العدد 996 - السبت 28 مايو 2005م الموافق 19 ربيع الثاني 1426هـ

حول القاعدة العسكرية في الجفير

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

أثارت الضجة التي أحدثها مجلس النواب بشأن طبيعة إيجار القاعدة العسكرية الأميركية في الجفير اهتماما لافتا في المجتمع، وقد يعود ذلك إلى أن ملف القاعدة مازال من الملفات الحساسة التي يصعب إثارتها في البلاد على رغم تغير الأوضاع والزيادة المفترضة والمتوقعة لدرجة الشفافية وحرية التعبير في البلاد، الأمر الذي يؤكد الحاجة لسن تشريع وطني يضمن حرية الاطلاع والمعرفة كما هو الحال بالنسبة لستين دولة في العالم لديها مثل هذا التشريع، ومثل أربعين بلدا آخر يسعى حاليا لسن قانون حرية الاطلاع.

وتزامنت حادثة مجلس النواب مع قيام الجمعية البحرينية للشفافية بعقد ورشة مهمة للغاية تناولت موضوع قانون حرية الاطلاع، وعلى رغم الحوارات الجادة التي شهدتها الورشة، فإن الخلاصة كانت في ضرورة الإسراع بسن هذا التشريع المهم الذي سيسهم في زيادة درجة الشفافية في النظام السياسي البحريني بعد أن تراجعت خلال العام الماضي مقارنة بسابقتها طبقا لتقرير منظمة الشفافية الدولية.

وفي ضوء ذلك، فإن موضوع القاعدة الأميركية في الجفير أصبح يشكل علامات استفهام واسعة لدى قطاعات عريضة من المواطنين، وخصوصا عندما يرون منشآت شاهقة تبنى حاليا داخل هذه القاعدة وذلك أثناء مرورهم على جسر الشيخ خليفة. كذلك فإن هذا الموضوع أيضا - لارتباطه بالسرية وهي سمة العمل العسكري - مازال الغموض يلف الكثير من تفاصيله.

ولكن من المعلوم، وطبقا للأدبيات المتاحة، أن القاعدة الأميركية في الجفير تأسست في العام ،1947 وجاءت لاحقا كبديل للوجود العسكري البريطاني الذي قرر الانسحاب من منطقة شرق السويس خلال العام ،1968 إذ شكل الفراغ الأمني الناجم عن الانسحاب البريطاني فرصة كبيرة للولايات المتحدة لتسلم مجموعة من القواعد العسكرية في منطقة الخليج، وكان من بينها تعزيز وجودها العسكري في البحرين. وبعد استقلال البلاد العام 1971 تم توقيع اتفاق جديد لإقامة علاقة دبلوماسية بين البلدين وتنظيم إيجار القاعدة الأميركية في الجفير، إلا أن حرب 1973 خلقت ضغوطا محلية وإقليمية على الحكومة البحرينية لتقوم في 20 أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه بالإعلان عن انتهاء الاتفاق المبرم مع الولايات المتحدة لتأجير القاعدة.

وسرعان ما تراجعت هذه الضغوط بسبب المخاوف البحرينية من النفوذ الإيراني المتنامي آنذاك ليستمر الوجود العسكري الأميركي في البلاد إلى يوليو/ تموز 1975 عندما وافقت الإدارة الأميركية على تعديل بعض مواد اتفاق العام .1971 وفي 12 أغسطس/ آب 1975 مدت حكومة البحرين أجل الاتفاق المؤقت إلى 30 يونيو/ حزيران .1977 وانتهت المفاوضات إلى تبادل مذكرات في 28 يونيو 1977 تضمنت التأكيد على التزام البلدين بالبنود المعدلة لاتفاق .1971 وطبقا لهذه التعديلات التي أجريت على الاتفاقية أصبحت الولايات المتحدة لا تملك الحق في إبقاء القوات الأميركية في قاعدة الجفير، مع احتفاظها بحق إلحاق الأفراد المدنيين والعسكريين الأميركيين بوحدة الإسناد الإدارية لدعم الوجود العسكري البحري الأميركي في الخليج. وقد أدى ذلك لاحقا إلى عدم وجود السفن الحربية الأميركية بشكل دائم في القاعدة، ليعتبر وجودها بين الحين والآخر مجرد مهمات مؤقتة.

وأخيرا، فعلى رغم انتهاء اتفاق إيجار القاعدة الأميركية منذ يونيو من العام ،1977 فإنه من غير المعلوم ما إذا تم تجديدها لاحقا؟ أو تضمنت اتفاق التعاون الدفاعي البحرينية الأميركية الموقعة في أكتوبر 1991 بنودا جديدة بشأن قاعدة الجفير؟ كل هذه التساؤلات تزيد من غموض ملف القاعدة الأميركية في البحرين، وتدعو إلى المزيد من الشفافية

العدد 996 - السبت 28 مايو 2005م الموافق 19 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً