المراقب لوضع المنطقة العربية حاليا يستشف أن الدعوات والشعارات التي كانت تطلق بين وقت لآخر عن الايدولوجيات المختلفة التي عايشتها شعوب المنطقة في منتصف القرن الماضي أصبحت اليوم شعارات "قصيرة النفس" بل وكلاما لا يعكس أي اثر على الاجيال الحالية التي بطبيعة الحال أصبحت لديها اهتمامات اخرى عما تنادي به اجيال تلك الحقبة.

من المؤسف حقا ان يذهب البعض من جيل الماضي الى كتابة سطور في صحافتنا بعيدة عن الواقع المعاش... متناسين بذلك المتغيرات التي تحصل في المنطقة وربما التي لا تخدم هذه الفئة أو تلك ممن كانت تستفيد من ذلك بحجة القومية اوالعروبة اوالبعثية.

اليوم نجد هذا الجيل الحالم يريد ان يفرض رؤيته على جيل اليوم دون ان يلتفت ان زمانه ولى... وان ايدولوجياته التي ينادي بها على الدوام لم تفعل شيئا لشعوبنا العربية بل ان الانظمة العربية التي كانت ومازالت متشبثة بذلك تجدها اما دكتاتورية أو ظالمة بحق شعوبها أو متخلفة غير مواكبة لعجلة التطوير كونها مشغولة في إخماد وقمع الآراء التي تعارضها أو التي لا تسير على نهج ايدولوجياتها أكثر من أي شيء!

هذه الفئة التي نتحدث عنها موجودة في كل بقعة من عالمنا العربي... لكنها بدأت تتقلص يوما بعد يوم لفشل ما كانت تنادي به حتى أصبحت اقلية لا أكثرية... وحتى أسلوبها في طرح آرائها أصبح "فاقدا للشهية" وبعيدا عن الصدقية.

مناسبة الكلام ما جاء من تعليقات وكتابات في بعض الصحف المحلية التي راحت تتحدث بلغة استعلاء واثارة روح البغيضة والفتنة الطائفية اكثر منها الى ابداء رأيها بصورة تتبع "حقائق فكر المدرسة الليبرالية"!

فإن كانت هناك انتقادات لمواقف بعض الرموز والمرجعيات الدينية، لا يجوز أبدا تحقيرها وتوصيفها بمسميات مثل "الجنرال" و"دكتاتور"، وهذه المسميات مناسبة لاصحاب الانظمة التي قهرت شعوبها من ايدلوجياتها العقيمة والتي تحاول هذه الكتابات تقديسها.

إن كانت هناك وجهة نظر معينة فلابد من احترام وجهات النظر الأخرى من دون تعد على شخصية لها احترامها وقدسيتها لدى قطاعات واسعة من الناس. فالمدرسة "الليبرالية" التي يتبجح بها البعض تفترض احترام آراء الآخرين وثقافاتهم ايا كانت ولا تسعى بأي حال من الاحوال الى تقزيم الآخرين وتشويه صورتهم كالذي جاء في بعض الكتابات القريبة من الفكر المتطرف