العدد 895 - الأربعاء 16 فبراير 2005م الموافق 07 محرم 1426هـ

الحقد والغباء... اغتيال الحريري مثالا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عمل إرهابي ودنيء. .. ولكنه أيضا عمل غبي صادر من جهة غبية تعتقد أنها تستطيع ان تستفيد من إمكاناتها لتوجيه "ضربة تدميرية" ضد طرف لا ترغب في وجوده. فالإمكانات التي تتوافر لبعض الجهات قد تكون ذات أثر إلا انها مع "الحقد" و"الغباء" تتحول إلى قوة تدميرية مضادة تنقلب على فاعلها.

إذا كانت الجهة المسئولة تود إثارة الرعب في قلوب الآخرين، فإن الرعب يدب في قلوبها قبل غيرها... واذا كانت تود إثارة الشكوك بين الناس وتفتك بهم من خلال ذلك، فإن الشكوك تتحول إلى سهام تنقلب حقائق ترمي من يلعب بالنار بقذائف، لتقول له انه "لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله".

رفيق الحريري أصبح الآن رمزا لوحدة لبنان، وأصبح رمزا لمقاومة الاشباح والجبناء الذين اعتقدوا أنهم أصحاب شأن يهابه الآخرون. فهذا هو الشخص الذي حصل على ثروته ونفوذه بعد ان كان من عائلة متواضعة علمته ان المال ليس غاية، وانك لا تحتاج أكثر مما يغطي متطلبات حياتك كإنسان اعتيادي.

إنسان عصامي، عمل طوال حياته لكسب قوت يومه، وفي فترة من الفترات كان يدرس صباحا، ويعمل عصرا، ثم يعمل في احدى الصحف مصححا لغويا.

سألوه عن سر نجاحه، فقال: "الصدق"، وانه "اذا وعد فعل"، وانه "ينفذ ما يقول"... وانه لم يكن يدعي ما لا يعرفه، وكان واضحا في علاقاته... وعندما سألوه عن حلمه قبل ان تكون لديه ثروة قال ان حلمه الرجوع الى لبنان وشراء شقة وسيارة، وكان أول شيء عمله عندما حصل على مبلغ بعدما عمل في السعودية هو دفع ديونه.

هذا هو الشخص المتواضع الذي أعطاه الله من فضله ولم يتوان في ان يعود من السعودية إلى لبنان عندما احتاجته بلاده... وأول ما قام به تحويل مركز المدينة الخراب إلى واحد من أجمل مراكز المدن في الشرق الأوسط، تماما كما تستحق بيروت ان تكون في جمالها ومكانتها.

عشرات الآلاف... ربما ربع مليون.. ربما أكثر خرجوا يبكون ويشاركون في جنازة الحريري أمس... وعلى شاشات الفضائيات كان الناس في كل مكان منشغلين بمشاهدة تلك الجماهير الضخمة التي خرجت تتحدى الاغبياء والحاقدين، ولتقول لهم ان الله أكبر منهم وان الناس بوعيهم وبوحدتهم أكبر منهم.

هناك من يحقدون على الحريري لأنه استطاع ان يحقق ما عجزوا عن القيام ولو بجزء يسير مما قام به... فهناك من يحقدون عليه لانه أحب بلده أكثر منهم، وهناك من حقد عليه لأن أصله لم يكن من فئة متكبرة على غيرها، وهناك من حقد عليه لأنه كان يعمل ليل نهار بينما هم منشغلون بتوافه حياتهم التي لا ينتفع منها أقرب المقربين، بينما الحريري استفاد منه من يعرفه ومن لا يعرفه.

العمل الإرهابي والجبان سينقلب على الأغبياء الذين قاموا به... سينقلب عليهم لأن الله يقول "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون". "الشعراء: 227"

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 895 - الأربعاء 16 فبراير 2005م الموافق 07 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً