العدد 881 - الأربعاء 02 فبراير 2005م الموافق 22 ذي الحجة 1425هـ

قرابين الكويت

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

هكذا هي البحرين مع الكويت شعبا وحكومة يذودان عن بعضهما بعضا في سبيل رفعة هذين الوطنين. بالأمس القريب افتقدنا شابا في عمر الزهور شهيدا على أرض الكويت راح ضحية الإرهاب والتطرف، وراحت كل البحرين تبكي عليه لأنه رحل غريبا عن أهله من دون أن يودعهم، فاستقبلوه بالدموع، لكنهم عند أهل احتسبوه وسيبقى اسم "محمود" محفورا في القلوب والذاكرة لأيام حزينة لا يمكن أن تمحى من التاريخ، فرحم الله محمودا يوم عاش ويوم رحل ويوم يبعث حيا.

هنا في البحرين رحل شاب بكينا عليه، وهناك في الكويت رحل شاب آخر في مقتبل العمر وهو يدافع عن الوطن وعن تراب الكويت، إنه الشهيد الرقيب أول في القوات الخاصة علي جواد بوحمد، فخلال تأديته للواجب أطلق عليه المسلحون رصاصة اخترقت قلبه فأردته قتيلا.

فالرقيب بوحمد سبق أن جاهد من أجل الكويت أيام الغزو العراقي، إذ انضم إلى خلية العقيد يوسف المشاري لمقاومة المحتل. بعد سقوط الشهيد توافدت أعداد كبيرة من الكويتيين إلى حسينية بوحمد والتي تقع في منطقة الدعية، وهي من الحسينيات القديمة في الكويت، هناك التقى المعزون والكل يبكي من أهله وأصدقائه وأقربائه. تصف صحيفة "القبس" الكويتية المشهد التراجيدي قائلة: "كان المنظر داخل الحسينية يفطر القلب من رؤيته، بكاء وعناق بين إخوة الشهيد وبقية العائلة، أصواتهم وصلت إلى خارج الحسينية".

ينقل أحد أبناء عمومة الشهيد أن زملاءه عندما وصلت إليهم أخبار سقوط الشهيد بوحمد، بادروا بالسؤال: "أي بوحمد؟"، إذ كان في الفرقة نفسها 4 أشخاص من عائلة بوحمد، أحدهم ضابط وآخرون من الأفراد، فإخوته هم: "رضا"، و"محسن"، و"محمد"، و"فهد" و"سالم".

فالشهيد وإخوانه كانوا من الذين دأبوا على الدفاع عن الكويت وعن شعبها. رحل الشهيد بوحمد ذي الثلاثين ربيعا تاركا وراءه زوجته الحزينة وابنها الوحيد "4 سنوات" طلال يتيما، فالشهيد كان بطلا في الرماية وحاز عدة جوائز في مسابقات الرماية. وعائلة بوحمد فقدت أربعة من أبنائها قبل عام ونيف بعد رجوعهم من مدينة كربلاء في حادث مروري، وها هو الزمن يقسو عليها مرة أخرى.

موقف حكومة الكويت كان موقفا مشرفا للعائلة ويستحق الشكر وهو يدلل على مدى عمق التواصل والترابط لحفظ تراب هذا الوطن العزيز، إذ بأمر من سمو رئيس مجلس الوزراء الكويتي أقلعت طائرة أميرية خاصة إلى مدينة مشهد الإيرانية من أجل نقل والد الشهيد وإخوته وخالاته من هناك إلى الكويت لتتسنى لهم المشاركة في تشييع الشهيد. وهنا لابد أن نشكر سفير مملكة البحرين لدى الكويت خالد عبدالعزيز المسلم على حضوره الشخصي إلى المستشفى وتقديم تعازيه إلى ذوي الفقيد. وهذا الموقف بادرت به الحكومة الكويتية بأعلى سلطتها بتعزية القيادة البحرينية لرحيل الشهيد البحريني محمود عبدالعزيز وموقف السفارة البحرينية كان موقفا يستحق الشكر تجاه شهيد الكويت وشهيد البحرين. هكذا رحل الشهيدان في يوم واحد ليعكسا صورة مضيئة من المواساة وسقط في اليوم ذاته عدة جرحى.

الشهيد محمود ذهب زائرا للكويت، وكأنه ذهب ليطفئ شمعة العمر ليتوج بالشهادة، فهو شهيد لأنه قتل ظلما وشهيد، إذ ينطبق عليه الحديث الكريم: "من مات غريبا مات شهيدا". كلنا يجب أن نقف صفا واحدا مع أوطاننا نحافظ على أمنها، ندافع عن سيادتها، نعلم أبناءنا حب الوطن وكيف نخلص له ويجب أن نقف وقفة واحدة عندما يتعرض الأمن الوطني لأي خطر، وهنا لابد أن نقف وقفة أخوية مع الكويت كما وقفنا معها عندما تعرضت للغزو العراقي، فللكويت مواقف تاريخية وطنية وإنسانية مع البحرين، فقد قامت ببناء مراكز صحية ومدارس للتعليم وقدمت تبرعات إلى الفقراء عدا عن مواقفها الوطنية.

رحل شهيدان في يوم واحد، وسيتبعهما شهداء... إلى جنة الخلد إن شاء الله، يا "محمود" و"يا علي".

وكما ودع الكويتيون عليا في تشييع مهيب كذلك هم أهل البحرين ودعوا الشهيد محمود في تشييع مهيب يليق به كشهيد ودعوه بالدموع وسيبقى الشهداء دائما أحياء

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 881 - الأربعاء 02 فبراير 2005م الموافق 22 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً