العدد 862 - الجمعة 14 يناير 2005م الموافق 03 ذي الحجة 1425هـ

"أبوعليوه"... واجب على الدولة!

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

تعتبر قضية استملاك الأراضي التي تقع فيها مواقع أثرية مهمة إحدى القضايا العالقة لدى الجهات المسئولة في الدولة التي قلما استملكتها وحافظت عليها، فهناك الكثير من المواقع التي اندثرت بسبب جهل المواطن والمسئول في آن واحد أهمية الحفاظ على آثار القدماء أصحاب الحضارات العريقة التي يصل عمرها إلى أربعة آلاف سنة قبل الميلاد.

فالبحرين لا يخلو جوفها من آثار بهرت ولاتزال تبهر الجميع الذين تكبد بعضهم مشقة السفر من أجل البحث والدراسة في كشف المزيد مما حوته أرض البحرين من عجائب وغرائب لو كانت في بلد آخر لتمت المحافظة عليها وتحولت إلى مقصد سياحي يتهافت لمشاهدته السياح من كل بلد ولينعش جزءا من اقتصاد البلد أيضا.

لكن للأسف وحتى هذه اللحظة نجد الاهتمام ينصب على إمكانات محدودة أو تمتد أصابع الجشع لتعبث بما تركه الأقدمون في صورة مأسوية تقهر كل مواطن غيور... لهذا لابد من النظر بجدية إلى توزيع الأراضي بهذه الصورة العبثية التي سئم منها المواطن، فهي في غالبيتها عطايا لا أكثر وأصحابها لن يأبهوا بالتاريخ كثيرا... وهي قضية أخرى لا نريد فتح ملفاتها الآن!

لكن ماذا عن مصير أفلاج عين "أبوعليوه" في المرخ؟ لماذا لا تسرع جهات الدولة المسئولة إلى استملاكها وتعويض صاحب هذه الأرض قبل أن تحل لعنة "الردم" وجريمة أخرى تضاف إلى قوائم الجرائم التي ارتكبت بحق الآثار في البحرين وما أكثرها، نذكر منها موقع الحجر الأثري الذي ردم وخرب وغاب للأبد عن أنظار الأجيال إلى معبد الدراز الأثري الذي كسرته وضربت أعمدته جرافات لا مسئولة وغيرها من التلال والمدافن الدلمونية التي انقرضت في مدينة حمد وما تبقى سوى القليل والقليل حتى في عالي.

كل ذلك يحدث بلا أدنى مسئولية وإحساس... فإدارة الآثار لاتزال عاجزة عن فعل شيء حتى اليوم، تلك الإدارة التي نأمل أن تصبح قطاعا تابعا للثقافة وليس قطاعا تابعا للسياحة، في حال تم تكوين الهيئات المستقلة بعد تفكيك وزارة الإعلام في التشكيلة الوزارية المرتقبة... نظرا إلى أهمية قطاع الآثار.

أما مشروعات الإسكان والأشغال والكهرباء، فهي لا تأبه بكثير من جدران ومدافن الدلمونيين وغيرهم، فأفلاج عين "أبوعليوه" - التي صنعتها يد الإنسان الدلموني لتتوارثها أجيال الحضارات الأخرى فيما بعد، لتزدهر في العصور الإسلامية - لاتزال فروعها ممتدة إلى الجنبية والجسرة والمالكية... تكلم عنها علماء وخبراء الآثار الدنماركيون والفرنسيون في أبحاثهم وكتبهم، بل وتناقلتها الصحافة المحلية في الماضي والحاضر... لكن ما من مجيب، فبعضها خرب وبعضها تحول إلى نفق للقاذورات والقمامة، كالموجود في أجزاء من الجسرة والمالكية، بينما لايزال الموجود في المرخ شاهدا على ما صنعته أيدي الأقدمين في هندسة رائعة وقيمة أثرية لا يمكن تجاهلها!

اذا من واجب الدولة إبداء الحرص على أفلاج وقنوات "أبوعليوه" المائية والحزم في حمايتها وحماية معالم أثرية أخرى هي جزء من تراث وتاريخ هذا الوطن... فاستملاك الدولة موقع "أبوعليوه" في المرخ معناه أولى الخطوات لحماية الموقع ومن ثم تحويله إلى مقصد سياحي رائع يستمتع به الصغير قبل الكبير

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 862 - الجمعة 14 يناير 2005م الموافق 03 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً