العدد 1021 - الأربعاء 22 يونيو 2005م الموافق 15 جمادى الأولى 1426هـ

شمال الجنوب... جنوب الشمال

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

هل كل فقر جنوب؟ هل كل جحيم جنوب؟ لكأن هجاء وعار الأمكنة يبدءان وينتهيان به، وفي المحصلة النهائية، يطاول ذلك الفقر والجحيم شعوب تلك الجهة من حيث فقرهم في الإسهام في المنجز الحضاري الإنساني، ومن حيث جحيم الأنظمة التي وسعت من تعميق الإيمان بذلك التصنيف.

هل كل رفاهية شمال؟ هل كل فردوس شمال؟ لكأن مديح ومجد الأمكنة يبدءان وينتهيان به، وفي المحصلة النهائية، تطال تلك الرفاهية والفردوس شعوب تلك الجهة من حيث غناهم وثراءهم في الحضور الفعلي في تفاصيل المنجز الحضاري الإنساني، ومن حيث حضور القانون وآلياته اللذين يؤكدان مع كل ممارسة، مركزية الإنسان ومحوريته في تلك الرفاهية وحدود ذلك الفردوس.

هل ثمة من كان يتخيل سقوط "الشرق" من أجندة الجهات؟ بحيث يحتوي ويتضمن الشمال الغرب، فيما يدخل الشرق في تركة الجنوب؟ ففيما الأول "الغرب" يعمق مركزيته باعتباره لاعبا محوريا في الحضور الدولي والتأثير في حركته وتقريره، بل وفرض المصير الذي يرتئيه في تلك الحركة، يذوي الثاني "الشرق" كشيخ استنفذ حكمته وبصيرته وسحره وكنوزه، ما دفعه إلى تسول الحكمة والبصيرة والسحر والكنوز من أمام مداخل المصارف الدولية، في الوقت الذي ينام على محيطات من الثروات.

لكأنه تصنيف تفرضه الإمكانات والهيمنة والإمساك بأوراق اللعبة السياسية، إذ يمكن للجنوب أن يتحول إلى شمال، والشمال إلى جنوب تبعا لحضور الإمكانات والهيمنة والإمساك بأوراق اللعبة. والإحالة على التاريخ تنبئ بذلك.

كل شيء يحمل نقيضه، وضمن هذا الإطار، ثمة شمال في بعض الجنوب، وثمة جنوب في بعض الشمال. في الأول، يظل "شمال" الجنوب مكتسبا صفة الجهة الأصلية "جنوبا" بغض النظر عما أوتي خارج ذهنية ما تكرس، وهي صورة يراد تأبيدها، ويراد له أن يكون هنا ظاهرا في الصدارة من المشهد والحركة لدفع وصمة الجهة عن الجميع، بدءا بالدولة، وانتهاء بالرعية.

وفي الثاني، يراد له أن يظل معتما عليه وموارى "جنوب" الشمال، وبعيدا عن حركة الآخر لـ "جنوب" بعيد، فيما يراد لصورة "الشمال" أن تكون حاضرة وبقوة مع ضخ ما يمكن تسميته بـ "البهارج المفزعة" حين يتعلق الأمر بالآلة العسكرية وسطوتها وقدرتها على الاحتفاظ بموقعها المهيمن

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 1021 - الأربعاء 22 يونيو 2005م الموافق 15 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً