العدد 2904 - الأربعاء 18 أغسطس 2010م الموافق 08 رمضان 1431هـ

الدمام تستدرج «بيانات خورشيد» «وأوتار دهنيم»

الشعر مسافة بين المرئي والغائب عن الحواس... تُقطع المسافات لنثر نفح من الأمكنة والناس والصور وحتى العصي على الذاكرة. نثر ما يحيل حيوات إلى إعادة نظر في ما أنجز وتحقق وتمثل ورسخ وتأبد.

الدمام كانت على موعد مع ترسيخ قيمة المسافات والمرئي والغائب مع ترسيخ قيمة التفاصيل لا من حيث هي أمكنة وناس وصور وما استعصى على التذكر. كانت على موعد مع عفوية وعمق كل ذلك. عفويته من حيث عدم تكلفه، وعمقه من حيث قيمته المدهشة.

شاعران ارتابا بداية الأمر، ولكنهما مع حضور نوعي استطاعا ألا يتماديا في وثوقهما، ربما أمعنا في الارتياب وذلك ما دفعهما إلى تقديم نصوص لا تنحاز إلى اليقين ولا تتبرأ من الشك. نصوص تضعنا أمام المساءلة. مساءلة رؤيتنا إلى العالم.

مساء الدمام كان على موعد للتوقف عند صوتين شعريين محملين بالكثير من الدهشة والفتنة لتتقاطع أنفاسهما مع أنفاس الحضور في محاولة للقبض على كائن متفلت ومتمرد ومتلبس بجماله.


مروان خورشيد

قال عنه هايل محمد الطالب ذات قراءة لمنجزه الشعري: «إنه شاعر مسـكون بالحب والأنوثة، مؤمن بهذا الخلاص، لذلك نراه يخلص لنمطه الكتابي الذي يجسد ذلك مؤرقا نفسه في البحث عن وسـائله التعبيرية، التي تبعد قصائده عن أصوات كثيرة يحبها وتقيم في داخله، يحاول أن يحاكي دواخلنا بصوته، لأننا نقرأه ونشعر أننا نقرأ ذواتنا، تجربة الشاعر مروان خورشيد تستحق أن نتورط بفعل القراءة من أجلها، لأنها تجربة تخاطب العالم بمكاشفة، وجرأة، ودون أقنعة زائفة».

مع شاعر قادم من عفرين ومن أغصانها الخضراء قريته جويق احدى قرى حلب التي تشبه امرأة لا تميل على خصرها لتعبئ جرار الحزن مــن واديها و تصعد التلال كلّ مـساء لتنادي على زيتون لم يعد يغري الباقيـن من قاتليها كما يصفها وهو المولود فيها في العام 1971 وينمو تحت سمائها إلى أن ينال شهادته الجامعية في الكيمياء التطبيقية بالاضافة الى دبلوم دراسات عليا في التحليل الكيميائي.


سوسن دهنيم

على رغم أنها للتو تعانق الثلاثين ربيعاً لكنها كائن شعري غير متصالح مع الكسل، دائمة النضال من أجل الكلمة وفضاءاتها الأوسع، هكذا نقرأ سوسن دهنيم وهي تشتغل بجد كبير بين الشعر والسرد والصحافة والتلفزيون والإذاعة.

تجتهد لتحرث مفرداتها من رحم الألم ومن التقاطاتها الموغلة في تأمل المشهد اليومي، وتجرب في اشتغالاتها تجارب تتلمس منها القلق والترقب الشديدين حين نستشعر أنها لا تركن لموئل بعصمها من الشعر وأسئلته وطرائقه.

قبل أن تلتقينا الليلة في عاصمة الشرقية الدمام كانت تعانق مساحات من الشعر في جغرافيات مختلفة .. فمن المشاغبات الشعرية بالجامعة ومرورا بأماس عربية وعالمية شاركت سوسن دهنيم الشعراء في صيد الحلم وبناء بيوت اللغة في بعض عواصم العالم ... انطلقت من شاطئ اللؤلؤ واليامال بعاصمة القلب المنامة لبحار وحقول مختلفة في دمشق وعمّان ومسقط والجزائر والكويت وشاركت في مهرجان لوديف ( أصوات من المتوسط ) في دورته العاشرة والذي يقام في مدينة لوديف بفرنسا.


بيانات رجل شرقي

شعر - مروان خورشيد


بيان رقم 1

عذباً كان الهلال

يقطّر فضة في اليدين

ويفيض بالندى في فم المساء

عذباً كان يفتش عن شروده فيّ

كالغزال يركض تحت

قميص مبلل بارتعاشات الشوق

يوزع سكا كر لهفته في اليدين ،

وفي المدى يرتبك آخر سؤال :

لِمَنْ كلّ هذا المطر أيتها العابرة سدرة اللقاء ؟


بيان رقم 2

عذبة كانت

وطاهرة كالغسق في أول النداء..

وكانت الرعشة تفيض من خوابيها

فيسيل في اليدين ماء

يشبه أي شيء أخضر إلاّ الماء!!..


بيان رقم 3

تميل مدثرة بفرو القصائد والوشوشات

والهمس المطل من آخر الصيف

وفي الانتظار وردة عذراء

تعانق سرية اللقاءات

وخلف النوايا ..

وحش يباغت كلامها في المساء

وفي الصباح تميل من جديد مع الندى

معلنة تمرداً أو انقلاباً على مما لكِ الشجر

كلما طال أخضرها السماء!!..


بيان رقم 4

منذ سمائك الأخيرة

وأنت تهبط في الكلام ..إلى القتل

إلى المقصلة

منذ وقتك في الماء

وأنت تغزو هواء القصيدة

علّ موتك الأخير

يصعد نحو الهاوية

فتسقط على عريشة

من الأحلام القتيلة

أيها السيد..لمن تحاصر ورودها

وتبكي جنازتين

عُدْ إلى حتفك في حزن القصيدة

لأنني قرأت صباح الغد..

نعوتك في الجريدة!!..


بيان رقم 5

مَنْ منا يكون في الآخر غامضاً..

حتى يشرق في الحضور

فيغيب عن الورد

كأنه الماء يعيد ترتيب انبثاقه من جديد


بيان رقم 6

أنت شجرة اللوز

وآية الكرسي تتلى كي يكتمل معناي

وأنا نبي الأشجار –

أصل دوماً متأخراً

بعد الخريف بصيفين أولد

قبل الشتاء بربيعين أزهر

أنا من أعطى الكائنات معناها في الوصول

ثم غاب

كي يطيل التأخر ..

وأنت مَنْ أصغت لنحلها

كي تجني العسل من زهور الكلام !!.


بيان رقم 7

أيها الموغل في الربيع

تذكر كم وردة تستطيع أن تصطاد فراشاتك

وكم من العشب يكفيك لتعشق القصيدة

وكم من الغناء في السفر الطويل يعلو كي تجيء مع ريح هادئة

أيها الممتد فوق قصب النشيد

تذكر حينما تعود أن المدينة في انتظار رحيلك الأخير

وإن الخسائر أقل بكثير من حضورك

في الوردة ..

والقصيدة ..والقلب !!

العدد 2904 - الأربعاء 18 أغسطس 2010م الموافق 08 رمضان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 10:23 م

      حماة

      شاعرانا قدما الجميل ولكن اتمنى اعطاء من مثل هؤلاء ايام وليس سويعات

    • زائر 1 | 6:31 ص

      رائع جدا (م، ع \\ ابو ابراهيم)

      السلام علكيم ورحمة الله وبركاته
      مروان خورشيد
      زميل واخ عزيز وغالي
      عبقري في مجال الكيمياء الشعرية
      كم كنت اتمنى ان احضر معه الامسيات الشعرية
      لكي استمتع بجو مشحون من أحاسيس شعرية في تلك اللحظات
      تحية طيبة لكم

اقرأ ايضاً