العدد 913 - الأحد 06 مارس 2005م الموافق 25 محرم 1426هـ

المؤتمر الدستوري وليد المشروع الإصلاحي

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

إن جاز لي التعبير فإن المؤتمر الدستوري الذي دوامت على الإعداد والتحضير له القوى السياسية المعارضة لعامين على التوالي "فبراير/ شباط 2004 و2005"، في ذكرى ميثاق العمل الوطني، وأقصد بالقوى السياسية المعارضة هنا الجمعيات السياسية الأربع التي قاطعت الانتخابات النيابية ،2002 استطيع أن أنسبه بشكل مباشر جدا بأنه وليد المشروع الإصلاحي، أي أنه خرج من رحم المشروع الإصلاحي فقد ولد في زمن الانفتاح السياسي والامني والاصلاحات السياسية، وأنه لاقى ولادة متعسرة ومخاضا طويلا وعسيرا جدا، إلى حد أن الحكومة قد تنكرت له ومازالت تتنكر لشرعيته.

وهذا ما نلحظه بشكل واضح من خلال مواقف الحكومة المتصلبة تجاه المؤتمر وعدم الاعتراف به، ولكن على رغم ذلك ينبغي لهذا الوليد أن يجد حقه من الرعاية والاهتمام، فقد كتب له الحياة في عهد الاصلاح، والاصلاح السياسي لا يمكن له أن يستمر بلا توافق دستوري، لذلك جاء شعار المؤتمر الدستوري لهذا العام "نحو دستور عقدي لمملكة دستورية".

تنكر الحكومة لوليدها بدا واضحا من خلال جملة من ردود الفعل التي لازمت المؤتمر الدستوري الأول 2004م، والتي أعدت له الجمعيات السياسية الأربع، إذ تعاملت الحكومة مع المؤتمر تعاملا لا يخلو من التصعيد، وتدخلت في كل صغيرة وكبيرة بشأن الإعداد إليه، على رغم مرونة المعارضة وتقبلها للكثير من آراء الحكومة الا أنها لاتزال تستخدم قوتها وسلطتها المعهودة من خلال العمل على إرجاع ضيوف المؤتمر الذين يتمثل دورهم كمراقبين فقط، ومن خلال منعهم من إقامة المؤتمر في أحد الفنادق... الخ من تصعيد، فقد كانت قرارات خالية من النفس السياسي، إذ لم تكن تناور أو تحاور، وانما كانت تمنع وتصعد.

ويبدو أن الحكومة هذه المرة قد تدارست الموضوع بشكل أفضل، كما أنها تمكنت من تنضيج قرارها على نار هادئة فلم تكن قراراتها محروقة هذه المرة، ويتضح ذلك من خلال عقلانية أدائها هذه المرة، إذ لم يبد عليها التوتر، ولعلها اتخذت من العام الماضي دروسا وعبرا، إذ عندما تظل الحكومة - كما في الغالب - تعارض وتبدي استياءها من حدث معين إلا ونجد الموازين بأكملها تنقلب ضدها، فتنشط القواعد الشعبية وتقف مع المعارضة، وبالتالي تضفي على المشروعات نجاحات أخرى إلى جانب النجاحات المتوقعة، أي أنها تخطأ فتعمل دعاية إعلامية مجانية للمعارضة، وهذا ما تنبهت له الحكومة هذه المرة.

نرجع إلى الموضوع الأصلي وهو المؤتمر الدستوري والذي اتخذت المعارضة والجمعيات السياسية المقاطعة على نفسها عهدا بالحرص على إقامته بشكل سنوي وفي الفترة نفسها إلى أن تحصل على مطالبها والتوصل إلى توافق في المسألة الدستورية، إذ تعهد المؤتمرون بإقامة مؤتمرهم هذا بشكل سنوي ما لم تتجاوب الحكومة مع الملف الدستوري، كما أن قرار مقاطعتها للمجلس الوطني ستبقى كما هي، وهي قناعة متفق عليها. في العام الماضي عقد المؤتمر الدستوري في موعده المحدد، على رغم المنغصات التي صاحبته، وخرج المؤتمرون حينها بمجموعة من القرارات. وفي هذا العام أيضا خرج المؤتمرون بمجموعة من القرارات نتمنى أن يكتب لها التحقق والانجاز، من خلال جهود الأمانة العامة التي من صميم مهماتها العمل على تنفيذ مقرارات المؤتمر الدستوري الثاني والإعداد والتحضير للمؤتمر الدستوري الثالث .2006

بقي أن نؤكد أن المعارضة السياسية معارضة حضارية تتخذ قراراتها المصيرية بشكل مرن لا تصلب ولا تشدد فيه، ونتمنى على الحكومة أن تحاورها وتفتح آفاق الحوار معها، بدل تجاهلها وإلغاء أدوارها، فدورها مكمل ولا يمكن إلغاؤه، من منطلق ان العلاقة بين المعارضة والحكم ينبغي أن تكون تكاملية لا قائمة على القطيعة والهجران

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 913 - الأحد 06 مارس 2005م الموافق 25 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً