العدد 897 - الجمعة 18 فبراير 2005م الموافق 09 محرم 1426هـ

كيف نجعل من ذكرى عاشوراء فرصة للتقارب بين المسلمين؟

بمشاركة علماء من الطوائف الإسلامية

المنامة - عدنان آل شرف، جلال آل شرف 

18 فبراير 2005

التقارب بين المذاهب الإسلامية كان ومازال هدفا يسعى إليه المخلصون من أبناء الإسلام وعلمائه. انعقدت لذلك الملتقيات والمؤتمرات، وأسست كيانات لتشجيع التقارب وتأصيله بين المسلمين. ونحن نعيش ذكرى عاشوراء المباركة، حاولنا أن نستطلع رأي العلماء في هذا الموضوع، وكيف نجعل منها فرصة للتقارب، وخصوصا أن ما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرق وحدتنا. فهل يمكن أن تصل الأمة الإسلامية للالتزام بالقاعدة العقلانية الجميلة: "أن نعمل معا فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه؟".

السيدعلي المدرسي، حينما سألناه: هل ذكرى عاشوراء فرصة للتقارب المذهبي بين المسلمين أم فرصة للتمايز؟ أجاب: "ان ذكرى عاشوراء فرصة كبيرة للتقارب المذهبي بين المسلمين، فهناك مشتركات كثيرة بينهم، وأهمها نبوة النبي "ص" والقرآن الكريم. كما يجب أن يبقى أهل بيت النبي "ص" محور تقارب بين المسلمين، لأن الرسول أوصى أصحابه كثيرا بأهل بيته. وحينما طلب المسلمون منه أن يجازوه على ما قدمه من التضحيات في سبيل تبليغ الاسلام نزلت الآية: "قل لا أسآلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى" "الشورى: 23"، والقربى بإجماع المسلمين في التفاسير هم أهل بيت النبي "ص".

الحسين ومنهج المصطفى

كيف يمكن أن نوظف ذكرى عاشوراء لتكون مناسبة اسلامية عالمية بين الطوائف الإسلامية المتعددة؟

- الحسين "ع" ضحى في سبيل الإسلام من أجل نصرة الحق، ومن أجل إسعاد البشرية، فلم تكن نهضته في يوم من الأيام حكرا على فئة دون أخرى، ولا على مذهب دون آخر، لأنه من رسول الله "ص" والنبي قال: "حسين مني وانا من حسين"، ومسيرة الحسين هي مسيرة النبي نفسها، فلابد أن تكون عاشوراء ذكرى إسلامية عامة يستفيد منها البشر أجمعين، وليست للمسلمين فقط، لأن الحسين انما قام لنصرة المظلوم والضعيف. وكم من الضعفاء والمظلومين في هذا العالم يحتاجون إلى من يجعلونه إمامهم وقدوتهم.

العلماء والدور المأمول

وما الدور الذي يمكن أن يقوم به علماء المسلمين ومرجعياتهم لجعل التقارب المذهبي واقعا ملموسا بعيدا عن الشعارات؟

- أعتقد أننا حاولنا بقدر الإمكان أن نقرب بيننا وبين بقية الطوائف وعلماء الدين، ولذلك فانك لم تسمع من مرجعية شيعية بتكفير علماء المذاهب الأخرى، بل بالعكس نحترمهم ونقدرهم ونعتز بهم. ومكتباتنا تزخر بكتبهم ومؤلفاتهم، وحينما نذهب للحج نحاول قدر الإمكان ان نقرب من وجهات النظر، لأن طريقتنا هي طريقة أهل البيت "ع"، ومن خلال الموعظة الحسنة والأخلاق الفاضلة نعرض رأينا وفقهنا الشرعي. أمير المؤمنين "ع" يقول: "الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق"، يعني احترام الخلق واجب على الانسان، واحترام المسلم يضيف له واجبا آخر. لذلك لا تشاهد ولا تسمع أن مرجعا شيعيا كفر علماء أو اتباع المذاهب الاخرى. بل ان احترامهم موجود وباق عند جميع الفقهاء الأحياء أو السابقين. ولذلك فالدعوة الى التقارب واجبة ودور علماء الطوائف مهم لتأصيل هذا الأمر.

التقارب وأيام عاشوراء

وهل تؤيد أن يتزامن عقد المؤتمرات والملتقيات للتقارب بين المذاهب مع ذكرى عاشوراء الأليمة، في إطار تطوير خطاب المنبر الحسيني؟

- إن المتفحص لأطروحات الخطباء في أيام عاشوراء في البلاد الإسلامية وغير الإسلامية، يلاحظ انهم يحاولون قدر الامكان أن يقربوا بين المذاهب، والعمل على ذلك تحت راية "لا إله إلا الله، محمد رسول الله"، ولهذا ندعو دائما لأن تكون ذكرى عاشوراء مناسبة للتقارب لا للتفرق، باعتبار أن الحسين "ع" ليس مختصا بنا، فهو حفيد رسول الله وابن ابنته فاطمة الزهراء "ع". فالحسين ليس حكرا على فئة أو مذهب دون آخر، فهو ملك الجميع ولهذا فإننا نحاول قدر الإمكان ان نقرب وجهات النظر. وقد شاهدت في أكثر من بلاد إسلامية وغير إسلامية، وجود جموع كبيرة من اتباع المذاهب الأخرى يحضرون مجالس الحسين "ع". ويا حبذا ان تقام المؤتمرات في أيام عاشوراء لهدف نشر مبادئ الحسين التي توحد الأمة لانها فرصة ذهبية، إذ المشاعر الإيمانية تشجع المسلمين على التقارب.

مكانة الحسين عند المسلمين

خطيب جامع الفاتح الشيخ عدنان القطان، تحدث عن رؤيته الشرعية لحادثة كربلاء الأليمة ومكانة الإمام الحسين عند المسلمين، والتي تجعل من هذه الذكرى فرصة للتقارب فقال: ان من الحوادث المؤلمة المحزنة للقلوب، المدمعة للعيون، التي وقعت في شهر الله المحرم، استشهاد الحسين بن علي رضي الله عنه وعن أبيه وعن آله الطيبين الطاهرين. وذلك في يوم عاشوراء سنة إحدى وستين من الهجرة، على أيدي الطغاة البغاة الأشقياء في كربلاء. وأبوعبدالله الحسين هو أبوالشهداء، وريحانة رسول الله في الدنيا. وسيد شباب أهل الجنة يوم القيامة. قال عنه النبي "ص" وعن أخيه الحسن "رض": "إن الحسن والحسين هما ريحانتاي من الدنيا". وقال عن الحسين: "من سره أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة، فلينظر إلى الحسين"، وقال عليه الصلاة والسلام: "حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط"، أي هو كأمة صالحة من الأمم فله عظيم القدر في الدنيا وعظيم الأجر في الآخرة.

ولقد أخبر الرسول "ص" عن قتل الحسين "رض" في كربلاء بالعراق مظلوما وأراه الملك الذي أخبره تربة الأرض التي يقتل عليها. عن أم سلمة "رض" قالت: "كان جبريل "ع" عند النبي "ص" والحسين عندي فبكى فتركته، فدنا من النبي "ص"، فقال جبريل: أتحبه يا محمد؟ فقال: نعم، فقال إن أمتك ستقتله، وإن شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل عليها، فأراه إياها، فإذا الأرض يقال لها كربلاء".

وأضاف الشيخ القطان قائلا: "لقد ضرب الحسين "رض" مثلا رائعا من أمثلة الثبات على الحق والمبدأ، ومجابهة الباطل. وعدم الرضا بالهوان أو الضيم واستشهد من أجل المبادئ السامية، وإنا نحتسب أبا عبدالله الحسين ومن معه من أهله وأصحابه في الشهداء عند ربهم أحياء يرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله في جنات النعيم، في مقعد صدق عند مليك مقتدر".

مكانة آل البيت عند المسلمين

وعن مكانة الحسين وأهل بيت رسول الله "ص" عند المسلمين جميعا وليست خاصة بطائفة معينة، قال الشيخ القطان: "إن الحسين في حياته وبعد استشهاده، إنسان عظيم وقدوة رائعة للمسلمين تهواه الصدور، وهو شخصية متفوقة لا تتسع لها السطور، والشخصية الكبيرة من الناس، هي السدرة التي ينتهي التاريخ إليها مفاخرا بحق... ولم لا يكون الحسين كذلك وهو من انبثق من عظمة النبوة محمد "ص"، فكان السبط الحبيب. ومن عظمة الرجولة علي "رض"، فكان الابن الحبيب، ومن عظمة الفضيلة فاطمة "رض"، فكان المعني في الصلة والوصال أكثر مما يعنيه القريب. فسلام الله عليك أيها الحسين يوم ولدت، ويوم خرجت ويوم ثرت، ويوم استشهدت ويوم تبعث شهيدا سيدا في رياض الخلود، وسلام عليكم جميعا آل البيت"

العدد 897 - الجمعة 18 فبراير 2005م الموافق 09 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً