العدد 953 - الجمعة 15 أبريل 2005م الموافق 06 ربيع الاول 1426هـ

الشعر...الحرية...المحو

هطول الى الأعلى

يتضح جانب من حرية الشاعر في محو ما كتب والبدء منه، وتتضح عبوديته في توهم الحرية التي تتيح له إلغاء ذلك المحو.

الذين يقرأون الشعر للاسترخاء، يضيفون توهما الى حزمة كبيرة من توهماتهم، فالشعر باعث كفؤ على القلق، بل والإمعان فيه حتى وهو في انفصاله المؤقت عنه.

فيما ترتب العلوم الطبيعية والتجريبية "قشرة" حياة الإنسان، يعمد الشعر الى تحمل جانب كبير من ترتيب "لب" تلك الحياة.

لأن الشعر في العمق من الحس، لا يحتاج إلى أجهزة استشعار عن بعد لتصنيف وتحديد البشر الذين سيدخل أمكنتهم من دون "إحم ولا دستور".

الشعر واحد من الأدوات التي خلصت الإنسان من الإنجراف والتعاطف مع مجتمع الغابة، فلولاه لأصيب كوكب الأرض بلعنة 6 مليارات "رامبو" على الطريقة الهوليوودية!!!

ثمة شعر معلب، وآخر طازج، تماما كالفرق بين السردين المعلب، وبين أسماك في أكف بحارة مازالت ترعف متمسكة بالحياة، تماما كالفرق بين الكرز المعلب، وبين كرز ينتظر القطف.

كل ما يسبب لنا صداعا وغثيانا وسوء شهية وتفسخا في ذوق اختيارنا لأبسط الأشياء، بدءا من الملابس، مرورا بآداب الطريق، وليس انتهاء بالعطور، مبعثه ذلك الصنف من الشعر، وكل ما يحرضنا على الحياة، والحب، و"العفو عند المقدرة"، ويجعلنا نؤمن بـ "رب ضارة نافعة"، مبعثه الطازج من الشعر!!!

الشعراء الذين انتهوا من الذاكرة سريعا، هم مشروعات تجار خردة، تحتاجهم مرغما كل عام أو عامين، وتحترم انسانيتهم، ولكنهم لا يستطيعون اقناعي وإقناعك بأنهم هنري فورد، أو أديسون، أو اينشتاين.

عشرات الآلاف من الشعراء مروا بعد المتنبي، وسيمر بعدهم عشرات الآلاف بعد آلاف السنين، لكنه يظل يسبقهم جميعا بسنوات ضوئية عبر إنجاز عقود قليلة من النظر والتأمل والإدراك ورهافة الحس والقبض على ما لا يرى واليقظة الدائمة حتى في النوم وبشكل مغاير.

بمعنى آخر... الشعراء الذين سيولدون بعد ألف عام من الآن سيفاجأون بالمتنبي وقد سبقهم الى قاعات الدرس والمسارح، وسيكون متأهبا كلما فتح أحدهم كتابا لتعلم الدرس الأول.


أول النص

يكبر مع النسمه صدى الرعشه

وتكبر وردتك...

أشتاق لو عينك روت قلبي

وسقتني شفتك...

أشتاق لو مره تعانق سكتي

فيها ملامح خطوتك...

الله على وردة ظماك

الله على وقت رماني

ثم رماك...

ج.الجمري

العدد 953 - الجمعة 15 أبريل 2005م الموافق 06 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً