العدد 897 - الجمعة 18 فبراير 2005م الموافق 09 محرم 1426هـ

"إسرائيل" هي المستفيد من اغتيال الحريري

تناولت مختلف الصحف العربية في افتتاحياتها كما في التحليلات جريمة اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري في الانفجار الذي وقع في منطقة الفنادق الكبرى الواقعة على أطراف وسط بيروت التجاري وبالقرب من شاطئ البحر. وأجمعت على وصفه بأنه "رجل إعمار لبنان" باعتباره شخصية ارتبط اسمها بإعادة إعمار البلد، وبرزت غالبية تدعو اللبنانيين للتمسك بوحدتهم الوطنية لأن عملية اغتيال الحريري، لا تضع لبنان وحده أمام مستقبل مجهول، وإنما سورية أيضا، وخصوصا ان جماعات المعارضة اللبنانية لم تتردد مطلقا في تحميلها المسئولية عن هذه الجريمة البشعة. ودعا كثيرون إلى أن يكون للبنانيين فيما يجري في العراق عظة وعبرة! وسألوا عن المستفيد؟ فأكد الكثير ان "إسرائيل" هي المستفيد الدائم من هكذا جريمة.

فيما نحا البعض، إلى توجيه الاتهامات إلى سورية والسلطات اللبنانية، وأكد أحدهم حتمية تدويل المسألة اللبنانية، "فالإرادة الدولية ستعتبر اغتيال الحريري ردا دمويا على مشروعها للشرق الأوسط الكبير". وظهرت الصحف اللبنانية بحلة سوداء، فأرخت للرئيس الشهيد وطالبت بالإسراع في التحقيق، ودعا كثيرون إلى الحفاظ على التماسك الداخلي وعمدت بعض الصحف للتأكيد على وصية الحريري الأخيرة وهي "الحفاظ على مكتسبات اتفاق الطائف"، فنقلت عن بعض الصحافيين من الذين كان لهم شرف تسجيل "آخر كلام" للرئيس الشهيد. ومفاده بحسب الزميلين، وليد شقير ومحمد شقير في "الحياة" ان الحريري تطرق إلى "جنوح لدى بعض المعارضة" مميزا نفسه عنها، ومشيرا إلى تصريحات للرئيس السابق أمين الجميل بأن "اتفاق الطائف فرض تحت الضغط". قال: "نحن في غنى عن هذا الكلام لأنه يعيدنا إلى الوراء ولا مصلحة للبنانيين في ذلك"، ولهذا السبب، أضاف: "كما ترون أحاول أن آخذ موقعا يقف بين اطروحات بعض المعارضين وبين جنوح السلطة والموالين". وعاد الحريري إلى الحديث عن الظروف التي رافقت التوافق على اتفاق الطائف، مكررا انه مقتنع بتلازم المسارين السوري واللبناني وأن التمسك بهما "لا يؤمنه الوجود العسكري السوري بمقدار ما يحميه الوضع السياسي ككل". وأكدت "السفير" "ان الحريري أكبر بكثير من الذين حاولوا توظيف الجريمة لتبرير تدخل دولي ظل يناضل ضده حتى النفس الأخير".

واعتبر ساطع نورالدين في "السفير"، ان غياب الحريري يفقد لبنان الكثير من عناصر مناعته وحصانته وربما أيضا شرعيته... فقد كان يمكن للحريري أن يساهم في درء الكثير من مخاطر القرار ،1559 التي كانت افتراضية أو مؤجلة، ومن آثار الكثير من الزلازل الإقليمية الكبرى، ومن عواقب الكثير من الحملات الدولية. واعتبرت "الديار" ان البلد أمام منعطف دقيق يستدعي من الجميع التحلي بأعلى درجات المسئولية وتغليب روح التضامن والوحدة الوطنية. من جانبه، فارس خشان في "المستقبل" "المملوكة من الرئيس الحريري" اعتبر ان سلطة لبنان متآمرة، بأفضل أحوالها، فهي تحرض على اغتيال الحريري، وهي مستفيدة من تغييبه، أما المنفذون والمخططون فثانويون. وبعد أن تساءل عمن يتولى مهمة القبض على هذه السلطة؟ ختم معتبرا انه لابد من قاض مستقل ولابد من رجل أمن جريء... ولابد من شعب ثائر على النسخة الجديدة من جمال باشا الجزار. وإذ نعى رئيس تحرير "النهار" غسان تويني، الصديق والعملاق رفيق الحريري، أكد ان اللبنانيين كلهم سيقولون ولو همسا نعم للتحقيق الدولي. ورأت "البيان" الإماراتية، ان لبنان على مفترق بعد اغتيال الحريري. وسألت: لبنان إلى أين؟ ومن المستفيد؟ سؤال طرح نفسه بقوة بعد الاغتيال المأسوي. فخطورة هذا التفجير الذي لم يشهد لبنان له مثيلا حتى في أصعب أيام الحرب الأهلية، لا تنبع فقط من كونه استهدف شخصية لبنانية بارزة بل لأنه يأتي في لحظة حرجة يمر بها لبنان والمنطقة العربية كلها.

وفي الافتتاحية حذرت "البيان" من "الفتنة" مبدية خشيتها من استغلال الاغتيال لتأجيج النعرات الطائفية والمذهبية التي لن تؤدي إلا إلى الدفع بلبنان، الذي يعاني أيضا ظروفا اقتصادية واجتماعية في غاية الصعوبة، نحو الخراب. واعتبرت شقيقتها "الخليج" ان ما حصل هو "زلزال بيروت". معتبرة انه ليس غير الوعي والتبصر وضبط النفس والكلام بمسئولية والتصرف بمسئولية مضاعفة ما يحمي لبنان من تداعيات الزلزال الذي أصاب بيروت باغتيال الحريري. مؤكدة ان ثمة طرفا واحدا يستفيد من تخريب لبنان وزعزعة استقراره ومحاولة رده سنوات إلى الوراء، هذا الطرف هو العدو الصهيوني كائنا من كان مرتكب هذه المجزرة النكراء. وأملت أن يرتقي اللبنانيون، إلى مستوى المخاطر التي تحدق ببلدهم، وعدم السماح بفتح أية ثغرة داخلية تمكن من يقف وراء جريمة الاغتيال من بلوغ أغراضهم الدنيئة. واعتبرت "القدس العربي" الفلسطينية، ان عملية الاغتيال لا تضع لبنان وحده أمام مستقبل مجهول، وإنما سورية أيضا، لأن جماعات المعارضة اللبنانية لم تتردد مطلقا في تحميلها المسئولية، عن هذه الجريمة البشعة. ورأت ان الرسالة واضحة، تقول كلماتها بأن اقتراب لبنان من الولايات المتحدة وفرنسا هو خط أحمر، سيقود إلى خرابه، وإعادته إلى الفوضى وعدم الاستقرار وتحويله إلى دولة فاشلة، أو بالأحرى صورة مصغرة عما يحدث في العراق حاليا. لكنها رأت ان توجيه الاتهامات ينطوي على الكثير من التسرع، فقد كان المأمول أن تلتزم المعارضة اللبنانية بضبط النفس قبل الانزلاق في اتهام هذه الجهة أو تلك. فالظرف حساس للغاية وأي تصرف خاطئ ربما يجر البلد إلى الدمار والعودة إلى سنوات الفوضى الدموية.

ورأت "الشرق الأوسط" السعودية، ان اغتيال الحريري طعنة في ظهر لبنان وصفعة لآمال عربية بالاستقرار واشتباك صريح مع المجتمع الدولي. وفي مقال تحت عنوان "من قتل ضمير لبنان؟"، رأت "الرياض" ان قتل الحريري لن يكون عملية سهلة، إلا إذا استطاع اللبنانيون قراءة واقعهم بشكل موضوعي، وحددوا أسباب أزماتهم، والخروج منها. وشددت على ان كل المفاجآت مفتوحة أبوابها، لكن في هذه المحنة الكبيرة، على اللبنانيين أن يتداركوا وضعهم قبل أن تهب رياح الحرائق، ويكون بلدهم وقودها. وشددت "الوطن" السعودية، على ان اغتيال الحريري هو اغتيال لسلام لبنان. وإذ لفتت إلى ان المعارضين اللبنانيين لحكومة كرامي ومن ضمنهم كتلة الحريري، وبعض الصائدين في المياه لتعكير صفو العلاقات اللبنانية - اللبنانية، واللبنانية - السورية وجهوا أصابع الاتهام إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية والسورية، اعتبرت ان الذين يلقون بالتهمة على سورية يغفلون العلاقة المميزة بين البلدين كما يغفلون الظروف السياسية الدولية المحيطة بسورية والتهديدات التي تتعرض لها من الولايات المتحدة و"إسرائيل". وإذ أكدت ان ليس من مصلحة سورية أن يشهد لبنان هزة أمنية اعتبرت انه مع انتفاء الدافع السوري وراء العملية هناك اتهامات موجهة إلى "إسرائيل" وبقايا عملائها في لبنان.

ورأت "الرأي" الأردنية، ان قرار "إعدام" رئيس الحكومة السني بهذه الطريقة البشعة تشي بأن الذين وقفوا خلفه استعجلوا الأمور لأن الوقت لا يعمل في صالحهم فالأجندات والاستحقاقات باتت أكثر حزما مما كانت قبل صدور القرار .1559 وإذ شددت على ان المعادلة اللبنانية باتت الآن مختلة وإن كان القول بأن المعارضة قد كسبت نقطة لصالحها ليس مجازفة، ختمت الصحيفة الأردنية، معتبرة انه يصعب التكهن بما ستسير الأمور عليه في الأيام المقبلة لكن إطاحة رؤوس كبيرة في الحكم وفي خارجه قد تكون بداية لحرائق إقليمية بدأت شرارتها من لبنان ومن دم الحريري الذي أريق. ورأت "السياسة" الكويتية، ان اغتيال الحريري يضع سورية والحكم اللبناني في موقف حرج. وأكد رئيس تحريرها، أحمد الجارالله، ان الإرادة الدولية ستعتبر اغتيال الحريري ردا دمويا على مشروعها للشرق الأوسط الكبير القائم على بناء أنظمة ديمقراطية في دوله، وبناء أمم حرة فيه. واقترح الجارالله، لتوفير الآلام على لبنان وشعبه وتجنيبه الاحتمالات الخطرة الآتية أن يستقيل كل رجال السلطة الحالية، وأن ينضموا إلى مواطنيهم ويقودونهم في عملية عصيان مدني حتى يظهر من قتل الحريري.

وأكدت "الأهرام" ألا يسمح اللبنانيون لأعداء لبنان بنشر بذور الفتنة الطائفية وشبح الحرب الأهلية مرة أخرى ويجب ألا يعطي اللبنانيون للإرهابيين أو للأيدي الخارجية الفرصة للعبث بأمنهم واستقرارهم. ورأت "الجمهورية" ان "أعداء العرب... قتلوا الحريري" مؤكدة انه لا يمكن استبعاد أصابع القوى المعادية للعالم العربي في تدبير الجريمة. وشددت على ان القوى التي فتحت أبواب الفتنة وجرجرت الملف اللبناني السوري إلى مجلس الأمن وحرضت فئات لبنانية ضد أخرى ليست بعيدة عن اغتيال الحريري حتى تستغلها في إشعال حريق لبناني هائل يبيح لهذه القوى المتربصة التدخل لتنفيذ أهدافها. لذلك طالبت الشعب اللبناني كله باليقظة إزاء مثيري الفتنة. داعية إلى أن يكون للبنانيين فيما يجري في العراق عظة وعبرة

العدد 897 - الجمعة 18 فبراير 2005م الموافق 09 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً