العدد 996 - السبت 28 مايو 2005م الموافق 19 ربيع الثاني 1426هـ

المذاهب الخمسة فتنة وانفلات!

عقيل ميرزا aqeel.mirza [at] alwasatnews.com

مدير التحرير

رفضت لجنة الخدمات في مجلس النواب اقتراحا بتدريس التربية الدينية في المدارس وفق المذاهب الخمسة "الحنفي، المالكي، الشافعي، الحنبلي، والجعفري"، وكانت مبررات الرفض "تحصين المتعلمين من التعصب والانفلات والفرقة وإثارة الفتن والخلافات مع ضرورة تعزيز الانفتاح والحوار وآداب احترام الرأي والرأي الآخر" كما جاء في تقرير اللجنة.

هكذا جاءت مبررات النواب! ولست أدري من أين أبدأ في الانقضاض على هذه المبررات الهشة الواهية الواهنة، والطامة الكبرى إذا ما وافق مجلس النواب على تقرير اللجنة ورفضوا الاقتراح للأسباب ذاتها وللمبررات نفسها.

إذا بدأنا من الناحية الشرعية فهل تدريس الفقه وفق عدة مذاهب يعني التعصب والانفلات والفرقة وإثارة الفتن كما عبر تقرير السادة النواب في لجنة الخدمات والذين غالبيتهم من علماء الدين؟ أليس الفقه اجتهاد، والاجتهاد يعني ضرورة الاختلاف، وضرورة التعدد؟ ثم أنه متى أصبحت المذهبية في فهم النص واستنباط الحكم الشرعي من مصادره الشرعية فرقة وانفلاتا وفتنة يجب تحصين المتعلمين منها؟ أليست أئمة المذاهب الخمسة بلا استثناء متفقين في الأصول التي يكتمل الدين بها، ومختلفين في الفروع التي هي خاضعة لفهم النص الذي هو متاح لكل المذاهب للاستفادة منه بعد غربلته وتشريحه؟

التعصب الذي تتحدث عنه اللجنة هو تدريس الطلبة بمختلف مذاهبهم الخمسة وفق مذهب واحد، والانفلات الذي تتذرع به اللجنة هو العقدة الطائفية التي بنت عليها رأيها العليل المريض الذي لا يصمد أمام برهة من النقاش الموضوعي، ثم أين كان الخوف من الانفلات والفرقة وإثارة الفتن عندما كان الطالب في المدرسة يدرس فقه المذهب الآخر الذي لا ينتمي إليه، وأنا أحد الذين درس مادة التربية الدينية وامتحن فيها طوال أيام الدراسة وفق مذهب لا أنتمي إليه.

أعتقد أن وجود المذهب الجعفري بين المذاهب الخمسة هو الذي صور تدريس التربية الدينية وفق فقه تلك المذاهب تعصبا وانفلاتا وفتنة، ومن وضعوا تلك المبررات يعلمون مدى تجاهل مناهج التربية الدينية للمذهب الجعفري طوال تلك العقود، على رغم أن هذا المذهب ليس نكرة في البحرين ولا أحتاج إلى رقم للإفصاح عن المنتمين إليه، ولا أحب أن أتحدث بلغة الأرقام وخصوصا في موضوع كهذا.

ثم أنني لم أفهم ما يقصد نوابنا العلماء الأفاضل في لجنة الخدمات من أن تدريس المذاهب الخمسة يقف في وجه الانفتاح والحوار وآداب احترام الرأي والرأي الآخر! وهل احترام الرأي الآخر يعني تدريس آلاف الطلبة على مدى أكثر من نصف قرن وفق مذهب لا ينتمون إليه؟ وهل الحوار والانفتاح هو اعتبار تدريس المذاهب الخمسة ضربا من التعصب والانفلات والفتنة؟

أعتقد أن لجنة الخدمات ضلت الطريق بتقريرها الهزيل هذا، وكان حري بها بدلا من أن تتخوف من تدريس المذاهب الخمسة أن تصر على عكس ذلك ليعرف الحنفي منذ نعومة أظفاره أنه أخ للشافعي، وليعرف المالكي أنه أخ للجعفري، حتى يفهم أبناؤنا أن المذهبية الفقهية ضرورة فرضها تعدد فهم النصوص، وهي ليست عيبا أو انفلاتا أو تعصبا، حتى يترعرع أبناؤنا في جو يحترم فيه أبناء المذاهب الخمسة بعضهم بعضا، ويتفهم فيه أبناء المذاهب الخمسة هذا التعدد، يجب أن يتفهموا ذلك من خلال المناهج الدراسية وبالطرق التربوية السليمة، وإلا فإنهم سيعلمون عن هذا الاختلاف في أجواء ملوثة بالطائفية والمذهبية البغيضتين

إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"

العدد 996 - السبت 28 مايو 2005م الموافق 19 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً