أقول: كانت ردود الفعل كبيرة، وأحب ان أخبر الناس ان الايجابية فيها تغلب السلبية؛ بمعنى انه ليس كل الناس كانوا يؤمنون بالمقاطعة. عشرات الرسائل الالكترونية والاتصالات وصلتني - وبعضها من شخصيات كبيرة في المجتمع البحريني كانت مع المشاركة - وكانت تنتظر من يعلق الجرس منذ زمن ويدعم موقف المشاركة بلا خوف وبكل وضوح، وهذا حقنا في ان نعبر عن رأينا في ذلك، كما ان من يؤمن بالمقاطعة له الحق ان يعبر عن رأيه ونحمل له كل الاحترام والتقدير، ولكنا لا نسمح لأنفسنا ان نضع أحدا منهم في خانة التخوين... ما أريد ان أقوله: إننا اليوم بحاجة إلى بلورة موقف يجمع الشتات وأتمنى من كل شخص يؤمن بالمشاركة من الفاعلين في المجتمع ان يقوم بالتواصل معي عبر الرسائل الالكترونية لنشكل فريق عمل من خلاله نحاول أن نقنع أحبتنا من المقاطعين بضرورة مشاركتهم في المرحلة المقبلة، واذا لم يقتنعوا وأصروا على الرفض فلندفع نحو المشاركة، ومن يريد ان يقاطع فله ذلك ولنتركها تعددية .

جربنا المقاطعة فلنجرب المشاركة، لقد قمت برفع "بيرق" المشاركة وسأواصل مع كل الاصوات التي كانت تنادي به وسنستمر وسنتحلى بالروح الرياضية وسيكون عندنا برنامج عمل واضح، ذلك لأن المقاطعة لم نر منها شيئا. وهنا أطرح أسئلة: طوال السنوات الثلاث أين هو برنامج المقاطعة الذي وعد الناس به؟ لقد مرت علينا ملفات بكينا منها دما والمقاطعة لم تفعل معها شيئا، وأضرب هنا أمثلة:

- ماذا فعلت المقاطعة مع ملف الأوقاف الجعفرية؟ لم تحرك ساكنا. على رغم كل ما قيل لم نر شيئا.

- أين هي المقاطعة من ملف التأمينات والتقاعد المرتبط بأموال الشعب؟ لم تقم بأي فعل على رغم وفرة الوثائق لكلا الملفين وقمنا بنشرها في الصحافة.

- أين هي المقاطعة من ملف الكهرباء وأين هي اللجنة المنبثقة وأين هي المتابعة؟

- أين المقاطعة من ملف التربية، الإسكان، التمييز في الوظائف، الفقر؟ لا يوجد برنامج. هنا لابد من تقديم الشكر لمركز البحرين لحقوق الانسان لبعض دراساته التي قدمها، ولكن السؤال: أين المقاطعة من كل ذلك؟ هذه هي هموم الناس. الناس تريد ان تأكل، تريد وظائف، هذه الملفات تحتاج الى توثيق ومتابعة وأعصاب وضغط عبر الصحافة والبرلمان، والنقابات و.... الخ.

فإذا كنا غائبين عن أهم مؤسسة "البرلمان"، وعن بقية مؤسسات الدولة والمجتمع إلا ما ندر، هل نستطيع أن ننجح ملفا واحدا للناس؟ وأقول هنا: من يريد ان يقاطع فعليه ان يتحمل تبعات غلق الأبواب على الناس وليتحمل ملفات الناس وهموم الناس. بعد المقاطعة ما الذي حدث؟ المواطن مثقل بالهموم، القروض، البطالة، التمييز، الطائفية، الفساد المالي والإداري... إلى أين اتجه هؤلاء الناس بعد انسداد باب البرلمان من قبل غالبية النواب، إذ غالبية النواب يشتغلون، إما لأنفسهم أو للمقربين لهم من الدائرة، أما من قاطعوا فلا أحد لهم ولا بواكي عليهم. أقول: الى أين اتجه الناس؟ الباب الوحيد الذي بقي مفتوحا هو الصحافة، واسألوا الصحافيين كم يعانون من ضغط مطالب الشارع، لا اعتقد بأن هناك صحافيا لا يأتيه في اليوم 50 اتصالا، وكلها هموم وأوجاع ومشكلات. السؤال: من لهؤلاء؟

أما عن المقابلة التي أجريتها مع السيدفضل الله فالأقاويل كثيرة، وتضحكني كثيرا بعض التفاسير. سأطرح المسألة باختصار:

1- المقابلة كانت من أجل النشر، ولم تكن حديثا شخصيا، والدليل أني قمت بتسجيل المقابلة وبين يدي الشريط.

2- كان معي في المقابلة الشيخ جعفر الشاخوري وهو من المقربين للسيد وهو صاحب الكتب التي دافعت عن السيد، ولكم ان تسألوه: هل كان الحديث شخصيا أم للنشر؟ وهو من العلماء المخلصين.

3- اذا كانت المقابلة ليست للنشر فلماذا تم تسجيلها؟ وارجعوا الى المقابلة وتمعنوا في الصورة سترون على الطاولة آلة تسجيل.

4- نشرت من المقابلة جزءين سابقين وقمت بابتعاثهما الى مكتب السيد قبل 4 أشهر، وقبل 4 أيام قمت بنشر المقطع الثالث.

5 - سمعت اشاعات من هنا وهناك، وأؤكد هنا مرة اخرى: أن ما كتب في المقابلة هو ما قاله السيد وليس كما أشاعه البعض.

6- تحدثت مع السيد عبر الهاتف، وقال لي: "ان موقفي كما هو وسبق ان قلته لشخصيات بحرينية، وانا استمعت لكل الآراء سابقا، وان المكتب لن يخرج بيانا - كما أشيع - لا من المكتب ولا على الموقع في الإنترنت".

هنا أحب ان أطرح أسئلة على بعض إخوتنا المقاطعين: لماذا يحاول بعض هؤلاء عدم ايصال آراء كثير من المفكرين في الخارج والداخل الداعية للمشاركة إلى الناس؟ ومنهم نواب في البرلمان الكويتي، نواب في البرلمان اللبناني، السيد فضل الله وبعض الشخصيات الكبيرة ذات الثقل الديني والسياسي في لبنان - ولا أريد ان اسميها الآن - وكذلك المفكر الكويتي محمد الرميحي وهناك من الأسماء العملاقة من ترى الرؤية ذاتها وأوصلت رأيها وقدمت النصيحة، ولكن مجموعة صغيرة هنا وهناك كانت تخوف أي فرد يحاول أن يقول للناس ذلك، ومن وسائل الضغط التشهير به في الشارع وفي المنتديات.

أقول: إن وسائل الضغط لن تنفع معي ومع غيري... سندعو إلى المشاركة خدمة للناس، وتذكروا كلمة السيد فضل الله: "ربما اصبحتم على الرصيف". وأكرر البرلمان ليس هو الحل لهموم الناس، ولكن لابد من استغلال المساحة فيها ولو كان بصلاحية 30 في المئة. أعلم أن هناك مزايدات، وعلى ذكر المزايدات ثقوا ان هناك بعضا - وليس الكل - من المتشددين ضد المشاركة سترونهم أول من يتقدمون قوائم الترشح للانتخابات المقبلة تماما كما حدث في انتخابات البلديات، وسأذكركم بذلك مستقبلا

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 855 - الجمعة 07 يناير 2005م الموافق 26 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً