كشف تقرير التنمية الانسانية في العالم العربي للعام الجاري، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الانمائي الخاص، صورة قاتمة لوضع الحريات في العالم العربي، متهما كل الدول العربية بقمع الحريات العامة. التقرير الذي جاء تحت عنوان "نحو الحرية في الوطن العربي" أكد أن الاصلاح الجزئي لم يعد كافيا مهما تعددت مجالاته، بل ربما لم يعد ممكنا من الأساس، وأن مستوى التمتع بالحرية في جميع البلدان العربية يتدنى، موضحا أن الحريات - عندما يوضع القهر الخارجي جانبا - مستهدفة من سلطتين هما سلطة الأنظمة غير الديمقراطية وسلطة التقليد والقبلية المتسترة بالدين أحيانا، وأدى تضافر جهود السلطتين إلى الحد من الحريات والحقوق الأساسية وإضعاف مناعة المواطن الصالح وقدرته على النهوض. التقرير لم يخف تخوفه "الشديد" من مستوى الحريات وتراجعها ولاسيما حرية الرأي والتعبير والإبداع التي تعاني وجوها من الكبت والقمع. جاء التقرير لينصف الصحافيين، كاشفا عن وضعهم كهدف للملاحقات القضائية على مدار ثلاثة أعوام "2001 - 2003" لتصدر بحق بعضهم أحكام قضائية قاسية وتعرض بعضهم لاعتداءات بدنية أو للاحتجاز . كما شملت انتهاكات حرية الرأي والتعبير الاعتداء على الناشطين السياسيين والمدافعين عن حقوق الانسان. من هنا تأتي الضرورة التي لابد منها لتحقيق كل ما يقال عن أن بلداننا بلدان الحريات والمساوات، إذ لابد أن تضمن هذه البلدان دساتيرها جميع الحقوق والحريات الأساسية وأن يرد نص صريح فيها على عدم مشروعية قيام التشريع بتقييد الحقوق والحريات الأساسية في معرض تنظيمه لها. وضرورة إصلاح التشريعات الخاصة بمباشرة الحقوق السياسية باتجاه تكريس مبدأ المساواة بين جميع العناصر المكونة لنسيج الوطن على أساس مبدأ المواطنة، والابتعاد عن الشعارات الرنانة والكذابة التي لا تفيد سوى الرجوع إلى الوراء كل يوم، فيما دول العالم تتقدم كل يوم إلى الأمام