العدد 1017 - السبت 18 يونيو 2005م الموافق 11 جمادى الأولى 1426هـ

علينا أن نتغير قبل فوات الأوان

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

لعل بعضنا لا يعطي لمجريات الأمور على الساحة الدولية أي اهتمام، وهناك أيضا من يعتقد بأن رياح التغيير لن تصل الى بلداننا وستتخطانا كما تخطتنا من قبل، وان كل شيء سيبقى على ما هو عليه. وعلى أساس هذه النظرة، فإن هناك ممن عاش على أساليب غير صحيحة واحيانا فاسدة، ويود ان يستمر فيما كان يقوم به مراهنا على ما ذكر آنفا.

الواقع الدولي تغير منذ الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول ،2001 وسواء اختلفنا ام اتفقنا على دواعي التغيير ومداه، فان العالم يتحرك نحو صوغ اجندة دولية جديدة تدعو الى اعتماد مفاهيم الحكم الصالح والديمقراطية وحقوق الإنسان. وهذا التغيير في الاجندة سيطول حتى الامم المتحدة التي تستعد للاحتفال بالذكرى الستين لتأسيسها في سبتمبر المقبل، كما أن المشروعات والمبادرات الدولية بدأت تفرض نفسها علينا وتطرح موضوعات لم تكن في حسبان الكثيرين ممن تعودوا على تسيير الأمور عبر اساليب غير حكيمة وغير ديمقراطية. السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط تتحدث عن ضرورة إصلاح الوضع القائم، ويحبذ الاميركان لو كان ذلك الاصلاح على النهج الاميركي، ولكن اذا لم يكن ذلك ممكنا فإن هناك توجها للقبول بالبديل حتى لو كانوا من المحسوبين على التيار المعادي للولايات المتحدة. فهناك الاصوات الاميركية والأوروبية التي تتحدث عن ضرورة التحاور والتفاهم مع الحركات الإسلامية التي تقبل الدخول في العملية السياسية، بما في ذلك حركة حماس وحزب الله، وهناك الضغوط المتزايدة باتجاه ربط العلاقات الدبلوماسية مع دول الشرق الاوسط بأجندة اصلاحية سياسية واقتصادية.

وبينما تستعد الدول للمفاوضات والاتفاق بشأن تعديل ميثاق الامم المتحدة، فان اقل البلدان اثرا هي الدول العربية. ذلك لان هذه الدول عرف عنها انها لا تحترم شعوبها، ولم يعد يحترمها الآخرون، والبلدان العربية - بصورة عامة - فشلت في كل شيء تقريبا. فهي فشلت في تحرير أي شيء من فلسطين على رغم كل ما قالت وادعت، وفشلت في برامج التنمية، وفشلت في برامج الديمقراطية. الشيء الذي نجحت فيه هو الخطابة التي لا تتصف بالصدق، كما نجحت في تمكين الفاسدين والمتملقين وعديمي الفائدة.

إن الحوارات على المستوى العالمي تخلص الى نتيجة مفادها ان اضطراب السلم الدولي سببه الحكم غير الصالح الذي انتشر في بقاع مهمة في العالم. فمنطقة الشرق الأوسط التي يوجد على اراضيها اهم مصادر الطاقة يعشعش فيها كل ما تمقته الإنسانية من اساليب الحكم الفاسد، وهذه الاساليب هي المصدر الرئيسي للأزمات السياسية التي تتغلغل على جميع المستويات. كما ان الحوارات العالمية تدعو الى انتهاج الاساليب السلمية لاصلاح الاوضاع السيئة بهدف دمقرطتها واعادة صوغ نمط جديد في التعامل بين الحكام والمحكومين.

الأمر المسيء هو ان بعض الذين عاشوا على اساليب الفساد اما انهم يغضون الطرف بانتظار اختفاء الموجة الإصلاحية لكي يعودوا الى ما كانوا يقومون به في وضح النهار، او انهم يهاجمون الدعوات العالمية بحجة انها مبررات لعودة الاستعمار. ان مثل هذا الحديث لم يعد يجدي مع المواطن الاعتيادي الذي يعيش الاذلال على يد من لا يعترف بحقوقه الإنسانية، وسواء كانت مثل هذه الدعوات العالمية بريئة ام غير بريئة، فإن واقعنا المؤلم يحتم علينا ان نعيش في عصر معولم ومترابط ومتشابك المصالح. وهذا يتطلب منا ان نصعد بمستوى معيشتنا الى ما يليق بنا وان نعيش كرماء في بلداننا، إذ احترام حكم القانون وتسييره على الجميع ولجم الفساد بكل أنواعه.

علينا ان نتغير ونلحق بالركب الإنساني المتطور، وحتى القضايا التي تلازمنا على المستوى الاستراتيجي، ستجد لها حلولا أفضل من واقعنا الذي لم نستفد منه شيئا خلال عقود مضت، اللهم سوى انتشار الفساد واختفاء قيمة المواطن وكرامته. علينا ان نتغير وان نحمل الاعباء بصورة متساوية على اساس الشراكة في بناء الاوطان.

هذه بعض الافكار التي سيزداد الحديث عنها ونحن ندخل النصف الثاني من العام ،2005 إذ تستعد البحرين لاحتضان "منتدى المستقبل" الذي سيجمع مسئولي الدول الصناعية الكبرى مع بعض مسئولي دول الشرق الأوسط من الذين ابدوا رغبتهم في التعاطي الايجابي مع مشروع اصلاح الشرق الأوسط بحسب ما تحدثت عنه مجموعة الدول الثماني قبل اثني عشر شهرا "يونيو / حزيران الماضي" اثناء قمة "سي آيلند" في الولايات المتحدة الاميركية

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1017 - السبت 18 يونيو 2005م الموافق 11 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً