العدد 857 - الأحد 09 يناير 2005م الموافق 28 ذي القعدة 1425هـ

الحملة الأميركية على عنان هل هي للتخلص منه أم من الأمم المتحدة؟

محمد دلبح comments [at] alwasatnews.com

.

بدأ الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان الثلثاء الماضي إجراءات تغيير تستهدف معالجة المشكلات الإدارية التي تواجه المنظمة الدولية، فقد عين الرئيس السابق لصندوق التنمية الدولي مارك براون، رئيساً لهيئة موظفيه. غير أن خبراء ومراقبين يعتقدون أن المشكلة الأكبر بالنسبة للمنظمة الدولية هي أنها لم تعد تعرف ما هو هدفها.

فقد خرجت الأمم المتحدة إلى الوجود بعد الحرب العالمية الثانية وكانت هناك وجهة نظر، وخصوصاً في الولايات المتحدة بأن الحرب العالمية الثانية هي نتيجة لفشل عصبة الأمم والأمن الجماعي. وكان التفكير يشير إلى أنه لو كانت كل الدول الكبرى بما في ذلك الولايات المتحدة أعضاء في عصبة الأمم لكان بالإمكان وقف الحرب التي شنتها ألمانيا واليابان.

وكان يقصد من الأمم المتحدة أن تكون أداة للأمن الجماعي وضعف هذه النظرية كان يكمن في الاعتقاد بأن هناك فهماً مشتركاً لما يعنيه الأمن بين الدول الكبرى. ولكن في الحقيقة قامت الصراعات لأن أمن إحدى الدول يأتي على حساب دول أخرى. والقول بأن هناك اهتماماً رئيسياً في السلام في مقابل المصالح الوطنية للدول إنما هو نظرية لا تستند إلى أسس عملية. وبعبارة أخرى إنها غير صحيحة حتى وإن ظن البعض أنها ينبغي أن توجد. وقد تحولت الأمم المتحدة من أداة للسلام إلى مسرح للنقاشات العامة ومكان ملائم للمفاوضات الخاصة. كما أصبحت منظمة خيرية واسعة توزع الأموال للتعامل مع أسباب ذات قيمة مثل الفقر والأمراض والتعليم. ولكنها كمنظمة خيرية كانت غير فعالة.

وفقد البنيان السياسي للأمم المتحدة وهو مجلس الأمن عمله بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، لصالح سياسات دولة واحدة مهيمنة هي الولايات المتحدة، واستمر عمل المنظمة الدولية في مجال المساعدات في عمليات غير مراقبة نسبيا. وجلس الأمين العام على رأس هذا البنيان الغريب مثل رجل يركب على حصانين، ويمكن أن يبقى طالما تم تجاهله. وتجاهله أمر سهل بذهاب الحصانين في طرق مختلفة. فعندما قررت الولايات المتحدة أن عنان قد تجاوز حدوده بانتقادها في موضوع عدم شرعية الحرب التي تشنها على العراق مؤلباً العالم ضدها بهذا التصريح، أخرجت له موضوع إدارة بيروقراطيي الأمم المتحدة لبرنامج النفط مقابل الغذاء وأنهم اجتمعوا مع الرئيس العراقي صدام حسين، فقد نظر إلى أن الأعمال السياسية قد تصادمت مع الأعمال الخيرية.

ويوشك عنان أن يدفع الثمن لاستحالة مركزه. ومؤيدو الأمم المتحدة غير الراغبين في مواجهة حقيقة أن مجرد بقاء المنظمة الدولية لا يمثل نجاحاً بحد ذاته، كانوا وما زالوا غير مستعدين لإصلاحها أو الإشراف عليها. ومنتقدو المنظمة الدولية أيضاً لم يشعروا بشكل عام بأنها تستحق أن ينفق عليها رأسمال سياسي في محاولة لإغلاقها، ولأن وجودها مهملة هو الذي حماها كما يعتقد بعض الدبلوماسيين، فإن عنان يحاول الآن يائساً لأن يبعث الاهتمام بها لكي ينقذ نفسه بعد أن قررت الولايات المتحدة تشديد الضغط عليه لمعاقبته بدعوى وجود دور محتمل لبعض أصدقائه وأسرته وزملائه في برنامج النفط مقابل الغذاء في عهد صدام حسين

العدد 857 - الأحد 09 يناير 2005م الموافق 28 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً