العدد 886 - الإثنين 07 فبراير 2005م الموافق 27 ذي الحجة 1425هـ

بين الإصلاح المؤسسي "والبدء من جديد"

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

المبادرة التي دشنت رسميا في منتجعات البحر الميت في الأردن يوم أمس وأمس الاول من أجل إصلاح الإدارة العامة وتطوير بيئة الاستثمار في بلداننا العربية لم تأت بجديد على مستوى التنظير. فمنذ زمن غير قصير والمؤسسات الدولية، من بينها صندوق النقد الدولي، البنك الدولي، برنامج الأمم المتحدة الانمائي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "نادي الأغنياء" وغيرها تردد الوصفات المطلوبة لإزالة العقبات التي تمنع تطوير بيئة الاستثمار في منطقتنا.

الحديث يتركز على تقليل نفقات الإدارة العامة عبر تصغيرها وتوسيع دور القطاع الخاص وتسهيل الإجراءات وتقليل الدعم الحكومي للجهات غير المنتجة في الدولة، وتحرير الاقتصاد من قبضة الحكومة وطرح برامج الخصخصة في القطاعات التي يمكن لأصحاب المال المحلي والأجنبي المشاركة فيها بفعالية وربحية، وباختصار إجراء "إصلاحات" في المؤسسة الحاكمة لتحويلها إلى منهج "الحكم الصالح".

وحتى الآن فإنه لا توجد تجربة ناجحة يحتذى بها بحيث تمكنت دولة عربية من تقليل قبضة الحكومة على الاقتصاد والاعتماد على الشفافية وتحريك عجلة الاستثمار التي تحركت في كل انحاء العالم ما عدا بلداننا. فحتى ما نحققه بين فترة وأخرى من انجازات يتم احباطه من قبل المؤسسات الحكومية التي تسيطر على نحو 80 في المئة من الاقتصاد الوطني، ولا يبدو أن الإجراءات والقوانين سائرة نحو التسهيل "على رغم أنها مسهلة على أصحاب النفوذ فقط" ويبتلي بها المواطن ويهرب منها المستثمر الأجنبي، وخصوصا أن هناك شروطا أخرى تفرض على المستثمر الأجنبي مثل العمولات والقبول ببعض الاسماء للدخول كشركاء، وغير ذلك من الأساليب التي تخلصت منها الدول التي تتطور سريعا، بينما مازلنا نختنق منها.

عندما يتطرق المرء إلى هذه الموضوعات يكون الجواب جاهزا، بأن مثل هذه الأمور تتطلب الوقت الكثير والتدرج لكي ننتقل إلى اجواء متحررة من القيد الحكومي، ولكن ربما علينا ان نفكر في "إلغاء" كثير من هذه الإجراءات والمؤسسات والبدء من جديد. فما هو ماثل امامنا ان التصريحات السياسية الجميلة لا تؤثر في واقع الأمر شيئا، والمواد الدستورية التي تضمن للمواطن حياة حرة كريمة، وتضمن فصل الحكم عن التجارة، وتضمن استقلال القضاء، وتضمن حكم القانون... إلخ، تبقى نظريات جميلة جدا نتغنى بها ونأمل في تحقيقها في يوم من الأيام.

إن ما نحتاجه هو ارادة سياسية حديد مدعومة من قوى المجتمع الطامحة إلى مستقبل واعد وان نتخطى هذا الواقع غير المقبول بعزم واصرار... فلدينا قوانين وحال مؤسسية تعمق التخلف السياسي والاقتصادي لدينا باستمرار. وهذا يفسر كيف أننا وفي عصر الشفافية وحرية التعبير لم نستطع لحد الآن تحقيق الإصلاح المؤسسي المنشود ولم نستطع ايقاف الفساد الإداري، ولم نستطع معاقبة أي من الأشخاص الذين يمارسون الفساد شهارا جهارا.

لقد خيب آمالنا البرلمان لأنه لم يثبت فاعليته لتحقيق الإصلاحات المنشودة، ولكنه حقق نفوذا كبيرا لمن دخل فيه واصبح أعضاء البرلمان ينافسون الوزراء والموظفين الكبار في الدولة في نشاطاتهم. فلحد الآن لم نستطع ان نرتقي بالتجربة البرلمانية إلى المستوى التشريعي والرقابي المنشود. وقد ساهمت بعض قوى المعارضة في هذا الوضع غير الحسن عبر مقاطعتهم الحياة السياسية واثارة اجواء التشكيك ما يعطي مبررا لمن يود التخندق في الماضي الابقاء على الوضع السابق من دون إصلاح.

إن بلادنا تحتاجنا جميعا، والانتخابات البرلمانية في العام 2006 تقترب والجميع بدأ يحضر نفسه لها، بما في ذلك عدد غير قليل من الذين يدعون إلى المقاطعة، وأملنا ان تتحرك الساحة السياسية لدعم مشروع الملك الإصلاحي، ولكن ليس على المنوال الذي شهدناه لحد الآن

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 886 - الإثنين 07 فبراير 2005م الموافق 27 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً