العدد 967 - الجمعة 29 أبريل 2005م الموافق 20 ربيع الاول 1426هـ

ليس مجرد وصول أسرى... بل صورة أخرى للمقاومة

على لقاء مع رائحة الاراضي الفلسطينية المقدسة، اجتمع اهالي الاسرى وتنسموا هواء القدس العليل، وتنهدوا: ". .. وأخيرا وصلوا". كلمتان اختزلتا مشهد لقاء الأحبة بعد طول غياب، لقاء الأسرى الأردنيين السبعة المفرج عنهم من سجون الاحتلال الإسرائيلية بمن أضناهم البعد من أب، أو أم، أو أخ، أو أخت أو ابن كان صغيرا وقدر له أن يعيش بعيدا عن أبيه الذي قدر له أيضا ألا يروي ظمأه من "مضغة قلبه" طيلة سنوات السجن القاسية.

احتشد العشرات من أهالي الأسرى المفرج عنهم أمام جسر الملك حسين منذ ساعات الصباح الأولى رافعين العلم الأردني وصور الملك عبدالله الثاني في انتظار أبنائهم الذين وصلوا في حافلة أقلتهم الى داخل أراضي الاردن.

وكان اللقاء دراميا بعفوية، إذ بمجرد أن وطئت إقدامهم ارض الوطن حتى تدافعت الحشود تستقبلهم بالزغاريد الممزوجة بدموع الفرح، وأطفال تتنقل في أرجاء المكان حاملة علب الحلوى والبسمة مرسومة على شفاههم البريئة. هنا أم تحتضن ابنها الذي طال انتظاره وقالت: "شعوري لا يوصف اليوم".

سبعة أسرى من أصل تسعة كان يتوقع الإفراج عنهم، أفرجت عنهم قوات الاحتلال، هم: عبدالباسط دلالشة "32 عاما" كان يعمل سائق شاحنة لدى اعتقاله وحكم بثماني سنوات ولديه ولد وبنت؛ واحمد الدبعي "32" اعتقل العام 2002 بتهمة الشروع بعملية استشهادية؛ ووائل الأمير "42" المعتقل في سجن مجدو منذ العام 2002؛ ومحمود الأحمد "23" اعتقل وله من العمر 19 عاما بتهمة زرع عبوة ناسفة؛ ومحمد علا "43" حكم منذ 2001 ويعمل مقاول بناء، وله أربع بنات وولدان؛ ومهند حمدون الذي اعتقل بتهمة الشروع بزرع عبوة ناسفة؛ ورفاعي عنكوش.

شقيقة الأسير الـ "دلالشة" التي بدت متعبة من طول الانتظار قالت: "أشكر الله على نعمته اليوم"، وأضافت "على رغم أننا كنا على اتصال معه "شقيقها" فإن ذلك لم يغن عن لحظة اللقاء هذه التي لا توصف".

أما والد الأسير الدبعي فقال: "انتظرت هذه اللحظة أربع سنوات من عمري وأنا أعاني كمد القهر والبعد عن ابني الذي لم افرح به بعد"، مضيفا وقد ارتسمت على وجهه بسمة عابرة: "الآن سأزوجه".

مشاعر الفرح تلك لم تمنع الأهالي من التأكيد أن "ما نسب لأبنائهم من تهم اعتقلوا على إثرها وامضوا بسببها سنوات في السجون الإسرائيلية، محض افتراء وتجن".

وفي هذا الصدد قالت سماح رياض شقيقة الأسير محمد الأحمد إن "تهمته كانت زرع عبوة ناسفة وهذا غير صحيح، فهو طالب كان لايزال على مقاعد الدراسة".

وزارة الخارجية بذلت جهدا دبلوماسيا حثيثا للإفراج عن الأسرى تزامن مع إضراب نفذه بقية السجناء كنوع آخر للمقاومة السياسية المشروعة.

وفي هذا السياق قال شقيق الأسير محمد علان إن "الوزارة كانت تتابع أوضاع السجناء"، موضحا أن "شعوره اليوم لا يوصف وهو في غاية السعادة".

الأسرى الذين بدا عليهم الإعياء، كانوا كمن "تنفس الصعداء"، فمعظمهم أمضى في السجن بضع سنين، عانوا خلالها شتى صنوف التعذيب، لكنهم كانوا متأكدين أن "الرعاية الملكية ستطالهم وتنتشلهم من هذا الجحيم".

وائل الأمير - الناطق باسم الأسرى - قال: "أوضاعنا كانت سيئة جدا وخصوصا من ناحية الصحة والتغذية"، مبينا أن "آمالنا كانت معقودة على الجهود الملكية التي أسفرت عن وجودنا اليوم بين أهلينا". وأضاف: "كنا على علم بما كان يتم على صعيد قضيتنا من خلال الاتصالات والرسائل مع حكومتنا".

بدوره كشف الأسير "دلالشة" عن حجم المعاناة التي فاقم منها الإضراب، وقال "تعرضنا للتعذيب عندما كنا مضربين، إذ منعنا من تناول السوائل التي كنا في أمس الحاجة إليها أكثر من غيرنا من المعتقلين".

ونفى الأسرى ما نسبته قوات الاحتلال إليهم من تهم، وقال دبعي: "زعموا أني كنت انوي القيام بعملية استشهادية، هذا غير صحيح جملة وتفصيلا".

وعلى صعيد بقية الأسرى الذين مازالوا قابعين في السجون الإسرائيلية، قال الأمير: "نحمل رسالة الى جلالة الملك نتمنى فيها استمرار الجهود للإفراج عن بقية إخوتنا"، مؤكدا أن "فرحتنا اليوم غير مكتملة لوجود إخوة لنا مازالوا في سجون الاحتلال". وفي هذا الصدد وجه الأسرى نداء الى منظمات حقوق الإنسان يطالبونها "العمل على اطلاق سراح الأسرى".

ويقبع في سجون الاحتلال عدد من الأسرى الأردنيين من بينهم اثنان كان يفترض أن يفرج عنهما هما بلال عبدالقادر حمادة وأسامة احمد ابوحمدة. وكان الاسبوع الأخير شهد وصول هؤلاء الأردنيين السبعة المفرج عنهم من "إسرائيل" عبر جسر الملك حسين. واستقبلهم ذووهم رافعين صور الملك عبدالله الثاني والأعلام الأردنية، وهم يرددون الأهازيج والزغاريد الممزوجة بدموع الفرح التي طال انتظارها، فيما بدت تعابير البهجة أكثر وضوحا على وجوه الأسرى العائدين إلى وطنهم. وكان للأطفال نصيب من ذلك فساروا حاملين "علب الحلوى" يوزعون ما فيها على الحاضرين

العدد 967 - الجمعة 29 أبريل 2005م الموافق 20 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً