من المتوقع أن يخطر رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني المجلس في جلسته المنعقدة غدا الثلثاء بفحوى الرسالة الواردة من صاحب السمو رئيس مجلس الوزراء بشأن التوصيات المتعلقة بلجنة التحقيق البرلمانية بشأن التجنيس.
ويعتقد الكثير من النواب في لقاءات أجرتها "الوسط" أن هناك ثغرات قانونية في قانون التجنيس لابد من تعديلها. ويمكن لمجلس النواب - بصفته سلطة تشريعية - أن يناقش هذه الثغرات ويطالب بتعديلها.
ويطالب بعض النواب بوضع تفسير لما يسمى بالاستثناء يحدده وفقا لضوابط معينة مثل أن يكون الفرد مستثمرا أو قضى مدة زمنية محددة أو ما شابه.
الوسط - تمام أبوصافي
تتناول "الوسط" ملف التجنيس الذي أثار الكثير من الجدل علي الساحة الوطنية. "الوسط" التقت رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان. و"الوفاق"، كبرى الجمعيات السياسية في البحرين. مثل التجنيس أحد الملفات السياسية الرئيسية على جدول أعمالها وأحد المحاور الأساسية في خطابها السياسي. وعبرت "الوفاق" مع جمعيات أخرى عن موقفها من التجنيس منذ سنوات، وقامت بحملات إعلامية وسياسية لتوضيح موقفها من هذا الملف عبر الندوات الجماهيرية والنشاطات الأخرى.
كما التقت "الوسط" النائب جاسم عبد العال، نائب رئيس لجنة التحقيق البرلمانية في موضوع التجنيس الذي يعتبره من الموضوعات السياسية الرئيسية في البلاد. نبدأ الحوار مع الشيخ علي سلمان في الحوار الآتي:
تمثل قضية التجنيس أبرز الملفات السياسية للجمعية وهناك الكثير من الملاحظات بشأن موقفكم من هذه القضية؟
- التجنيس يتم وفقا لشروط التجنيس في البحرين، وإذا لم تطبق هذه الشروط فإننا نتكلم عن تجنيس الهدف منه سياسي من خلال التغيير الديمغرافي للبلد وطبيعة تركيبته السياسية موزعة ما بين الطائفتين السنة والشيعة، والعبث بهذه التركيبة الديمغرافية لخدمة مصالح سياسية هو أمر غير مقبول من أي طرف وهذا هو موضع اعتراضنا بشكل محدد.
أما بالنسبة إلى الإنسان الذي استوفى هذه الشروط فمن الطبيعي أن يكون هناك تفهم لإعطائه الجنسية. إعطاء الجنسية ليس حقا في القانون البحريني، ولكن للفرد غير البحريني أن يتقدم بطلب الحصول على الجنسية وبعد ذلك يتم القرار من الجهة المخولة رسميا بمنح الجنسية.
ألا ترى أن طريقة معالجتكم لهذا الملف أشاعت نوعا من المشاعر العنصرية بين البحرينيين المعروفين بالتسامح وقبول الآخر، بل خلق حالا من التعالي على أشقاء عرب حصلوا على شرف المواطنة في هذا البلد؟
- المشكلة في السلبيات التي تنتج من هذه الظاهرة وليس من طريقة المعالجة. فالمواطن الذي يجد شخصا آخر وصل إلى بلاده وعمل في وظائف حكومية حساسة ويقوم بمعاقبته لأن التجنيس تم في فترة الانتفاضة "حوادث التسعينات" ويقوم بالاعتداء عليه بالضرب أو سجنه أو التهجم عليه، يضاف إلى هذا حصوله على خدمة الإسكان في الوقت الذي ينتظرها المواطن أكثر من عشرة أعوام، هذه الممارسات هي التي تخلق الحساسية.
برأيكم من المسئول عن هذا الشعور السائد؟ الشخص الذي حصل على الجنسية أم الأجواء السياسية التي سادت في الفترة الماضية؟
- المسئول الأول هو من قام بهذا المشروع، والمسئول الثاني هو من وافق على المشاركة في مشروع من هذا النوع. فالناس الذين أتوا يعرفون ذلك وما حدث جاء من خارج القانون ولأهداف سياسية. أما المسئولية الأولى فيتحملها صاحب المشروع السياسي الذي قام بهذه الممارسات.
الخطاب الذي تناول موضوع التجنيس لم يفرق بين من خدم وأسهم في بناء ونهضة البلاد وبين ما ترونه أنه جاء لخدمة أهداف سياسية. ألا يبدو هذا إجحافا بحق الكثير من الناس الذين عاشوا لفترات زمنية تصل إلى ثلاثة أو أربعة عقود من الزمن، أو بعبارة أخرى المستحقين الحقيقيين للجنسية؟
- الخطاب كله موجه إلى الظاهرة السياسية التي تمت لأسباب سياسية وخارج القانون. لا أحد يتحدث عن شخص عمل في هذا البلد لخمسة عشر عاما أو أكثر. هؤلاء أشقاء مرحب بهم للإقامة في هذا البلد لأنهم يرغبون في الحياة في هذا البلد، ولكن أن تستخدم شرائح معينة اليوم وتمنحها الجنسية غدا وتقدم لها الولاء والأهمية هذا أمر غير مقبول وهذا هو جوهر المشكلة الحقيقية.
ألا ترى أن الاعتراض يتركز على تجنيس فئات معنية وتنتمي إلى طائفة معينة في الوقت الذي لا يتم انتقاد تجنيس فئات أخرى تنتمي إلى طائفة أخرى حصلت هي الأخرى على الجنسية؟
- ليس هناك تجنيس يتم انتقاده على أساس طائفي. الانتقاد يأتي على كل هذه الظاهرة التي تشمل جنسيات مختلفة من دون الأخذ بالانتماء الطائفي. الأمر الذي ننتقده هو أن يتم تجاوز القانون في عمليات التجنيس سواء كان هذا المتجنس شيعيا أم سنيا، عربيا أو أجنبيا.
البحرين منقسمة إلى عرب وعجم وسنة. ذوو الأصول الإيرانية مثلا من إخواننا السنة حصلوا على الجنسية هم شريحة طبيعية موجودة منذ عقود طويلة بسبب طبيعة الهجرات المتبادلة بين ضفتي الخليج. الشيعة من هؤلاء - وبحسب البعد السياسي - لم يكن تجنيسهم أمرا مقبولا حالهم حال إخوانهم السنة. لا نتكلم عن الحساسية ولا نثير حول إخواننا السنة الذين حصلوا على الجنسية لأنهم جزء من التركيبة الطبيعية لهذا البلد، ولا نتكلم أيضا عن إخواننا الشيعة الذين حرموا من الجنسية لسنوات طويلة نتيجة للبعد السياسي في الأمر، فهم جزء من نسيج المجتمع وهم موجودون قبل أن يسن قانون الجنسية في البلد. نحن لا نرضى أن يجنس أي فرد، وإن كان شيعيا، ولم يعش وينتمي إلى هذا البلد. من حصلوا على الجنسية من أبناء الشيعة الذي تعود جذورهم إلى إيران هم من أبناء هذا البلد عاشوا فيه وكان يمارس عليهم شكل من أشكال الظلم السياسي ورفع عنهم هذا الظلم. هذه المسألة تختلف كامل الاختلاف عن أناس جاءوا من دول أخرى ويتمتعون بجنسيات أخرى ويأتون إلى هنا للحصول على الجنسية البحرينية.
التجنيس الذي يحدث على أساس التجنيس الطائفي في ظاهرة التجنيس الجديدة والتي تفاقمت في فترة التسعينات بهدف التغيير الديمغرافي ولحسابات قاصرة لبعض أصحاب القرار.
هل تعتقد أن هناك إمكان التعامل والقبول بالآخر على أساس الاندماج الاجتماعي والتعددية بدلا من حصر الأمور في أبعاد سياسية أو طائفية وخصوصا أن الكثير من شرائح المجتمع أصبحوا مواطنين ولهم حقوق وواجبات أمام القانون. بمعنى هل تعتقد أن الزمن كفيل بالخروج من هذه الدائرة؟
- أعتقد أنها تترسخ بشكل سيطول بقاؤه في المجتمع وسيطول هذا النفور بسبب أنها بنيت على أساس خاطئ، والتوقع أن هذا سيزول بفترة زمنية قريبة أمر غير واقعي وخصوصا أن هذه المجتمعات تتسم بالتكتلات السكنية الخاصة التي تساهم بمزيد من العزلة، والمجتمع بصراحة لا يقبلهم لأن أفراده لا يتداخلون مع هذه الظاهرة بشكل أو بآخر. المشروع كان خاطئا ولو كان التجنيس تم وفقا لظروف طبيعية على اعتبار أن هناك أفرادا عملوا وخدموا في هذا البلد لن يخلف هذا الأمر أي حساسية لأن هذا الأمر كان يتم تاريخيا باستمرار نتيجة للتمازج الاجتماعي ولم يكن ليخلق أي مشكلات. لكن وضعه بصفة برنامج سياسي هو ما جعله أمرا مفروضا ومرفوضا وخلق ردود الفعل هذه.
هناك عدد من الأشقاء العرب والأجانب تم تجنيسهم قبل مشروع التجنيس كان وجودهم طبيعيا وأصبحوا جزءا من نسيج هذا البلد، إنما المشكلة نتجت عن تجنيس أعداد كبيرة جدا في فترة زمنية بغير حاجات حقيقية للبلد ولم تنطبق عليهم شروط القانون".
عبدالعال
لقاء "الوسط" الثاني كان مع النائب جاسم عبدالعال، نائب رئيس لجنة التحقيق البرلمانية في موضوع التجنيس ومقررها، والذي يعتبر موضوع التجنيس من الموضوعات السياسية الرئيسية في البلاد التي خلقت حالا من القلق والتحفظ لدى جميع شرائح المجتمع البحريني.
إضافة إلى هذا، فهي برأيه تشكل قضية وطنية تحمل أبعادا كثيرة، فكان لابد لمجلس النواب بصفته ممثل الشعب أن يتبنى هذه القضية ويحقق فيما حدث من تجاوزات خلال الفترة الماضية التي تم فيها عملية التجنيس من دون مراعاة الضوابط القانونية.
ويقول عبدالعال ان قضية التجنيس شكلت أحد أبرز الموضوعات في البرامج الانتخابية التي تبناها المرشحون اثناء الانتخابات التشريعية وكان لابد لمن دخل منهم إلى المجلس أن يبدي الاهتمام بهذه القضية.
هل تعتقد أن معالجة قضية التجنيس قد طالت الكثير من الناس ممن استحقوا الجنسية وخدموا البلاد وهذا ما خلف مشاعر من الاستياء لديهم؟
- قد يكون تناول هذه القضية سبب حالا من الإرباك واختلطت الأمور في فحوى الرسالة التي كان من المفترض إيصالها بهذا الشأن. كنت حريصا بصورة شخصية على إبراز الاختلاف عند الحديث عن التجنيس لأنني أعلم تماما أن هناك الكثير من الجاليات العربية التي عملت وخدمت في الحقل التعليمي والطبي وأسهمت في خدمة المواطن واستحقت الجنسية، وحملهم للجنسية البحرينية يشكل عنصر فخر واعتزاز لنا جميعا. لكن ما تم التركيز عليه هم الأفراد الذين حملوا الجنسية بصورة غير قانونية وهم الأكثرية للأسف من دون أن يكون لهم حق قانوني بحملها. وأعتقد أننا في تصريحاتنا كنا نحرص على إبراز عدم تحفظنا إزاء من حمل الجنسية من مستحقيها.
هل تجد أن هناك ثغرات في قانون التجنيس كان من الأولى معالجتها بدلا من إطلاق شعارات طالت الجميع؟
- تعديل القانون عملية مستقبلية وتحتاج إلى وقت طويل، وقمنا بتقديم اقتراح تعديل القانون في بداية دور الانعقاد الثالث في نهاية شهر اكتوبر/ تشرين الاول من العام الماضي. كذلك قدمت اللجنة التي تشكلت لبحث ملف التجنيس عددا من التوصيات في التقرير الذي تم إعداده من قبل اللجنة بعد الاطلاع على ملفات التجنيس. وطالبنا بتفعيل هذه التوصيات لكي يتم وضع ضوابط على منح الجنسية البحرينية في أطر قانونية.
هل أغلق ملف التجنيس الآن بعد أن قدم تقرير اللجنة التي تشكلت للبحث فيه؟
- أعتقد أننا كنا مقيدين بالمادة 45 من اللائحة الداخلية التي تنظم عمل المجلس والتي تنص على عدم محاسبة أو التطرق لأفعال قبل تشكيل المجلس. لذلك اقتصر عملنا إلى الفترة ما بين 14 ديسمبر/ كانون الأول ،2002 وهي تعتبر فترة قصيرة وخصوصا أن معظم التجاوزات حدثت قبلها وخصوصا في فترة التسعينات. وحصلنا على معلومات من مارس/ آذار 2001 ولكنها كانت خارج الرقابة على رغم تحديث البيانات. بلاشك، هناك الكثير من الحقائق المغيبة وخصوصا فيما يتعلق بازداوجية الجنسية ولدينا أرقام تقول إن هناك ما يصل الى 11 ألفا ممن حصلوا على الجنسية البحرينية يحتفظون بجنسياتهم الأصلية. والحكومة لم تقدم أية معلومات إيضاحية بشأن هؤلاء. ولا أعتقد أن ملف التجنيس قد أغلق وإنما كانت البداية، ونحن الآن بانتظار رد وزير الداخلية بشأن التقرير الذي ثبت عددا من التجاوزات، وقد أعطيت فترة 6 شهور ليتم الرد على هذا التقرير.
أيضا لا نستطيع ان نعتبر ملف التجنيس أغلق طالما اننا مازلنا نتلمس سلبيات التجنيس على أرض الواقع وفي المعايشة اليومية. هناك مشكلات اقتصادية واجتماعية خلفتها عملية التجنيس، وهذه المشكلات تسببت بشكل أو بآخر في خلق حال من الاستياء لدى جميع شرائح المجتمع.
هناك من يرى أن الزوبعة التي أثيرت بشأن ملف التجنيس وقفت عقبة أمام أناس استحقوا الجنسية وفق القانون، بل زادت من محنتهم الاجتماعية بفعل ما تم إثارته من قبلكم بشأن التجنيس وخصوصا أن هناك عائلات يحمل أفراد منها الجنسية ولا يحملها آخرون، ما خلق نوعا من الشتات بشأن مستقبلهم؟
- قد يكون هذا الأمر صحيحا بعض الشيء، ولكننا ننظر إلى المصلحة العامة والمصلحة الوطنية وليس ضمن أطر المصلحة الشخصية الضيقة. قد يكون بعض هؤلاء الأشخاص قد قضى أكثر من عشرين عاما في البحرين واستحق الجنسية، ولكن التأخير في حصولهم لم يأت وليد اللحظة وإنما لعدم التعاطي مع ملفات تجنيسهم. فهناك أناس لم يتم التعاطي مع طلباتهم على رغم شرعيتها لأنهم لا يملكون نفوذ شخصية أو واسطة. وهذا أمر يختلف عن معالجتنا للمشكلة عموما. ما يمكن استخلاصه أن التجنيس أضر بالكثير من الجوانب الحياتية في المملكة ويمكن إثبات الضرر الذي أصاب المصلحة الوطنية، وخلفت هذه القضية حساسية تجاه الأشخاص الذين تم منحهم الجنسية والامتيازات التي يجب أن يحظى بها المواطن وعلى رأسها الإسكان.
ألا نستطيع القول إن التجنيس حل مشكلات عالقة منذ زمن بعيد لأعداد كبيرة من الناس وساهم في حل مشكلات حقيقية كانوا يواجهونها بشكل يومي؟
- التجنيس حق مشروع لكل من يستحق بما يراعي المصلحة الوطنية. حتى أن القانون المعدل في العام 1963 قيد التجنيس بحسب حاجة الدولة ولا تعطى الجنسية كحق مكتسب. ويمكن أن تعطى بأمر الحاكم كأمر يجوز وليس كأمر افتراضي بمنح الجنسية مع استيفاء الشروط فيجب أن يمنح الجنسية. ولكن هناك من لم يعش في البحرين لفترة طويلة في البلاد لكي نتعامل معهم كما لو أنهم قدموا خدمات جليلة للبلد!
أعتقد من خلال تعاملي مع هذا الملف، أن جميع شرائح المجتمع البحريني وطوائفه كانت متحفظة جدا ورافضة لعملية التجنيس غير القانونية.
يتم التعاطي مع ملف التجنيس دائما تحت عبارة "التجنيس السياسي" أو لخدمة أجندة سياسية، فما المقصود بالتجنيس السياسي؟
- لا توجد حكومة وطنية ترضى بالتجنيس على حساب المصلحة الوطنية. وهنا يجب على الحكومة تحمل مسئولية الضرر الذي لحق بفعل عملية التجنيس. وكان لدى الحكومة أجندة سياسية ترمي إلى تغيير التركيبة السكانية في البلاد للإخلال بالتوازن الاجتماعي، وأيضا بسبب الأوضاع الأمنية التي سادت في الفترة الماضية. عدم الثقة بين الحكومة والكثير من أفراد الشعب، جعلها تتطلع إلى جلب أفراد من خارج البلاد لحمايتها وحماية مصالحها من دون أن تأخذ في الاعتبار أن يأتي يوم تدفع فيه الحكومة ضريبة قرارها بتجنيس أفراد من الخارج ومنحهم الثقة أكثر من المواطنين الأصليين
العدد 927 - الأحد 20 مارس 2005م الموافق 09 صفر 1426هـ