العدد 877 - السبت 29 يناير 2005م الموافق 18 ذي الحجة 1425هـ

"الشئون الاجتماعية" خصم جديد لـ"الاتحاد النسائي" في أروقةالمحاكم

محمد أحمد: اللائحة النموذجية ليست ملزمة للمؤسسين

أجلت أمس المحكمة الكبرى - الغرفة الإدارية - النظر في الدعوى المرفوعة من قبل جمعيات نسائية ضد وزارة العمل، لمعارضتها إشهار الاتحاد النسائي، إلى 12 مارس/ آذار المقبل، وأدخل وكيل الجمعيات النسائية المحامي محمد أحمد وزارة الشئون الاجتماعية، كمدعى عليه، وذلك بعد فصل الشئون الاجتماعية عن وزارة العمل في التشكيل الوزاري الأخير، وانضمت أربع جمعيات نسائية جديدة هي: فتاة الريف، المستقبل النسائية، النساء الدولية، مدينة حمد النسائية للدعوى كمدعيات، مع خمس جمعيات نسائية أخرى كانت قد رفعت الدعوى ضد الوزارتين المذكورتين وهي جمعيات: نهضة فتاة البحرين، والرفاع الثقافية الخيرية، المرأة البحرينية، أوال النسائية. وأكد المحامي أحمد في مرافعته أن اللائحة النموذجية التي وضعتها وزارة العمل، لائحة غير ملزمة وأن المؤسسين لأي اتحاد أو جمعية ليسوا ملزمين بالأخذ بها.

وقدم المحامي محمد أحمد مذكرة إلى هيئة المحكمة وإلى ممثل وزارتي العمل، والشئون الاجتماعية، إذ رد أحمد على قول وزارة العمل في دفاعها، إن المنازعة الماثلة تتعلق بخلاف بين المدعيات والوزارة بشأن صوغ النظام الأساسي للاتحاد النسائي المزمع إقامته، وإن المرسوم بقانون رقم "44" لسنة 2002 قد حدد الهدف من تكوين الاتحادات النوعية للجمعيات، كما أن هذا المرسوم قد فرض على الوزير المختص إصدار قرار باللائحة النموذجية للاتحادات وأن النظام الأساسي للاتحادات وما يتضمنه من أحكام ما هو إلا مجرد تطبيق وتنفيذ لنص تشريعي آمر تلتزم الإدارة بتطبيقه، وأن ما أصدرته الوزارة بخصوص الاتحاد النسائي لا يعد قرارا إداريا، وبالتالي لا يجوز الطعن بدعوى الإلغاء وذلك لانعدام القرار الإداري. ورد أحمد بالقول إن ما تقرره المدعى عليها لا سند له ومردود جملة وتفصيلا، استقر فقه القانون الإداري المصري على أن خصائص القرار الإداري تتمثل في: القرار الإداري عمل قانوني من جانب واحد، والقرار الإداري يجب أن يكون صادرا عن جهة إدارية وطنية، كما أنه يجب أن يكون نهائيا ومن شأنه التأثير في المراكز القانونية، مضيفا أن "ومما لا جدال فيه أن الدعوى الماثلة تتعلق بعمل قانوني اتخذته وزارة العمل، وهو عمل توافرت فيه جميع الخصائص الثلاثة سالفة الذكر. وقد تمثل ذلك في قرارها بالامتناع عن تسجيل الاتحاد وإشهاره، ما يجيز الطعن في هذا القرار بدعوى الإلغاء، وذلك حسبما هو مقرر بموجب المادة "12" من المرسوم بإصدار قانون الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية. وما الدعوى الماثلة إلا تلك الدعوى المقررة بموجب المادة "12" سالفة الذكر، تقيمها المدعيات ضد المدعى عليه الوزارة، تمسكا منهن بحقهن في أن يفحص القضاء مشروعية قرار الوزارة، الصادر برفض طلبهن بإشهار الاتحاد النسائي البحريني، وهو قرار فاقد لأي سند من المشروعية".

الوزير لم يكن يكلم نفسه

وعما قالته ممثلة وزارة العمل في دفاعها، من أن المدعيات لم يتقدمن بطلب تسجيل الاتحاد النسائي، وفقا لأحكام المادة "8" من قانون الجمعيات والمادة "55 مكرر "1"" من المرسوم رقم "44" لسنة .2002 قال أحمد في مذكرة دفاعه "هذا دفاع لا يستحق عناء كثيرا للرد عليه، ويكفينا دحضا له أن نحيل الوزارة إلى الخطاب الصادر عن وزيرها بتاريخ 24 مايو/ أيار ،2004 والذي يقول فيه الوزير: كما يطيب لي أن أعلمكم بأننا ليس لدينا مانع من إشهار الاتحاد النسائي، في حال عدم مخالفتكم المرسوم بقانون رقم...". ومن المنطقي أن مثل هذا الرد من الوزير لم يكن إلا ردا على طلب مقدم له بإشهار الاتحاد النسائي، فهو أي الوزير لم يكن يكلم نفسه في ذلك الخطاب وإنما كان يرد على طلب المدعيات بإشهار الاتحاد". فضلا عن ذلك فإننا نحيل وزارة العمل أيضا، للخطاب الصادر عن مديرة إدارة تنمية المجتمعات المحلية بتاريخ 10 مارس / آذار ،2004 والذي أرفقت به مسودة للنظام الأساسي ردا على المسودة التي اقترحتها المدعيات. ويتضح مما تقدم أن دفاع وزارة العمل بعدم تقديم المدعيات طلب تسجيل وفقا لأحكام القانون هو دفاع لا سند له".

اجتهاد لغوي لا أجر عليه

ورد أحمد على جانب آخر ورد في مذكرة قدمتها وزارة العمل، قالت فيها الوزارة إن المؤسسين لأية جمعية أو اتحاد ملزمون بالأخذ باللائحة النموذجية الصادرة من قبل وزير العمل، أثناء صوغهم النظام الأساسي للجمعية أو الاتحاد، وذلك بموجب المادة "5" من قانون الجمعيات والأندية بالقول "إن هذا الدفاع من وزارة العمل هو من قبيل اتهام المشرع بعدم إتقان اللغة العربية، وهو ما ننزه المشرع عنه، فكلمة استرشد أو تسترشد، تعني الاهتداء والاستدلال ولا تعني بأي حال من الأحوال التقيد أو الالتزام على نحو ما تذهب إليه الوزارة. وفي معاجم اللغة العربية استرشد يسترشد استرشادا: الشخص فلانا: طلب منه أن يرشده. وأيضا استرشد يسترشد استرشادا: بكذا: اهتدى به واستدل "المعجم العربي الأساسي إصدار المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ص: 524". ولو شاء المشرع أن يصل باللائحة النموذجية، التي أناط بالوزير المختص وضعها، إلى درجة الإلزام لنص على/ أو قال: وتلتزم/ أو تتقيد الجمعيات في وضع نظامها باللائحة النموذجية التي يصدر بها قرار من الوزير المختص"، أما وأنه استخدم كلمة تسترشد، فقد نفى نفيا قاطعا وصريحا ما تزعمه المدعى عليها من تحميل هذه الكلمة معنى الإلزام. وإذ إنه لا اجتهاد مع وضوح النص، فإن اجتهاد المدعى عليها الأصلية هو اجتهاد باطل ولا تستحق عنه أي أجر".

الرقابة لا الوصاية

ومضى أحمد يقول في دفاعه "الدليل الثاني على بطلان دفاع الوزارة هو نص المادة "55 مكرر "2"" الذي يجري على أنه "يضع الاتحاد نظامه الأساسي ولوائحه الإدارية والمالية وتعرض على الجهة الإدارية المختصة لمراجعتها وإقرارها. ويصدر بالنظام الأساسي للاتحاد قرار من الوزير المختص". ويتضح من هذا النص أن القانون أناط بالاتحاد ذاته مسألة وضع نظامه الأساسي، وقصر حق الإدارة على المراجعة والإقرار من دون حق وضع النصوص الخاصة بالنظام الأساسي. ومن الطبيعي أن يقصر القانون مسئوليات الإدارة على الرقابة، للاستيثاق من عدم وضع نصوص مخالفة للقواعد الآمرة المقررة طبقا للنص التشريعي، من دون أن تتجاوز تلك المسئوليات والصلاحيات حق الرقابة، إلى حق فرض الوصاية على المؤسسين وإلغاء عقولهم وتحويلهم إلى مجرد متلقين لا يملكون حق مناقشة ما تمليه عليهم جهة الإدارة، كما لا يملكون طبقا لما قررته الوزارة في دفاعها، حق وضع النظام الأساسي للهيئة التي ستنظمهم وتنظم عملهم التطوعي الذي لا يبتغون منه سوى خدمة مجتمعهم. وهو حق أصيل يتفرع من حق دستوري راسخ هو حرية تكوين الجمعيات والنقابات المنصوص عليه طبقا لنص المادة "27" من الدستور. وأما الدليل الثالث على بطلان اجتهاد الوزارة فهو نصوص القرار ذاته الذي تقول إنه بلغ درجة الإلزام لدى وضع النظام الأساسي لأي اتحاد نوعي، ذلك أن الفقرة الأخيرة من المادة "1" من القرار رقم "44" لسنة 2004 بشأن اللائحة النموذجية للنظام الأساسي للاتحادات النوعية للجمعيات المنشور بعدد الجريدة الرسمية رقم ،2635 تنص على أنه "وعلى الاتحادات النوعية للجمعيات الاسترشاد باللائحة النموذجية عند وضعه نظامها الأساسي" ومرة أخرى يأتي القرار الوزاري ليقول بالاسترشاد وليس بالتقيد أو الالتزام".

الحق بملء السطور الفارغة

وعن رد الوزارة في دفاعها بأن الأهداف والاختصاصات، التي اقترحتها الجمعيات المؤسسة للاتحاد النسائي، في مسودة النظام الأساسي الذي تقدمت به تخرج عن نطاق الأهداف التي حددها القانون للاتحادات النوعية رد أحمد بالقول "هذا زعم مردود عليه بأن الاختصاصات الوارد بيانها ما هي إلا أهداف واختصاصات وردت على سبيل المثال لا الحصر، بدليل أن المادتين "8" و"9" من اللائحة النموذجية المرفقة بالقرار الوزاري رقم "24" لسنة 2004 سالف الذكر تتضمنان سطورا فارغة وذلك تأكيدا على أن للمؤسسين حق ملء هذه الفراغات بصياغات تحدد أهداف الاتحاد واختصاصاته بما يرونه متلائما مع الغايات التي أسسوا الاتحاد من أجل تحقيقها".

وعن اعتراض الوزارة على مسمى "الاتحاد النسائي البحريني"، قال أحمد: "إن من حق المدعيات باعتبارهن مؤسسات للاتحاد المزمع إنشاؤه، أن يخترن لهذا الاتحاد الاسم الذي يعبر تعبيرا صادقا عن نشاطه وأهدافه دونما وصاية عليهن في ذلك من المدعى عليها الأصلية أو من حل محلها، طالما أن ليس في التسمية التي اختارتها المدعيات أية مخالفة لنصوص تشريعية آمرة أو للنظام العام أو الآداب".

وطالب المحامي أحمد من القاضي الحكم بإلغاء قرار وزارة القاضي برفض تأسيس الاتحاد، والقضاء بإلزام الوزارتين بإشهار الاتحاد النسائي، بموجب النظام الأساسي الذي صاغته الجمعيات النسائية المؤسسة للاتحاد. بما في ذلك التسمية التي أطلقتها المدعيات على الاتحاد وهي الاتحاد النسائي البحريني.

يذكر أن وزير العمل السابق عبدالنبي الشعلة وقع بالموافقة طلب اللجنة التحضيرية للاتحاد النسائي في ديسمبر/ كانون الأول ،2002 وأبلغت مديرة إدارة المجتمعات المحلية بالوزارة عبر مكالمة هاتفية اللجنة التحضيرية للاتحاد، بموافقة الوزير الشعلة على الطلب وتوقيعه كما تم رفع من قبل المؤسسين، ونشر ذلك بالصحف المحلية في 7 ديسمبر، وفي يناير/ كانون الثاني ،2003 بعد تعيين مجيد العلوي وزيرا، والذي قام باستدعاء اللجنة التحضيرية، وأبلغ ممثلات اللجنة التحضيرية بأن العضوية يجب أن تقتصر على الجمعيات النسائية فقط، وأن تحذف العضوية المستقلة وعضوية اللجان النسائية وضم الجمعيات النسائية الجديدة. ووافقت الجمعيات على طلب الوزير وتم تعديل النظام الأساسي، ورفعه الطلب إلى الوزارة مرة أخرى. إلا أن وزارة العمل ردت بمسودة جديدة لنظام أساسي يجب أن تلتزم به الجمعيات، إذا أرادت أن يرى هذا الاتحاد النور، إذ تم إلغاء المادة الأولى من الباب الأول المتعلقة بهوية الاتحاد كمنظمة وطنية أهلية ذات طبيعة ديمقراطية، على رغم أن الدستور البحريني وميثاق العمل الوطني أكدا اكتساب مؤسسات العمل الوطني والأهلي في البحرين هذه الهوية. كما ألغت الوزارة أهم أهداف الاتحاد النسائي، وهي المتعلقة بـ: إشراك المرأة بصورة فاعلة في الحياة السياسية، السعي إلى إلغاء أشكال التمييز كافة ضد المرأة، المشاركة مع الجهات المختصة لصوغ القوانين والتشريعات التي تحمي المرأة، تعزيز العلاقات مع الاتحادات والمنظمات النسائية العربية والدولية.

كما رفضت الوزارة أن يقوم الاتحاد النسائي بإنشاء موقع للاتحاد على الإنترنت، وإصدار مجلة ونشرة تكون صوت الاتحاد، وتم تقييد عقد ورش العمل بإذن من الوزارة، وغير ذلك من التعديلات التي طالت بند العضوية وهيكلية الاتحاد. واعتبرت رئيسة اللجنة التحضيرية مريم الرويعي، في مقال سابق لها "أن إلغاء الأهداف المذكورة يتنافى مع نص المادة "1هـ" من الدستور "للمواطنين - رجالا ونساء - حق المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية"، ومع توقيع مملكة البحرين "اتفاق مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة"

العدد 877 - السبت 29 يناير 2005م الموافق 18 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً