العدد 999 - الثلثاء 31 مايو 2005م الموافق 22 ربيع الثاني 1426هـ

وزارة الشئون الإسلامية وتدنيس القرآن

وجهة نظر

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

مازال الكثير من المراقبين للشأن العام في البحرين مستغربين من عدم بروز حال علنية من الغضب إزاء الأنباء التي ظهرت أخيرا بشأن تدنيس القرآن الكريم في معتقل غوانتنامو بالولايات المتحدة الأميركية. واستفسر عدد منهم عن سر صمت الشارع العام البحريني تجاه هذه القضية التي أثارت شعوب العالم الإسلامي أجمع. في حين ثارت جموع المواطنين عندما تم تدنيس المسجد الأقصى على أيدي اليهود، وكذلك عندما دنس جنود القوات الأميركية المقدسات الإسلامية في النجف الأشرف.

مثل هذه الحقيقة طبعا لا تدعو إلى الإثارة والتحريض، وإنما تسعى إلى تحليل تداعيات هذه الحال التي واكبت الغضب الإسلامي العالمي من السلوك الأميركي المشين. ففي ظل صمت السلطات الرسمية البحرينية عن توضيح مواقف صريحة ومعلنة إزاء أنباء تدنيس القرآن، وكذلك تجاهل المجلس الأعلى للشئون الإسلامية هذه القضية، نشطت المؤسسات الدينية السنية والشيعية في تشكيل رأي عام محلي يستنكر التصرف الأميركي من خلال استعراض تاريخ المؤامرات الغربية والصهيو مسيحية ضد الإسلام والمسلمين من دون تقديم الحلول العملية لمواجهة مثل هذه التصرفات التي تظهر بين الحين والآخر، ومن دون تأكيد أهمية وحدة المسلمين في كل مكان بتوضيح القواسم المشتركة التي تربط بينهم في العقيدة والاعتقاد الفكري.

وقد شكلت هذه الأوضاع فرصة لأحد المنتمين إلى المؤسسة الدينية السنية في محافظة المحرق، عندما استغل هذه الحادثة، وانتقدها بشكل أكثر من موجز، وربطها برؤية اعتبرها "إسلامية" تتناول واقع الأوضاع في الأراضي العراقية، والصراعات الطائفية التي تحاول بعض الفئات المتطرفة إشعالها بين السنة والشيعة. ليقوم بالحديث في خطبتي الجمعة عن "المؤامرات الدولية للقضاء على الطائفة السنية عبر تحالف شيعة العراق مع التحالف الأميركي البريطاني"، ويقوم بحشو أذهان المصلين بنصوص دينية صرفة، وشهادات قيادات اعتبرها "موثقة" من العراق، تؤكد الهجمة التي تبذل من أجل تصفية علماء السنة. ولم يكتف بذلك بل حرص على ختم خطابه بالدعاء على من يقوم بهذه "المؤامرة".

هذا الموقف يكشف لنا مرة أخرى خطورة الدور الذي تقوم به المؤسسات الدينية، فهي بإمكانها أن تقوم بدور أكثر من إيجابي في توعية المواطنين بقضايا الشأن العام والأمور السياسية، وحفزهم على المشاركة السياسية بمختلف أشكالها وهو المطلوب. وفي الوقت نفسه فإن بإمكانها أن تلعب دورا سلبيا للغاية يسعى إلى هدم المجتمع البحريني، والإضرار بوحدته الوطنية بشكل تدريجي.

لقد خلقت أجواء الإصلاح السياسي في البلاد فرصا تاريخية، لإحداث توازن إثنو طائفي في النظام السياسي البحريني، وهناك مسئولية مهمة ملقاة على عاتق المؤسسة الدينية، سواء كانت سنية أو شيعية. وعلى وزارة الشئون الإسلامية أن تقوم بالدور المطلوب عبر التوجيه من أجل تفعيل هذا الدور، وإحداث التوازن المطلوب كما أشرنا إلى ذلك سابقا بحيث لا تظهر قيادات دينية متطرفة تحاول النيل من مكتسبات الوطن السياسية والتاريخية.

فالتنوع الإثني والطائفي سمة المجتمع البحريني منذ قرون عدة، وقد لعبت ظروف التاريخ دورا في ضمان التعايش السلمي بين أبناء الطائفتين. وعلى مر التاريخ كانت هناك قوى متطرفة تدعو إلى الإخلال بهذا التعايش، وقد آن الأوان لأن تقوم المؤسسات الحكومية والمجتمع بحماية الوحدة الوطنية بتحجيم دور هذه القوى وتصاعدها في المجتمع دون محاسبتها أو إيقافها عند حدها

العدد 999 - الثلثاء 31 مايو 2005م الموافق 22 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً