العدد 958 - الأربعاء 20 أبريل 2005م الموافق 11 ربيع الاول 1426هـ

"ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله"

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

اليائس هو من يئس من رحمة الله، والبائس هو من ضاع وتاه في دنياه وأصبح كالأعمى "بالمعنى البدني" الذي يحاول قيادة من له عينان. الأسوأ هو عندما يحاول بعض اليائسين والبائسين استغلال بعض مواقع النفوذ التي استورثوها لأنفسهم منذ أيام قانون أمن الدولة، ويعتقدون أن بإمكانهم اللعب بالآخرين كما كانوا يلعبون ويمرحون ويتهمون ويشتمون، لعلهم يشبعون بعض أطماعهم. غير أن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله.

ذلك بعض ما جال في خاطري وأنا أقرأ بيانا أصدرته جهة عاشت على آلام الناس، واستفادت لنفسها على حساب غيرها، وكانت ومازالت لا تعرف إلا مهنة الشتم والاتهامات. اعتقدنا أن مشروع الإصلاح قد أصلح نفوس البعض، ولكن كل الآمال خابت ونحن نقرأ كل يوم تلفيقات، مرة ضد هذه الجهة ومرة ضد تلك.

إلا أن كل ذلك ليس غريبا سوى المرة الأخيرة، إذ قام هؤلاء بفتح بعض بيانات حقوق الإنسان، واستقوا منها بعض العبارات التي لم يؤمنوا بذرة واحدة منها في يوم من الأيام. فتذكرت مباشرة برزان التكريتي، الأخ غير الشقيق للرئيس العراقي المخلوع صدام حسين. كنت في التسعينات من القرن الماضي مع عدد من الناشطين نذهب إلى اجتماعات لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة في جنيف، وكان برزان يجلس في الاجتماع ومن ثم يبحث عمن يتحدث إليه ليقنعه بأن نظام أخيه صدام يحترم كل مواثيق حقوق الإنسان. وكان برزان ومن معه يقتبسون من مواثيق حقوق الإنسان جملا هنا وجملا هناك - تماما كما فعل البعض - ومن ثم يرمونها على من كان حظه نحسا ليقابل تلك الفئة في ذلك اليوم.

اعتقدت أن غياب برزان التكريتي سيمثل موعظة لغيره، ولكن المفاجأة أن غيابه خلف أكثر من برزان في كل مكان، وأصبحنا لا ندري أنضحك كما كنا نضحك على برزان، أم نبكي لحال من أصابهم اليأس بسبب أفعالهم؟

لا شك أن السباب إنما يعبر عن "إحباطات" افتجعت بها نفوس البعض، وهو أسلوب لإعلان الوجود. ففاقد الشيء لا يستطيع أن ينتج شيئا، والمملوء غيظا - بسبب انتهاجه نهجا معاكسا لما يسعى إليه أخيار البشر - لا يتمكن إلا على أسلوب يعكسه تماما؛ لأن "الإناء بالذي فيه ينضح".

في العادة أتجاهل أمثال هؤلاء، لأنني من الذين يعتقدون أن الحاقد والحاسد لا يسود، وأنني من المؤمنين أيضا بقول ابن المعتز:

اصبر على كيد الحسود، فإن صبرك قاتله

فالنار تأكل بعضها، إن لم تجد ما تأكله

غير أن الخشية من التجاهل هو أن يعتقد البعض أنه مازال يعيش في أجواء قانون أمن الدولة التي فسحت له أن يفعل ما كان يفعل، وأن الطريق مفتوحة أمامه للاستمرار فيما كان يفعل.

إن الأمور لا تسير كما يشاء البعض الذي يعجز عن المنافسة في الميدان، فيحاول أن يتخذ من بعض الأساليب وسيلة لعله يبلغ مناله، وقد يكون مكره ناجحا في السابق، وكيده ينفعه في حال انعدام القانون العادل. ولكن العدالة لها أنصارها، والحرية له دعاتها، والديمقراطية لها من ينشرها... وهناك الأدعياء الذين يتقلبون كتقلب الليل والنهار، فتراهم يتخبطون ويترنحون وكأنهم من دون هدى أو بصيرة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 958 - الأربعاء 20 أبريل 2005م الموافق 11 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً