العدد 977 - الإثنين 09 مايو 2005م الموافق 30 ربيع الاول 1426هـ

أهالي المعامير يتمسكون بحل مشكلة التلوث

ندوة "أين الحقيقة في غاز المعامير؟" تناولت تمييع القضية

ذكر رئيس صندوق المعامير الخيري علي عبدالحسن أن مشكلة التلوث تصدرت قائمة المطالب المرفوعة إلى عاهل البلاد لحلها بهدف حماية أرواح المواطنين والحفاظ على صحتهم من تأثيراتها المباشرة.

واعتبر عبدالحسن المطالب الأخرى كإنشاء مدرستين وحديقة أمورا ثانوية يمكن تحقيقها بعد حل مشكلة التلوث التي يعاني منها الأهالي قائلا ان العشرات دفعوا أرواحهم ثمنا لإنشاء منطقة صناعية منذ 30 عاما لا تبعد عن القرية سوى أمتار ما تسبب في انتشار أمراض السرطانات وأمراض أخرى.

وأضاف عبدالحسن ردا على انتقادات وجهها أهالي المعامير أمس للصندوق الخيري خلال ندوة "أين الحقيقة في غاز المعامير" والتي أقيمت بالتعاون مع جمعية "الوفاق" أن حماية أرواح الناس من أخطار ملوثات المصانع المسببة للأمراض والوفاة كانت محور المطالب المرفوعة إلى العاهل.

وكان أهالي المعامير علقوا أمس أن الصندوق توجه إلى مطالب بعيدة عن حل مشكلة التلوث بقولهم ان إنشاء المدارس والمرافق الأخرى التي تحتاج إليها القرية لا تساوي أرواح من ماتوا بسبب التلوث والآخرين الذين لايزالون يعانون أمراض التلوث. ودعوا الوزارات الحكومية إلى إظهار الحقائق للناس.

وبدأت الندوة أمس بحديث إلى نائب رئيس جمعية الأطباء البحرينية عبد الخالق العريبي استبعد فيه التوصل إلى حقيقة مصدر الغاز في ظل إخفاء الحقائق وعدم شروع الجهات الحكومية بالتحقيق في الحادث وقال ان الحقائق ستبقى مجهولة ما لم تتوافر دراسة تبحث في الحادث.

وانتقد العريبي موقف وزارة الصحة وتقليلها من حادث انتشار الغاز وما أحدثه من إصابات بين الأهالي ودعا الوزارة إلى التزام الواقعية في استبعاد أن الاصابات ليست لها علاقة بالتلوث، قائلا ان تصريحاتها لا تستند إلى دراسة تؤيد ذلك.

وأضاف "رئيس قسم الطوارئ نبيل الأنصاري نفى وجود إصابات في حين كان يجب عليه التأني قبل إطلاق هذه التصريحات".

كما انتقد قول وزيرة الصحة ندى حفاظ ان المعامير ليست المنطقة الأولى في نسبة الإصابة بمرض السرطان بل المنامة وتأتي المعامير في المنطقة الثامنة، وقال ان حفاظ أخطأت في تصنيفها وخصوصا أن القياس يجب أن يكون بمعايير دولية وأن يؤخذ في الاعتبار عدد السكان في المنامة والمعامير، واستنتاج النسبة لكل 1000 شخص من .100

وكشف أنه أجرى شخصيا دراسة منذ العام 1999 حتى العام 2001 لمعرفة أكثر المناطق التي ترتفع فيها أمراض السرطان في سترة واتضح أن قرية المعامير تركزت فيها 50 إصابة بالمرض و51 في قرية النويدرات القريبة من المعامير بينما كانت الاصابات قليلة في القرى البعيدة عن المنطقة الصناعية.

وتطرق العريبي خلال الندوة إلى الكتاب الذي اصدره مدير الهيئة العامة للبيئة إسماعيل المدني في العام 1995 يحذر فيه من خطورة التلوث في المعامير إذ كان ينتقد المصانع أنها لا تحاول حل مشكلة التلوث. وقال ان المدني كان يلم منذ سنين بخطورة المشكلة لكن أحدا لم يسع إلى تغيير الوضع لحماية الأهالي.

كما أشار إلى أن دراسات عالمية تؤكد أن من يعملون في مصانع تكرير النفط ومن يعيشون بالقرب منها هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض السرطانات بمعدل ثلاث مرات خلافا لمن يبعدون عن هذه المصانع.

وسرد العريبي معلومات ذات علاقة بموضوع المعامير بقوله ان منظمة الصحة العالمية أكدت في تقرير لها أن الاتحاد الأوروبي بإمكانه توفير 161 مليار يورو سنويا بتقليص عدد حالات الوفاة الناتجة عن التلوث الهوائي. وخصوصا أن التلوث يتسبب في خفض عمر المواطن الأوروبي بنحو 8 شهور وأن الجزئيات السامة تؤدي إلى ارتفاع حالات الوفاة بالأمراض، ونفقات علاج الأمراض مكلفة كثيرا.

وأردف أن منظمة الصحة العالمية تتوقع أن خطط الاتحاد الأوروبي لخفض معدلات التلوث بحلول 2010 قد تنقذ نحو شهرين من حياة الفرد في أوروبا ما يعني أن ذلك يمنع حدوث 80 ألف حالة وفاة مبكرة وإنقاذ أكثر من مليون حياة سنويا في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.

وفي سياق متصل قال ان دراسة عالمية كشفت عن وجود علاقة بين ارتفاع معدلات التلوث وارتفاع نسبة الإصابة بالجلطة الدماغية إذ لاحظ علماء في كلية طب كاوشيونغ في تايوان تزايد عدد الأشخاص الذين يدخلون مستشفيات المدينة للعلاج عندما تكون نسبة تلوث الهواء مرتفعة.

وأضاف أن المصانع التي تعد الأكثر تلويثا للبيئة في المعامير لم تقم منذ 70 عاما وهي الفترة التي مضت على إنشائها بإجراء دراسة بشأن صحة عمالها وموظفيها وما أصابهم من أمراض بسبب التلوث، وتناول أن عيادة أحد المصانع حولت في العام 1998 عددا من عمالها المصابين بالسرطان إلى مجمع السلمانية الطبي ولاحظ الاستشاري تشابه الحالات وربط بينها وبين المصنع الذي يعملون فيه.

من جانبه قال عضو مجلس بلدي المحافظة الوسطى عباس محفوظ ان المنطقة الوسطى هي أكثر مناطق البحرين تلوثا بسبب تمركز المصانع فيها وكشف محفوظ عن وجود تقارير لدى المجلس البلدي تبين وجود تجاوزات في معدلات التلوث من قبل المصانع إذ تم تحديد مصدرها و نوعيتها.

وذكر ان المعامير تعاني من تلوث بيئي خطير إذ تحيط بها ملوثات المصانع وتنتشر فيها الأمراض لكن وزارة الصحة لم تقم حتى الآن بتقديم ما يدعم إدعاءها من دراسات تثبت أن التلوث ليس له علاقة بمرض الناس.

وقال ان المجلس البلدي سيجري دراسة علمية عن تلوث المعامير وأمراض السرطان والأمراض الأخرى الموجودة فيها ومقارنتها بمناطق المملكة وذلك بالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة.

وفيما أبدى محفوظ استغرابه من قول وهيب الناصر ان الإصابات التي لحقت بأهالي المعامير كانت بسبب انقلاب حراري في الجو، تساءل عن سبب حدوث ذلك في المعامير من دون كل الكرة الأرضية، وقال ان أحد اساتذة الكيمياء في جامعة البحرين أكد في لقاء إذاعي السبت الماضي ما ذكره مسبقا مدير الهيئة العامة للبيئة إسماعيل المدني من أن تلوث المعامير هو قنبلة كيماوية موقوته، ونقل محفوظ أن المتحدث أشار إلى وجود تجاوزات كبيرة في الأوزون وفي المواد الكبريتية وان نسبة التلوث تفوق النسبة المسموح بها بعشرات المرات وأكد أن بعض هذه الملوثات هي مواد مسرطنة وبعضها تسبب الإصابات ذاتها التي شكى منها أهالي المعامير.

وأضاف محفوظ أن الخبير الكيماوي كان اشفق على حال أهالي المعامير حينما طلب منه التعليق على الوضع إذ قال: "نعم منطقة المعامير ملوثة ومنكوبة وكان الله في عون أهلها وأهل جو وعسكر".

من جانبه دعا نائب رئيس جمعية الوفاق حسن مشيمع الذي شارك في الندوة الحكومة إلى عدم محاولة التستر على القضية محملا إياها مسئولية ما تعانيه المعامير من كارثة بيئية وما نتج عن إنشاء المصانع بالقرب من القرية من مآسي إنسانية أفقدت العشرات أرواحهم وأرجع مشيمع ما يحدث إلى فساد قال انه مستشر ماليا وإداريا.

كما حمل مشيمع الحكومة المسئولية القانونية والسياسية و المالية والاقتصادية تجاه القضية، داعيا الأهالي في الوقت ذاته إلى تشكيل لجنة أهلية لدفع المشكلة البيئية نحو الحل وإيصالها إلى المنظمات العالمية للبيئة وحقوق الإنسان ومواجهة من يحاول تمييع القضية والتهوين من شأنها.

في غضون ذلك أوضح رئيس صندوق المعامير الخيري علي عبدالحسين أن المطالب التي رفعت إلى عاهل البلاد تتلخص في تكليف خبراء بيئيين لمعالجة مشكلة التلوث، ونقل حظائر المواشي التابعة إلى وزارة التجارة والصناعة إلى مناطق أخرى، تركيب أجهزة لقياس التلوث ومراقبتها باستمرار. تركيب أجهزة إنذار لتحذير الأهالي عند ارتفاع نسبة التلوث عن النسبة المسموح بها. وإلزام الشركات والمصانع بضرورة المحافظة على البيئة وعمل صيانة دورية لاجهزتها ومعداتها، بالإضافة إلى تعديل وضع المنطقة الصناعية بتفكيك المصانع التي تتعامل في النفايات والمواد الخطرة المحاذية للقرية وجعل موقعها خطا أحمر لا يمكن تجاوزه. وتعديل وضعية المصانع والورش الأخرى بحيث تعمل وفقا لتصاريح الأنشطة الممنوحة لها. والتنظيف المستمر للمنطقة الصناعية، عدم السماح للمصانع والورش في العمل ليلا، عدم إعطاء تصاريح جديدة لاقامة مشروعات صناعية في المنطقة وعدم تجديد عقود المصانع المنتهية عقودها مع وزارة الصناعة. والاستفسار عن نوع النشاط الذي سينفذ على قطعة الأرض الواقعة جنوب القرية وإقامة حزام أخضر للحد من آثار التلوث.

إلى ذلك وجهت اللجنة الأهلية لمكافحة التلوث في المعامير أمس الدعوة إلى المتخصصين والمهتمين بمجالات التلوث البيئي للانضمام إلى اللجنة بهدف تحريك ملف التلوث البيئي في القرية ومحيطها لدى المؤسسات الرسمية والجمعيات البيئية في المملكة والبحث عن حلول واقعية لمشكلة التلوث التي تعاني منها المعامير والقرى المجاورة لها وتنسيق فعاليات مكافحة التلوث مع مؤسسات القرية والتشاور مع الأهالي فيما يتعلق ببرامج مكافحة التلوث.

وذكرت اللجنة أن من مهماتها تشجيع الأفراد على المساهمة في الحفاظ على البيئة ودعم المؤسسات الفاعلة في هذا المجال فضلا عن صوغ برامج بيئية تستهدف مكافحة التلوث بالإضافة إلى ممارسة الأنشطة السلمية التي تسهم في دعم قضية التلوث في القرية بما لا يتعارض مع القوانين المعمول بها في المملكة. والقيام بالبرامج الإعلامية المناهضة للتلوث وخلق روح التفاعل الشعبي مع القضايا البيئية مع الاستعانة بذوي الاختصاصات لإجراء الدراسات الميدانية والعلمية عن بيئة المعامير والملوثات التي تعاني منها

العدد 977 - الإثنين 09 مايو 2005م الموافق 30 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً