العدد 937 - الأربعاء 30 مارس 2005م الموافق 19 صفر 1426هـ

أدونيس وثورة الأرز في لبنان

أجرت صحيفة "زود دويتشه" الصادرة بمدينة ميونيخ مقابلة مع الشاعر السوري أدونيس. وقدم الصحافي فيرنر بلوخ أدونيس لقراء الصحيفة الواسعة الانتشار بأنه أحد أبرز الشعراء العرب أحدث ثورة شعرية في العالم العربي. ينتظر أدونيس منذ سنوات أن يحصل على جائزة نوبل للآداب.. فيما يأتي نص المقابلة:

لبنان بلد ثائر بطبيعته ودلت على ذلك تجاربه في العقود الماضية. وهو بلد من الصعب حكمه بل يقول البعض إنه غير قابل لأن يحكم. هل تعتقد أن تقع في لبنان حرب أهلية عقب انسحاب السوريين من أراضيه؟

- لا أعتقد أن هذا سيحصل. لقد تعلم اللبنانيون بعد 16 سنة "مدة الحرب الأهلية السابقة" أن النزاعات المسلحة والحرب لا تقود إلى شيء. لبنان بلد متميز وينبغي أن يعرف المرء هذا جيدا. لبنان في حركة دائمة. إنه يتعرض باستمرار إلى ثورات وهزات واضطرابات. إنه بلد لا يهدأ وقد لا يعرف السكينة أبدا وذلك على العكس من مصر. يتعامل اللبنانيون مع بلدهم كقصيدة يكتبها الشاعر من دون أن يفلح بوضع نهاية لها، وينظرون إليه مثل علاقة حب لا تتوقف، تستمر وتتواصل. لبنان عبارة عن مشروع مفتوح وأنا سأقف دائما إلى جانب هذا المشروع.

كيف يمكن أن تعيش الطوائف الدينية الـ 18 بسلام تحت السقف اللبناني؟

- لبنان هو البلد الوحيد في العالم العربي يوجد فيه مثل هذا العدد الكبير من الطوائف والعرقيات والثقافات المختلفة. لهذا السبب فإن هذا البلد يحظى بقدرة كبيرة على الانفتاح على العالم ودوافعه لهذا الهدف كثيرة. لبنان بلد تعددي وديمقراطي من دون ديمقراطية. لهذا هو بلد ديمقراطي لأن جميع الطوائف والعرقيات تلتقي تحت سقفه. ليس في لبنان نظام استبدادي ولا حكم تمارسه أجهزة الاستخبارات.

لكن الماضي القريب لا يشير إلى ما يبعث على الاطمئنان. البعض في لبنان يتحدث عن التهديد الذي يواجهه من خلال وجود نصف مليون فلسطيني كما يسيطر حزب الله على النفوذ في الجنوب. كيف يمكن أن تتحقق الديمقراطية وسط وجود هذه المعطيات؟

- لبنان منقسم على نفسه وسيظل هكذا على الدوام. أنظروا إلى المسيرة التي قام بها حزب الله في بيروت حديثا دعما لسورية. لقد شارك فيها مليون شخص، وهذا رقم يزيد على جميع المسيرات التي تمت ونظمتها المعارضة اللبنانية. هناك لبنان آخر غير الحركة الديمقراطية، وهذا ما ظهر واضحا على شاشة التلفزيون.

وهناك شيء آخر، ليست لدينا ديمقراطية غربية، لكن الجماعات الدينية تنتخب ممثلين عنها في البرلمان ويسعى هؤلاء إلى العمل معا في الدفاع عن مصالح فئات الشعب التي يمثلونها وهذه برأيي ديمقراطية. كما يبرهن لبنان على أنه من الممكن بناء مجتمع شعبي في بلد متمسك بمبادئ الديمقراطية. لهذا يعتبر لبنان أمل العالم العربي لأنه يتجنب الجماعية الدينية والسياسية.

الواضح أن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري هو الذي أيقظ اللبنانيين. وهو الحادث الذي جعلهم يطالبون بانسحاب سورية من لبنان.

- لا يمكن الدفاع عن النظام السوري. وأنا أيضا أريد أن تنسحب سورية من لبنان اليوم قبل الغد. لكن هل معنى ذلك أن لبنان سيصبح حرا؟ المسألة لا تتعلق بملاحقة نظام لنفتح الباب أمام نظام غيره وإلا ستسوء الأمور. من يعارض التدخل السوري في شئون لبنان فعليه أن يعارض التدخل الأميركي في شئون لبنان أيضا، وكذلك التدخل الفرنسي والتدخل السوري.

كان للحريري أعداء كثيرون في لبنان ولاشك أن اغتياله جعل منه شهيدا...

- اغتيال الحريري جريمة دنيئة لا يبررها شيء. ينبغي أن يتخلى العرب عن نهج التفكير القائل: إذا رأيك غير رأيي أقوم بقتلك. ويجب أن يندثر هذا التفكير إلى غير رجعة. غير أنه للأسف الشديد فإن التاريخ العربي تاريخ عنف. يسعى المرء إلى الحصول على النفوذ والتمسك به مستعينا بكل الوسائل. اغتيال الحريري جزء من مأساة قديمة. وأرى أنه أمر جيد أن يحتج اللبنانيون، ولكن في الوقت نفسه أسأل نفسي ما إذا كان يجري استخدام اغتيال الحريري لمنافع شخصية وأن المواطنين في الحقيقة يريدون شيئا آخر.

هل تعتقد أن الولايات المتحدة تستغل الأزمة الجديدة في لبنان للضغط على سورية؟

- ينبغي على اللبنانيين أن يفعلوا كل ما بوسعهم بهدف عدم تدخل أية جهة أجنبية بشئونهم وخصوصا "إسرائيل" أو الولايات المتحدة. الانفتاح اللبناني يفسح المجال دائما لدول أجنبية كي تتدخل في شئونه وتسعى دول كثيرة إلى البحث عن أسباب لتبرير تدخلها، لكن كل تدخل خارجي يتسبب بتعقيد الأمور وخلط الموازين داخل لبنان ويقود إلى انهيار الأمن والاستقرار. وينبغي على جميع اللبنانيين أن ينضموا تحت سقف واحد كفئة واحدة يغلب فيها التضامن على التمييز الطائفي وهذا سيجعل لبنان بلدا نموذجيا في العالم العربي.

كيف ترى مستقبل العالم العربي؟

- العالم العربي في طريقه للانهيار. الدول العربية ليست لها تقاليد ديمقراطية والديمقراطية لا تتحقق بواسطة تدخل من الخارج. تعمل تركيا منذ زمن بعيد على وضع الدين جانبا والعمل بالسياسة ولم يحققوا هدفهم بعد. لقد بدأ الأتراك عملية طويلة الأمد ونحن لم نبدأ بعد





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً