العدد 1023 - الجمعة 24 يونيو 2005م الموافق 17 جمادى الأولى 1426هـ

مجلس التنمية الاقتصادية والتحديات الاقتصادية

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

نواصل في هذه الحلقة مناقشة التحديات التي تواجه مجلس التنمية الاقتصادية. وكنا قد اشرنا في الأسبوع الماضي إلى بعض التحديات التي تواجه المجلس وذلك في ضوء نتائج استبيان بخصوص معوقات النمو الاقتصادي في المملكة. بحسب رجال الأعمال والمستثمرين هناك ست أولويات تعوق العمل التجاري في البحرين مرتبة على النحو الآتي: 1- الحصول على التمويل 2- البنية التحتية 3- كفاية القوانين والنظم 4- الحصول على قطعة أرض 5- المعاملات الحكومية بنسبة و6- تطبيق القانون والنظام القضائي. تحدثنا يوم السبت الماضي عن النقاط الثلاث الأولى ونواصل البحث بدءا بالنقطة الرابعة.

رابعا: الحصول على قطعة أرض

أورد بعض من شملهم الاستبيان أنهم يعانون من مشكلة الحصول على قطعة أرض لإقامة أو توسعة مشروعاتهم. والسبب الرئيسي لذلك يعود لعدم وجود مخطط شامل لأراضي المملكة فالأمور قابلة للتغير بين ليلة وضحاها. فتبين أنه يوجد تقسيم متكامل لـ 11 في المئة فقط من أراضي البحرين. بمعنى آخر أنه يمكن تغيير مسارات وأوضاع 89 في المئة من الأراضي الأخرى. المؤكد أن هكذا وضعا لا يرضي المستثمر إذ لا يعرف ما يمكن أن يؤول إليه مصير المنطقة التي اشترى فيها قطعة أرض إذ من الممكن أن يتم تأسيس محلات تجارية بالقرب من منطقة سكنية أو حتى فرع لمصرف تجاري بالقرب من محل خدمة السيارات. حقيقة انه لأمر مؤسف أن نرى العمران العشوائي في الكثير من مناطق البحرين كما هو الوضع في منطقة سوق واقف في مدينة حمد.

وفي هذه العجالة لا بأس من الإشارة إلى بعض ما قاله عدد من المستثمرين أثناء المقابلات التي أجريت معهم بخصوص مسألة الأراضي. يقول مستثمر محلي في قطاع السياحة "كيف أستطيع استثمار ملايين الدينارات من دون أن أعرف إذا كان تقسيم المنطقة التي سأبني فيها سيتم احترامه؟" ويقول مسئول في شركة سياحية "لا توجد إجراءات واضحة للتقدم بطلب للحصول على الأراضي الحكومية ولا توجد معايير ثابتة لتوزيع الأراضي". وبحسب عضو منتدب في شركة تطوير العقارات "نظام توزيع الأراضي يفتقد إلى الشفافية ما يجعله عرضة للفساد". بينما يقول مستشار عقاري ان "المعلومات المتعلقة بملكية الأراضي غير متوافرة والاطلاع عليها مقيد من قبل جهاز المساحة والتسجيل العقاري ومن الصعب جدا معرفة مالك الأرض". بالإضافة يقول مالك مصنع صغير "لم أستطع الحصول على قطعة أرض جيدة في المنطقة الصناعية لذلك لا أعرف كيف سأتمكن من التوسع؟". أخيرا وليس آخرا يقول مسئول في شركة فنية "نعاني منذ فترة في سبيل الحصول على قطعة أرض بجوار المطار وخصوصا أن معظم تلك الأراضي مملوك للحكومة".

لكن يبدو أن الأمور بدأت تسير في الاتجاه الصحيح بعد الإعلان رسميا عن مشروع المخطط الاستراتيجي الهيكلي الوطني لمملكة البحرين إذ تم إسناد الأمر الاستشاري لشركة "سكديمور وأونيج ومورل" الأميركية بمساعدة مقدمة من أربع شركات بريطانية. بحسب مجلة "ميد" المتخصصة في اقتصادات الشرق الأوسط فإن هذه الشركات هي أولا "دي تي زد" للقيام بالدراسات الاقتصادية "يلاحظ أن هذه الشركة مرتبطة بمشروع إنشاء برجين من 50 طابقا في مجمع الشيراتون". ثانيا "أتكينز" للقيام بالدراسات المتعلقة بشؤون البيئة والبنية التحتية. ثالثا "جي ام بي" لتخطيط المواصلات. رابعا "باتل مكارثي" بخصوص تقسيم الأراضي. كما تم تعيين شركة محمد صلاح الدين البحرينية لتنسيق الأعمال على المستوى المحلي.

خامسا: المعاملات الرسمية

تبين من الاستبيان وجود تذمر من الخدمات المقدمة من بعض الدوائر الرسمية. فتبين أن 29 في المئة فقط ممن شملهم الاستبيان راضون من المعاملات الحكومية. وزعم آخرون أنه في بعض الأوقات توجد ضرورة لتقديم نوع من المعاملة الخاصة حتى يتسنى لهم الحصول على الخدمات المطلوبة. وقد اعترف 43 في المئة ممن شملهم الاستبيان بدفع رشا للحصول على الخدمات الحكومية بالسرعة المطلوبة. لا شك أن المطلوب من مجلس التنمية الاقتصادية إجراء تقييم لمسألة قيام بعض مقدمي الطلبات دفع رشا لموظفين رسميين يحصلون على رواتب.

من جهة أخرى تعاني البحرين من مشكلة البيروقراطية. بحسب المنتدى الاقتصادي العالمي فإن البحرين تعاني من تعقيد في الإجراءات الرسمية إذ تحل في المرتبة 81 في العالم من حيث العوائق البيروقراطية "حصلت فنلندا على أفضل نتيجة بينما حلت الإمارات في المرتبة 66 دوليا".

أيضا لا بأس بالإشارة إلى ما آل الوضع إليه فيما يخص محاربة الفساد الإداري والمالي في ظل تراجع أداء البحرين على "مدركات الفساد" في تقرير الشفافية الدولية للعام .2004 بحسب المنظمة الدولية والتي تتخذ من ألمانيا مقرا لها تراجع مركز البحرين في المؤشر من المرتبة 27 في العام 2003 من بين 133 دولة إلى المرتبة رقم 34 في العام 2004 بين 146 دولة على مستوى العالم. تعرف الشفافية الدولية الفساد على أنه "سوء استعمال الوظيفة في القطاع العام من أجل تحقيق مكاسب شخصية" ولا تميز بين الفساد الإداري والفساد السياسي، أو بين الفساد الصغير والفساد الكبير. وترى أن عمليات الفساد تسلب البلدان طاقاتها وتمثل عقبة كأداء في طريق التنمية المستدامة. من جهة أخرى ففي الوقت الذي حدث تراجع لموقع البحرين على المؤشر سجلت أهم دولة منافسة للاقتصاد البحريني نقلة نوعية في أدائها. تحديدا نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة من تحسين موقعها في مؤشر مدركات الفساد من المرتبة رقم 37 إلى المرتبة 29 في غضون سنة واحدة.

سادسا: تطبيق القانون والنظام القضائي

حقيقة لا تتوافر معلومات تفصيلية بخصوص أداء الجهاز القضائي. لكن تتكرر شكاوى بين العموم من طول الإجراءات القضائية والاستئناف فضلا عن كلفة المحاكم. كما تبين أخيرا قيام حفنة من العاملين في الدوائر الرسمية بسرقة ملفات تخص بعض القضايا لقاء الحصول على عائد مادي. من جهة أخرى فإن الحكومة مطالبة بإقناع الناس بأن القوانين تطبق على الجميع من دون استثناء وخصوصا أن تاريخنا لا يشفع لنا لكونه مليئا بالاستثناءات. وفي هذا النطاق لا بد من الإشارة إلى موضوع بناء "جدار العزل" في المالكية الذي أثار سخط الشارع البحريني عموما "وقد تطلب احتواء الأزمة تدخل جلالة الملك".

المؤشرات الأولية لأداء مجلس التنمية الاقتصادية

ختاما تشير المؤشرات الأولية إلى أن مجلس التنمية الاقتصادية مصمم على تحقيق نقلة نوعية في أداء الاقتصاد البحريني. يلاحظ في هذا الإطار تبسيط الخطوات المتعلقة بإجراءات تسجيل الشركات الجديدة وإلغاء الضمان المادي على منح السجلات. لا شك في أن مسئوليات جسام ملقاة على عاتق هذا المجلس الفتي. المؤكد أن التاريخ سيحكم على أداء المجلس وليس برامجه. المطلوب من مجلس التنمية الاقتصادية أن يحول أقواله إلى أفعال. السؤال الذي يطرح نفسه هو هل بمقدور البحرين مجاراة كل من دبي وقطر في التطور الاقتصادي؟

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 1023 - الجمعة 24 يونيو 2005م الموافق 17 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً