العدد 892 - الأحد 13 فبراير 2005م الموافق 04 محرم 1426هـ

أما آن لتجارنا أن ينزعوا القناعين

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

"مؤشرات العام الماضي كانت مؤشرات إيجابية تدل على ارتفاع الاهتمام الحكومي والقطاع الخاص بزيادة النشاط الاقتصادي"، "مؤشرات البحرين للاستثمار خلال العام 2005 إيجابية"، "آفاق الاستثمار مشجعة"، "إننا كمستثمرين في القطاع. .. متفائلون بالمناخ الاستثماري في البحرين"، "البحرين أصبحت قبلة المستثمرين"... قائمة طويلة من التصريحات المتفائلة أدلت بها علنا مجموعة مختارة من رجال الأعمال البحرينيين. أفرحتني تلك التصريحات وأثلجت صدر الكثير ممن قرأها ويريد لهذا البلد أن يحقق ولو بعضا مما اشار إليه تجارنا الأفاضل.

لكن ما ورد علنا يخالف ما نسمعه همسا في المجالس الخاصة التي يحضرها الكثير من رجال الأعمال البحرينيين وكما ترد على لسان نسبة لا يستهان بها منهم، والذين لا يكفون عن التذمر من استمرار تردي الأوضاع الاستثمارية في البحرين، وخصوصا عندما تقارن بدول مجلس التعاون المحيطة، بل إن البعض نجده مغرقا في تشاؤمه لدرجة أنه يفضل الاستثمار في الأسواق الخليجية عوضا عن الاستثمار في السوق المحلية نظرا إلى الفارق لصالح الأولى في العائد على الاستثمار.

لقد تفاءل المجتمع البحريني خيرا عندما أقدم التجار على خطوتهم الجريئة وافصحوا علنا عن رغبتهم في خوض غمار العمل السياسي، وشرعوا في عقد الاجتماعات والندوات والاتصال بمن لهم باع في هذا المجال. وكان البند المشترك في كل تلك الأنشطة هو أنهم - أي التجار - لا يريدون ولن يسمحوا للأوضاع في البحرين أن تتردى أكثر مما هي عليه وسيعملون سوية مع الآخرين من اجل الخروج من عنق زجاجة الركود الاقتصادي والاستثماري المطبق على السوق المحلية.

ليس الغرض من هذه الإشارة الدخول في دورة وعظ وإرشاد، لكن منطق العمل السياسي الإصلاحي السليم يقتضي أن تكون الخطوة الأولى على طريقه هي مزيج من الشجاعة والرغبة في المصارحة أو بعبارة واحدة "درجة عالية من الشفافية"، شفافية مع النفس أولا ومع القوى الفاعلة في البلاد والمؤثرة في اتجاه حركتها ثانيا.

لقد سئم المواطن البحريني من سلوك المدح اللا محدود، وهو لا يريد أن يكون البديل له سياسة القدح المطلق الذي لا يرضى بالعجب العجاب، لكنه يريد موقفا شجاعا قادرا على التمييز بين الألوان ووضع الأمور في نصابها. هموم المواطن وتطلعاته واقعية ونابعة من المعاناة اليومية، وإن أراد تجارنا الأفاضل ولوج العمل السياسي من بوابته الصحيحة فليس أمامهم سوى الاستماع إلى تلك الهموم والتطلعات التي سيجدونها قريبة إن لم تكن متطابقة مع تلك التي تخصهم.

الأهم من ذلك كله، وإذا حصرنا الموضوع برمته في المصالح المباشرة للتجار، سنجد أن الاستمرار في لبس قناع المجاملات العلنية واستبداله بقناع عدم الرضى السري، هو سلوك مضاد لمصالحهم، لا يمكنه أن يؤهل من يلبسهما لقيادة عمل سياسي إصلاحي يأخذ البحرين من حال الركود الذي تعيشها إلى محطة الانتعاش التي نتطلع إليها ويرغب التجار، كجزء حي وفعال في هذا المجتمع الصغير، في الوصول إليها

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 892 - الأحد 13 فبراير 2005م الموافق 04 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً