العدد 983 - الأحد 15 مايو 2005م الموافق 06 ربيع الثاني 1426هـ

قرار المحكمة الأوروبية يمهد لمحاكمة جديدة لأوجلان!

فاروق حجي مصطفى comments [at] alwasatnews.com

كاتب سوري

قرار محكمة حقوق الانسان الاوروبية بخصوص زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله اوجلان الذي طلب من تركيا إعادة محاكمة اوجلان، أثلج صدور مناصريه ومؤيديه، بل صدور غالبية الشعب الكردي، لأن القرار صائب وإحقاق للحق الذي طالما نادى به الشعب الكردي وزعيمه أوجلان، ووضع تركيا في خانة الضيق بحيث لم يعد من مصلحتها ابداء اعتراض واضح على القرار.

هذا القرار الذي وصف محاكمة تركيا قبل أكثر من 6 سنوات بأنه غير عادل، سيكون له انعاكاسات وتفاعلات على الساحة السياسية والامنية التركية، وسيضع تركيا أمام مرحلة جديدة، وأمام تحديات جديدة، وخصوصا ان قوات الأمن التركية لم تقف منذ فترة عن قتالها، والبحث عن عناصر حزب العمال الكردستاني في جبال كردستان تركيا. ولو قلنا ان عدد القتلى يوميا يزيد على عشرة، في الوقت الذي يتجنب فيه أنصار اوجلان المصادمات مع قوات الأمن التركية، وذلك لسبب افساح المجال أمام سياسات الحزب الجديدة، بما تسمى بالكونفيدرالية الديمقراطية لتتبلور بشكل جيد.

اوجلان نفسه من سجنه في ايمرالي وصف القرار بأنه بمثابة فرصة تاريخية امام تركيا لتقوم بمراجعة ذاتها وسياستها الداخلية، وفي تعاطيها مع ملف حقوق الانسان. واضاف: "مطلوب من تركيا الاستفادة من هذا القرار لتصنع منه السلام ويكون مدخلا لحل القضية الكردية".

وانتقد اوجلان المواقف التي تصدر من هنا وهناك بشأن رفض تركيا لمثل هذا الطلب الاوروبي، الذي اتهمت اوروبا بأنها محاولة لتمزيق الاراضي التركية ووصفها بأنها "فارغة وتحمل شيئا من الشوفينية المقيتة... وأن على تركيا ألا تقيس الامور هكذا، بل عليها ان تتفاعل مع السياسة الاوروبية التركية لأنها تشكل الارضية لخلق السلام الحقيقي بين الشعوب التركية".

هذه السياسة الاوروبية الاستراتيجية "بحسب ما وصفها اوجلان" ربما الوحيدة القادرة على خلق مناخ جديد بين الاوساط المختلفة في تركيا، ولهذا السبب نستطيع القول إن القرار الذي أصدرته محكمة حقوق الانسان الاوروبية، والذي يريد من تركيا ان تعيد محاكمة اوجلان، هو من دون شك بمثابة ادانة لمجمل القرارات التركية بخصوص ملف حقوق الانسان ولسياستها الداخلية والخارجية.

من الناحية الداخلية فإن تركيا أصبحت منذ اكثر من 7 أعوام، لم تلق اهتماما لصيحات مؤسسات المجتمع المدني والحقوقي لمراجعة معاملتها مع ملف اوجلان، وخصوصا فيما يتعلق بالوضع الصحي لأوجلان، وأن البيئة التي يعيش فيها اوجلان لا تساعده على الاستمرار في الحياة.

اما من الناحية الخارجية، فهذا القرار برهان على ان السياسة الخارجية مهما تكن ذكية ونشطة فانها لا تستطيع التكتم على مجمل الاجحافات بحق الانسانية، ولا تستطيع الاستمرار في إنكار حقوق الشعوب، ومن بينها حقوق الشعب الكردي الذي يفوق تعداده 22 مليون نسمة. الأمر الذي يوحي بان هذه السياسة باتت على وشك الفشل. من هنا فان السؤال الذي يفرض نفسه بقوة: من الذي يتحمل مسئولية عذابات اوجلان لمدة 7 سنوات؟ وإذا كان الاتراك يصفونه بانه إرهابي، إلا ان مسئولية الحرب يتحملها الطرفان الطرف التركي والطرف الكردي أيضا، ثم ان اوجلان لم يكن هو الذي فتح باب الثورات، إذ هناك عشرات الثورات والانتفاضات الكردية التي قامت وكانت مصيرها الفشل، وذلك بحكم عنجهية وقدرة السلاح التركي الذي لا يرحم ولا يميز بين الطفل والمرأة والمقاتل.

بعد سبع سنوات، وتحديدا في 29 يونيو/ حزيران، أصبحت تركيا أمام الخيار الصعب، فلا يوجد اي مهرب من مراجعة القرارات التي اتخذت بحكم اوجلان والشعب الكردي ايضا.

الآن الكرة أصبحت في الملعب التركي، فهل ستنفذ قرار المحكمة الاوروبية وتبدي حرصها على العلاقة مع اوروبا وتعيد محاكمة اوجلان، لكن في هذه المرة ليست تحت تأثير السياسة بل تحت مسئولية قضائية وحقوقية تنسجم مع حقوق الانسان ومع التطلعات التركية في الاتحاد الاوروبي

إقرأ أيضا لـ "فاروق حجي مصطفى "

العدد 983 - الأحد 15 مايو 2005م الموافق 06 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً