العدد 978 - الثلثاء 10 مايو 2005م الموافق 01 ربيع الثاني 1426هـ

الخصخصة بين مشكلة البطالة وتدني الأجور

عباس هاشم Abbas.Hashim [at] alwasatnews.com

قبل أكثر من عقد من الزمن، صرح أحد المسئولين في وزارة الكهرباء، بأن الحكومة تدفع 70 في المئة من القيمة الحقيقية لفاتورة الكهرباء، بينما يدفع المواطن الـ 30 في المئة المتبقية. لا أدري كم وصلت نسبة ما تدفعه الوزارة الآن، فربما فاقت الـ 90 في المئة وذلك بسبب أن رواتب الموظفين في وزارة الكهرباء ازدادت منذ تلك السنة إضافة لكلف الصيانة، و... فوق كل ذلك، لم ترفع الرسوم على وحدات الكهرباء على المستهلكين، بل تم خفضها في وقت سابق كما هو معروف.

الآن، تتحرك الحكومة لخصخصة قسم الإنتاج في وزارة الكهرباء، وهذا يقود لأحد أمرين لا ثالث لهما، وسبب هذين الأمرين يعود لمسألة الربح التي تقرر موقف الشركة التي سيقع عليها الاختيار لتحمل هذه المسئولية. فلكي تحافظ هذه الشركة على ربحية عملها هذا، ستقوم إما بخفض الأجور بنسبة كبيرة جدا، حتى تخرج من حال الخسارة المستمرة حاليا، وهذا يقود لخيار استجلاب عمال أجانب، وعدم توظيف مواطنين بالرواتب الموجودة حاليا، والخيار الثاني، رفع رسوم الوحدات الكهربائية بنسبة خيالية تصل إلى أكثر من 100 في المئة للدخول في نطاق الربحية.

طبعا، كلا الخيارين يدللان على تعثر خطط وسياسة الحكومة في هذا المجال، فعلى صعيد خفض الأجور، وهو الخيار الأنسب، فإن هذا يعني عددا من السلبيات، أولها أن الحكومة ستدفع مبالغ طائلة لصندوق التقاعد لتسريح ما يقارب ألف موظف في قطاع الإنتاج في الكهرباء، حتى ترفع من رواتبهم التقاعدية لتقارب الراتب الحالي، فضلا عما ستدفعه لهؤلاء المتقاعدين من مبالغ أخرى. الأمر الآخر، وفي ظل قوانين تتسم بالليونة حيال استجلاب أيدي عاملة من الخارج، فإن هذا القطاع سيصبح خاليا من الموظفين البحرينيين مستقبلا، بمعنى أن الموظفين الحاليين لن يخلفهم أبناؤهم "بمعنى الجيل القادم" في المهنة نفسها، إلا من يقبل أن يعمل براتب متدن لا يكاد يسد رمقه.

من جهة ثانية، فإن الكثير من هؤلاء الذين سيتم إحالتهم على التقاعد سيحصلون على رواتب تقاعدية تصل إلى 60 أو 70 في المئة من رواتبهم الأصلية بسبب شراء - ربما - 10 سنوات عمل لهم من قبل الحكومة من صندوق التقاعد، وطبيعيا سيقبلون بالعمل في الوظيفة نفسها براتب منخفض، ولكن السؤال المهم: ماذا عن الجيل المقبل الذي لن ينال هذه الـ 70 في المئة؟

إن سياسة الخصخصة هذه ستجعل الكثير من مؤسسات الدولة خالية من الجيل القادم من المواطنين، وما تقوم به الشركات الجديدة التي تتسلم إدارة وتشغيل مؤسسات الدولة المعروضة للخصخصة في بداية أمرها من توظيف المواطنين، لا يعدو كونه مهدئا للألم "بنادول" ما أن يزول تأثيره حتى يجد المريض نفسه يكابد آلاما ربما فاقت سابقاتها.

ودليل ذلك، نظرة سريعة على عمال شركة التنظيفات الآن والتي تم استبدال خدمة البلدية بها، من هم؟ هل تجدون بحرينيا من بينهم؟ ولا ندري ماذا سيحدث في شركة كارس مع تواتر أخبار لا تريح، فهل سيحل سواق أجانب بعد مدة من الزمن محل المواطنين في هذه الشركة "النقل العام سابقا"؟ هذا مع أن هذه الشركة لابد أنها تجني أرباحا ممتازة بفعل الإعلانات التي تضعها على باصاتها.

وفي هذا السياق نتساءل ولا نعلم إن كان وضع إعلانات تجارية في حسبان من حاولوا أن تقع عليهم إدارة هذه المواصلات، هذا في الوقت الذي يمنع المواطنون من إيقاف سياراتهم، في الأماكن الخالية في حال وضع إعلان على سياراتهم من أجل بيعها، وتقوم البلدية بوضع مخالفة على سياراتهم. كذلك نسأل: هل سيتم تكريس نفوذ شركة وحيدة من خلال منع المواطنين من سواق سيارات النقل المشترك من التوقف في محطات النقل العام - سابقا - والتي تستخدمها شركة كارس حاليا؟

وأخيرا: هل المستقبل في ظل سياسة الخصخصة هذه والتي تسرع بتنفيذها الحكومة، ستساهم في حل مشكلة البطالة وضعف الرواتب أم ستفاقمها؟

إقرأ أيضا لـ "عباس هاشم"

العدد 978 - الثلثاء 10 مايو 2005م الموافق 01 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً